الشيخ الصفّار: الإسلام بريء من الروح الجاهلية العصبية المسيطرة داخل المجتمعات العربية

﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾^[1] .

هذه الآية القرآنية تضع قاعدة موجّهة ـ بالأساس ـ إلى المجتمع الإنساني، حيث عبّرت الآية بِـ «قوم» التي تفيد معنى المجتمع أو الجماعة الإنسانية، وتؤكّد أن سبيل التغيير الاجتماعي نحو الأفضل أو الأسوأ يأتي ـ بالدرجة الأولى ـ من الداخل.

وهذا ما يؤكّد عليه سماحة الشيخ حسن الصفّار في أكثر من مناسبة وحَدَث، وبخاصّة حينما تتعرّض الأمة الإسلامية لبعض الأحداث المفصلية في تاريخها كالمرحلة التي تمرّ بها الأمة اليوم وما تواجهه من أخطار الفتنة والتفرقة والتمزّق، فيؤكّد في هذه المناسبات على ضرورة إصلاح ما نعيشه من خلل في الداخل في العلاقات وأسلوب الحياة وفي السلوك وغيرها من المظاهر السلبية.

وفي خطبة الجمعة اليوم(*) تحدّث سماحته عن الآية القرآنية: ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾^[2] .

فبيّن الشيخ الصفّار أن سياق الآية كان حول الامتنان على المسلمين بنعمة الوحدة بعد أن كان العرب يعيشون حياة الاقتتال والنزاع حيث يقول تعالى: ﴿واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخوانا﴾، ولذلك يوجّه كثير من المفسرين النار الواردة في الآية إلى نار العصبيات والمعارك التي كانت مسيطرة على المجتمعات العربية والروح الجاهلية الغالبة على شعب هذه الجزيرة، التي أخمدها نور الإسلام، حيث يكون مفاد الآية: أن العرب كانوا على مقربة من هاوية السقوط بفعل نار العصبيات التي كانت السبب وراء المعارك الداخلية فيما بينهم فأنقذهم الله بنور الإسلام ووحّد قلوبهم.

ولكن ـ بسبب الانحراف عن منهج الإسلام وتعاليمه، انبعثت هذه الروح الجاهلية في جسم الأمة الإسلامية ـ والعربية بالذات ـ، وأصبحت كثير من خلافاتها تدار بمنطق العصبية والصراع العسكري والعنف والعنف المضاد.

لينطلق سماحته للحديث عن حادثة تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في العراق وما يحدث هذه الأيام من الاقتتال بين فصيلي فتح وحماس الفلسطينيين وما يجري في مناطق عربية عدّة.

مرجعًا الحلّ إلى ضرورة إعادة النظر في طريقة التعامل داخل البيئة الإسلامية العامّة والخاصّة وإلى داخل الأسرة المسلمة، التي من المفترض أن تنطلق من المنطلقات الإسلامية القائمة على التعقّل والانفتاح والتسامح والتعاطي بحضارية في حلّ جميع خلافاتنا بعيدًا عن الروح الجاهلية ومنطق العنف.

مذكّرًا بوجود تدخّلات خارجية فيما يدور من أحداث في المنطقة، وبخاصّة ما حدث قبل يومين في سامرّاء حيث الأيدي الخارجية المعادية موجودة بوضوح، وذلك بسبب ما لاحَ في الأفق من بداية جدِّية داخل المجتمع العراقي لتجاوز الخلافات الداخلية وتوجّهٌ نحو القضاء على فلول الإرهاب، وتوجيه الضربات للاحتلال الأجنبي.

وهذا الأمر الذي تنبّهت له القيادات العراقية، وعلى رأسها المرجعيات الدينية، حيث دعت المرجعية العليا في النجف إلى ضرورة ضبط النفس وعدم إبراز أي نوع من ردّات الفعل التي تتجه نحو أي مسجد أو أيٍّ من مواقع العبادة لدى الإخوة من أهل السنة.

 وفي الخطبة الثانية تحدّث سماحته عن أهمية استثمار فترة العطلة الصيفية التي يعيش الأبناء فيها بعضًا من الفراغ يحتاجون فيه إلى البرامج التثقيفية والتوعية تحصينًا لهم من أجواء الانحراف المنتشرة في وسائل الإعلام الفضائية والإنترنت.

داعيًا أفراد المجتمع إلى دعم جميع الأنشطة الصيفية الفاعلة في المنطقة المتمثّلة في الأندية والدورات الدينية وحلقات القرآن الكريم والندوات الثقافية وغيرها، فجميعها تحتاج إلى الدعم المادّي والبشري والتشجيع المعنوي، ومنبّهًا إلى أن مثل هذه الأنشطة من أبرز موارد صرف الحقوق الشرعية بما تقوم به من تحصين وتوعية لشريحة من أهم شرائح المجتمع.