الشيخ الصفار في جلسة حوار مع آهالي القارة

مكتب الشيخ حسن الصفار منتديات عيني عالقارة

تقرير حول زيارة الشيخ الصفار لمنطقة القارة بالأحساء، والحوار المفتوح الذي دار بينه وبين أخوانه وأبنائه هناك، كان ذلك يوم الخميس الموافق 29/03/2007م. وقد نشر تقرير قبل ذلك للأستاذ صادق راضي العلي تحت عنوان: الشيخ الصفار بين حفاوة «الشهارين» وصفاء «القارة».

وهذا موجز الحوار:

الخطابة المنبرية

الشيخ الصفار: ينبغي الإشادة بالأصوات الواعية الموجودة لدينا، وبمستواهم الجيد ولو كانت الغلبة لبعضهم الآخر. وهناك الكثير من التجارب لمثل هذه الفكرة ولعل كتاب (تجاربي مع المنبر) لعميد المنبر الحسيني الشيخ الدكتور أحمد الوائلي (رحمه الله)، لهو دليل على ارتقاء المنبر الحسيني والمستوى الخطابي، ويبقى الأمل والتطلع السمة الأبرز فيها، ولعل ما تمر به هذه المرحلة من الظروف العقائدية والتشكيك في بعض المعتقدات، يساهم بشكل وآخر في تفاعل الخطيب مع قضاياه ورجوعه إليها، ولكن والشيء المرجو منه هو الطرح العلمي والموضوعي، بدل من التعبئة والتحريض الطائفي ضد الأخر، وهذا يعمق الكراهية بين الطرفين مما يسبب ردود فعل متباينة بينهم.

اختلاف الرأي وتقبل الآخر

أشار الشيخ الصفار إلى أننا يجب علينا نقبل الآخر وآرائه، على الرغم من عدم اتفاقنا في نفس الرأي وهذا حديث واسع، ويحتاج الوقت في تفصيله وبيانه، ولكن علينا التأمل في:

هل كل مخالف جاحد وكل مخالف يدخل النار؟

وهذه مسألة يعاني منها المتدينون في وسطنا من الجانبين، والشيء المهم بأن كل شخص لا يختار النار لنفسه ولا يختار الباطل كذلك، وإذا علموا ذلك فسينتج لدينا حوار مع الآخر، وسيجتهد كل منهم لإظهار الحق وبيان الحقائق.

الحوار الوطني

أعزائي، من أبرز التجارب الماضية هو ظهور رجالات الشيعة والاعتراف بالمذهب، والحوار بحد ذاته اعتراف بالطرف الثاني والإقرار بالتعددية المذهبية ولعل ما كسبناه هو الجلوس مع الآخرين ومحاولة تقبلهم لك وبل الرد السلام عليك وهو النوع السائد في الماضي وتساهم هذه الأجواء في إظهار الشخصيات للوسط السياسي للاستفادة منهم لتقديم الكفاءات لخدمة المصلحة العامة.

تمثيل الطائفة

هل تكفي شخصية واحده لتمثل الطائفة؟

لا تكفي شخصية واحده، بل يحب تكوين طبقه سياسيه لتمثل الشيعة في تلك الأدوار، والتواصل مع المسؤولين على الرغم من الصعوبات التي تواجههم اليوم، وشغل المجموعات يشكل لنا كيان ووجود أسوة بعمل القبائل والأسر العريقة، ويجب النظر إلى الأمور التي تحققت بدل من تلمس النقائص وبعض السلبيات الموجودة.

هذا جزء من الحوار المفتوح لسماحة الشيخ حسن مع الحضور وذلك عندما حل مساء الخميس الماضي ببلدة القارة، في ضيافة السيد بكر العبد المحسن وإخوته، وبحضور نخبة من أبناء البلدة الغالية، وعدد من الضيوف الكرام.

وبدا اللقاء بكلمة ترحيبية للوالد سماحة الحجة السيد أبو رسول، أثنى فيها على الشيخ وبالأدوار التي مازال يقوم بها، وركز على مبدأ تمام مكارم الأخلاق تبعاَ للحديث النبوي الشريف «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».السيد أبو رسول

وأشاد السيد بدور الشيخ حسن في إصلاح ذات البين وما يقوم به الشيخ من جهد جبار في ذلك، ولرفع مذهب أهل البيت كداعية عالم عامل.

بعدها قدم الأستاذ جعفر عمران الشيخ حسن الصفار للجمهور من خلال استعراض شامل لمسيرة الشيخ، ونضاله ومراحل تعليمه ومؤلفاته.

ودار الحوار مع الشيخ كالتالي:

س1/ الشيخ حسن الصفار كيف تستفيد من سيرة الرسول الأعظم في عصرنا الحاضر لنبذ العنف والقوة ومحبة التسامح والتلاقي مع مختلف أطياف المجتمع؟

في بداية حديثه شكر الشيخ حسن الصفار السيد بكر على هذه الدعوة الكريمة. وأشاد بالسيد أبو رسول وتمنى بأن يكون عند حسن ظن السيد به.

يقول الشيخ حسن سؤال جيد وبالخصوص في هذه الظروف ونحن بالقرب من المولد النبوي الشريف، وما تمثله شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله من التسامح والخلق العظيم وهو مصداق للآيات القرآنية ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ و ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ .

وأشار الشيخ بأن الإنسان قد يواجه الإشاعات والسباب والشتم وغيرها مما يحز في نفسه، ويحدث لديه رد فعل فيجد أمامه طريقان:

1ــ الانفعال والتفاعل مع الموضوع بشكل عكسي وهذا ما كان يحدث للعرب سابقاً، ولعل داحس والغبراء أكبر دليل على ذلك الانفعال، مما يؤدي إلى التناحر وبث روح الفرقة والعداء.

2 ــ طريق امتصاص الغضب ومعرفة التعامل مع الموقف بشكل هادئ يسبب في تراخي الأمر، بدل من اشتعاله بشكل أكبر، وهذا ما حدث اليوم في إخماد الأفكار الطائفية المحرضة والنزاعات المذهبية التي كانت تحيط بعض المجتمعات الإسلامية وكيفية ردها والتصدي لها.

وهذا ما كنا نراه في شخصية الرسول من خلال مواقفه ونشر ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر وتقبل آرائه.

س2/ دعوت يا فضيلة الشيخ في خطبة الجمعة الماضية الرابع من شهر ربيع الأول القيادات السياسية في مؤتمر القمة العربية للتوجه لمعالجة جراحات التمزق في الأمة، وأنها تنعقد في أخطر الظروف التي تواجه الأمة العربية. ما هو الهدف من هذا التفاعل؟ والى أي مدى يمكن أن يصل صوت رجل دين شيعي إلى القيادات السياسية.

في الإجابة على هذا التساؤل لدي جانبان:

1ــ إيصال الرسالة إلى الجهات المتخصصة.

2ــ ينبغي علينا التزود بالثقافة الراهنة مع محاولة فهم الظروف الحالية لمعالجة القضايا الاجتماعية، بدل من التحدث المستفيض عن الماضي وقضاياه الشائكة، ولعل البعض يتجنب ذلك للجانب الأمني والخوف السياسي، على الرغم من حرية التعبير، وبشرط أن يكون الكلام أو التعبير مسئولا يخدم المصلحة العامة للبلد، ولقد تعودنا على ذلك من خلال المقابلات التلفزيونية أو اللقاءات الصحفية أو الحوارات الشخصية، التي يجب أن تبنى عليها مصلحة الوطن والمواطن، ولعل من خلال تجربتي ينبغي أن نقدم تجربة للخطاب الديني المعاصر ليواكب جميع التطلعات.

س3/ وأيضا دعوت في الخطبة نفسها جميع المواطنين لأن يأخذوا دورهم في تقديم آرائهم للمؤتمر، وأن يضغطوا باتجاه اتخاذ القرارات الصائبة والتي تحقق للأمة استقرارها وأمنها.
ما هو البعد الذي يحمله الشيخ حسن الصفار بهذه الدعوة أو هذه الالتفاتة؟

كل شخص منا يملك عقلاً ورأي، فينبغي علينا استغلاله بشكل مناسب، من خلال التخاطب مع الآخرين، ومع الرجوع إلى المختصين في ذلك إذا لزم الأمر، وأما الأمور الأخرى فيجب على كل إنسان تكوين آرائهم وبناء شخصيتهم ومحاولة التعبير عنها، وهذا من حرية التعبير عن الآراء المسموح بها، وادعوا كل من يكون رأيه في أي جانب أن يعبر عن رأيه، خصوصاً في ظل توفر الوسائل الإعلامية المختلفة والمتعددة.

س4/ قلت في كتاب (المذهب والوطن) أن التعايش والاندماج الوطني قضية ملحة يجب تحقيقا لهذا الوطن والتي يجب أن تبدأ من المناهج التعليمية، ولا بد من وجود خصوصيات تتسع للجميع من خلال التأكيد على القاسم المشترك والهوية الوطنية الواحدة التي تحترم الخصوصيات.

بهذا التصور أنت تقف في منطقة حساسة جدا، ما مدى فبول هذا الطرح لدى الطرف الآخر وأيضا في محيطنا الشيعي؟

لو دققنا النظر في المشاكل التي نعيشها في مجتمعنا وأوطاننا نرى التوصيف والأسباب في ذكرها على حساب تلمس الحلول ومحاولة علاج المشاكل الطائفية. خصوصاً بأننا في وطننا ومجتمعنا الذي ولدنا فيه، ويجب علينا الدفاع عن وطننا ومذهبنا وكياننا الاجتماعي، ولقد رأى الكثير منا هذا الرأي، وهو الانفتاح على الدولة ومحاولة التواصل معها، وكذلك مع إخواننا من الفرق الأخرى فنتحدث معهم عن مشاكلنا والمطالبة بحقوقنا، بدل من التخندق في أماكننا والابتعاد عن الأخر والتفرقة بيننا، وكذلك لإيصال الصورة بشكل صحيح.

وأنا متفائل بأن البلدة فيها إرادة سياسية للتعايش مع الآخر، ولو تأخر ذلك الشيء وبطأ، ولكن هذه المعادلة هي المنتصرة غالباً.

ولعل الحوار الوطني فرصة للتحدث مع الآخر وإزالة بعض الانطباعات التي بيننا خصوصاً في ظل هذه المظلة الوطنية.

وتأسيس هيئة لحقوق الإنسان أمر مفيد كون الجهة للجميع، وتسعى لرفع الظلامات التي قد تقع لنا حتى لو احتملنا قلة الأنصاف لنا.وأما الجانب الإعلامي فهو منبر حر، بدل من التقيد والكبت الذي مورس علينا من عدم نشر بعض المقالات وطباعة بعض الكتب، وهي فرصة الآن يجب أن نستفيد منها بشكل مباشر والاستفادة من كل الأمور المساعدة لنا في إبراز آرائنا وتثبيت تواجدنا.

س5/ ترى أن هناك حركة إصلاحية في المملكة بدأت من خلال إطلاق مؤتمر الحوار الوطني، وتشكيل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وإجراء الانتخابات البلدية، والمرحلة المقبلة ستشهد ان شاء الله تفعيل هذه المبادرات، وإكمالها بمبادرات جريئة على طريق الإصلاح.
ما مدى تفاؤلك بهذه الإصلاحات؟

أنا متفائل جداً بأن هناك توجه من قبل الدولة لتقبل الآخر والتفاعل معه، ولكن يجب أن نتعامل مع الإصلاح والتغيير بشكل أسرع ومباشر، والإستفادة من الظروف الحالية،وهذا موجود بشكل أكثر مع جميع الأطياف والشرائح الإجتماعية. وكذلك محاولة الحد من ظاهرة الفساد، ولعل المهم في ذلك هو إنشاء هيئة لمكافحة الفساد، وهذا الاعتراف بأن بعض المؤسسات قد يحيطها بعض الشوائب والفساد وحتى لو كان التحرك بطيء، فهو إيجابي ويجب الاستفادة من الفرصة المتاحة لنا اليوم.

بعدها تم تكريم الشيخ حسن الصفار بدرع تذكاري.

ولقد تحدث السيد بكر للقارة نت قائلا: إن الجميع يملك روح الانفتاح، واستيعاب جميع المناهج المطروحة هذه الأيام، وتحقيق معنى المواطنة والانتماء المذهبي، وهي نواة جيدة تعطي دافعاَ للانطلاق في الحوار إلى نقاط للعمل، وتفعيلها بشكل محسوس، وتدلك على الانتماء للوطن من محبي أهل البيت عليهم السلام.

ولقد صرح الشيخ حسن الصفار أيضا للموقع الإخباري لشبكة القارة نت قائلا: أعرف مدينة القارة كإحدى واحات العلم والأدب في الإحساء، ولأهلها في نفسها مكانة كبيرة مميزة لما اتصفوا به من ولاء للدين وكرم وأخلاق، لذلك أشعر بسعادة بالغة وأنا أزور هذه المدينة العزيزة على نفسي والتقي بصفوة أهلها الكرام، وما سمعته من مداخلات وأسئلة في هذا اللقاء الكريم، أكد لي نضج الوعي والاهتمام الوطني في نفوس هذه النخبة الطيبة.

أشكر الأخوة الكرام السيد بكر وإخوته على إتاحتهم لي لهذه الفرصة، وأرجو الله أن يجزيهم خير الجزاء، وأن يديم لوطننا الغالي كل الخير والتقدم، وأعتذر عن كل تقصير أو هفوة.