الشيخ الصفار: وحدة الأمة أمانة في عنق الجميع

مكتب الشيخ حسن الصفار عبدالباري الدخيل

حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من اللعب بنار الطائفية التي إن اشتعلت فإنها ستحرق الأخضر واليابس دون أن تفرق بين حاكم ومحكوم.

وأوضح أن وحدة الأمة وعودتها الى سابق عهدها من الألفة والمحبة بيد القيادات السياسية والدينية، وإن أخطر ما تمر به الأمة أن تشارك بعض القيادات في هذه اللعبة الخطيرة.

جاء ذلك خلال محاضرة بعنوان «نبي الألفة  والمحبة» ألقاها في جامع جدحفص يوم الخميس 3/3/1428هـ، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الثقافي الثاني في حب المصطفى الذي تنظمه إدارة الشئون الدينية بوزارة العدل والشئون الإسلامية بمملكة البحرين، التي ذكر فيها أن: الإلفة والمحبة من جملة القيم التي جاءت بمجيئ الإسلام، فالأمة قبل ذلك كانت مفككة تعيش تحت وطأة الحروب والتناحرات التي عرفت فيما بعد بأيام العرب.

في تلك الأيام التي فقدت الأمان واستبدلته بالتناحر جاء نبي الرحمة واستبدل الخوف بالأمن والحرب بالسلام.

مؤكداً على أن المؤرخين والباحثين المنصفين حين يقرأون سيرة النبي ويقارنونها مع سِير عظماء التاريخ البشري فإنهم يذعنون بأنه صاحب أهم انجاز للتغيير البشري، وهذا ما أكده الدكتور (مايكل هارت) الباحث الأمريكي الذي وضع الرسول على رأس قائمة أهم مائة شخصية في تاريخ البشرية، ووصفه بأنه «الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي».

ثم تحدث سماحة الشيخ عن الجانب الأبرز في الإنجازات النبوية والذي تمثل في صنعه للمجتمع المتآلف والمتحابب، في بيئة اجتماعية احترفت الصراع والنزاع، وأيام العرب خير شاهد على ذلك، فقد ذكر بعض المؤرخين أن أيام العرب 1200يوم، وذكر آخر أنها 1700يوم، أي معركة، وليس يوم زمني فيوم كيوم داحس والغبراء دام 40 سنة.

ثم تساءل سماحته: كيف تآلف ذلك المجتمع المتحارب المتمزق؟

وأجاب موضحاً: أن الله تعالى يقول:﴿فألف بين قلوبهم وهذه الألفة في القرآن تحمل دلالتين:

الألى: أن الوحدة لم تكن بالأجساد، وأن المشاعر لم تكن ظاهرية وإنما هي وحدة حقيقية إنها وحدة القلوب.

ثانيا: لم تكن ألفة القلوب فقط بالتدخل الإلهي بل كان لرسول الله دور كبير في توطين تلك القيم النبيلة.

مؤكداً: على أن تلك القيم النبيلة تقوم على عدد من الركائز أهمها:

1/ التهذيب الأخلاقي:

فالإنسان تتقاذفه أمواج الأخلاق الفاضلة والسيئة ولكي يستمر التحابب والإلفة لا بد من القضاء على سوء الخلق والحسد والتباغض بالتقوى وتهذيب الأخلاق التي تنشر المحبة بين الناس.

2/ المساواة بين الناس:

فالإنسان الذي يحس أنه مميز يتعامل مع الآخر بتعالي، والآخر من جانبه يحقد على هذا المميز مما يخلق العداواة والبغضاء، وقد أشار النبي إلى ذلك حتى على مستوى الأطفال، فقد وجّه أباً قبّل طفلاً ولم يقبّل الآخر وطلب منه أن يقبّل الآخر، كل ذلك لكي لا ينمو التمايز بينهما فيتحول إلى حقد وضغينة.


3/ الأهداف العالية الجامعة:

الأمة التي تعمل على هدف كبير تنشغل به عن التوافه، وقد زرع رسول الله في الأمة هدف نشر الإسلام وانقاذ البشرية من الظلمات إلى النور، ويا له من هدف كبير لا ينظر بجنبه إلى أي شيء من التوافه.

4/ ثقافة المحبة:

لقد بث الرسول المصطفى بين الناس أحاديث وكلمات تحث على المحبة كما أن سيرته كانت نموذجاً مشرقاً لهذه الثقافة.

مستشهداً على ذلك كله بذكر بعض الأحاديث النبوية والقصص من السيرة والتي تدل على هذا الجهد الذي بذله لتغيير الأمة.

ثم ألفت الأنظار إلى أن عودة الأمة إلى دائرة المحبة والألفة لا يكون الا بتوطين مثل هذه القيم النبيلة بين الناس، وهذا العمل لا تتحمل مسئوليته جهة دون أخرى بل الأمة كلها مدعوة للتحاب، كما أن وحدة المجتمع مسؤلية كل طبقاته الاجتماعية من حكام وعلماء بل وحتى الشعوب تشترك في هذه المسؤلية.

وختم كلمته بالتحذير من اللعب بنار الطائفية التي إن اشتعلت فإنها ستحرق الأخضر واليابس دون أن تفرق بين حاكم ومحكوم.