الشيخ الصفار: احترام الحياة يوفر الأمن للمجتمع

مكتب الشيخ حسن الصفار عبدالباري الدخيل

أكد سماحة الشيخ حسن الصفار في خطبتي الجمعة على أهمية احترام الحياة مبينا ما في ذلك من فوائد عظيمة على الفرد والمجتمع ، مؤكدا على أهمية الموعظة في تقويم السلوك الاجتماعي.

وقد تطرق سماحته في الخطبة الأولى إلى ما يتميز به الإسلام من دعوة للحياة الشاملة بجانبيها المادي والمعنوي، عكس بعض الحضارات التي توفر الجانب المادي ملغية الجانب المعنوي من برامجها، مما يؤدي للتخبط في وسط أفرادها.

مبينناً سماحته أن: الله سبحانه وتعالى هو من يهب الحياة للإنسان، وهو بيده أن يبقي الإنسان متمتعًا بهذه الحياة، لذا فحياة الإنسان بدأت بقرار إلهي، وتستمر ـ كذلك ـ بقرار إلهي، فلا يجوز ـ في التشريعات والأديان ـ أن يزهق الإنسان روحه بأي سبب وحجة.

فالفقهاء المسلمون ـ ويشاركهم أتباع الديانات السماوية ـ يفتون بحرمة إجهاض الجنين، لأنه إزهاق للنفس البشرية التي أوجدها الله سبحانه، وليس للإنسان تقرير المصير فيها.

والأمر ذاته بالنسبة للميت سريريًّا، حيث يحرم نزع الأجهزة عن المريض الذي حكم بموته سريريًّا، بل يطلق على من يقوم بنزع الأجهزة الطبية عن المريض ويتسبب بتسريع موته أنه قاتل، حسب فتوى الفقهاء.

بل حتى الأحكام الشرعية إذا كانت تتسبب في ضرر يؤثر على حياة الإنسان، فالإسلام يأمر بعدم القيام بها، وذلك مثل الصوم إذا كان يضر بصحة الإنسان.

ومن الأحكام الفقهية: أنه يحرم على الإنسان أن يُقْدِم على قتل نفسه (أن ينتحر)، بل حتى مجرّد تمني الموت مكروه في الإسلام. فقد ورد أن الرسول دخل على عمّه العباس، وهو في مرض شديد تمنى بسببه الموت، فقال له الرسول : «يا عباس، يا عمَّ رسول الله، لا تتمنَّ الموت، فإن كنت محسنًا فتزداد بحياتك إحسانًا، وإن كنت مسيئًا فتؤخر حتى تستعتب».

كما بين سماحته ما للدم من حرمة عند الله محذرا من خطر الاشتراك في إزهاق الأرواح: لو تأملنا النصوص الإسلامية لما وجدنا أن هناك ذنبا وجرمًا أعظم في الإسلام من إزهاق النفوس، فالدماء خط أحمر، يقول تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا (المائدة: 32)، فهذه الآية الكريمة توضح أن إزهاق النفس خط لا يجوز تجاوزه إلا في حدود القصاص، بل حتى القصاص لا يجب إزهاق النفس فيه إذا عفا ولي الدم، يقول تعالى: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا(الإسراء:33).

وهناك روايات كثيرة تشير إلى خطورة وحرمة إزهاق النفس، ورد عن الرسول : «لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا»، «أول ما يقضي الله سبحانه وتعالى بين الناس يوم القيامة سيقضي في الدماء»، «من أعان على دم حرام بشطر كلمة لقي الله تعالى يوم القيامة مكتوبًا على جبينه آيس من رحمة الله»، «لَزَوالُ الدنيا وأهلها أهون عند الله من دم إنسان يسفك من دون حق».

هذه الآيات وهذه الروايات تدل على عظمة هذا الإنسان وحرمته وهذا يعني توفر الأمن والأمان في المجتمع.

ثم تحدث سماحته عن قيمة الإنسان في حضارة اليوم وقسمها إلى قسمين:

1/ قيمة الإنسان في دول القمع والاضطهاد وما يلاقيه هذا الإنسان من قتل وسجن وتغذيب ومصادرة لأبسط حقوقه الإنسانية.

وقد ضرب سماحته أمثلة لما كان يلاقيه الإنسان العراقي أيام الحكم الزائل هناك، حيث كان الإنسان يقتل على الشبهة، بل ولا يكتفون بذلك بل قد تقتل عائلة كاملة بسبب تهمة توجه لفرد من افرادها.

2/ قيمة الإنسان عند المنظمات الإرهابية: إن ما يحدث من قتل منظم في بعض البلاد الإسلامية هو من أعظم المصائب التي تمر بالبشرية اليوم، وأسواء ما فيها أنها تنسب الى الإسلام.

مشيرا سماحته إلى ما حدث خلال الأيام الماضية من تفجيرات في المغرب والجزائر بالإضافة إلى ما يحدث يوميا من قتل وتدمير في العراق.

وقد ختم سماحته الخطبة الأولى بدعوة لبناء الإنسان منذ الطفولة: في المنزل يجب أن تتحمل الأسرة مسئولية تنشئة أبناءها على حب الحياة والابتعاد عن العنف وأن لا نتساهل تجاه الظواهر والسلوكيات العنفية مهما صغرت، فإن النار من مستصغر الشرر.

وفي الخطبة الثانية أكد سماحته على أهمية الموعظة في تهذيب السلوك وإحياء القلوب مستشهدا بقول أمير المؤمنين : «احي قلبك بالموعظة».

وأشار سماحته إلى أن دور الموعظة هو النصح والتذكير بالخير والتخويف من العواقب التي تجرها الغفلة.

مؤكدا أنه يوجد موعظة واجبة في الإسلام هي خطبتا الجمعة فهما جزء من الصلاة، كما تشير النصوص إلى أنهما بمثابة الركعتين اللتين أنقصتا من الصلاة، كما أن من أهم محتوياتمها الوعظ والإرشاد والوصية بالتقوى، ويجب الإصغاء لهما من قبل المأمومين.

ثم تطرق سماحته لبعض أحكام الخطبتين، وما يجب على المأمومين فعله أثناءهما مبيننا كيفية أداء صلاة الجمعة والعدد المشترط لإقامتها ووقت الصلاة من خلال الفقه المقارن بين آراء مختلف المذاهب الإسلامية.

خطبتا الجمعة، بتاريخ 3/4/1428هـ .
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عماد
[ الشرقية ]: 24 / 4 / 2007م - 12:42 ص
احسنت شيخنا