وأوضح سماحة الشيخ أن شهر رمضان أعظم وأهم المواسم الروحية في السنة مشبهاً ذلك بما نلحظه من مواسم متنوعة في تعاملنا مع الطبيعة كمواسم الخصوبة في الزراعة.

واستنكر سماحة الشيخ من الحالة التي عليها أغلب مجتمعاتنا الإسلامية إذ أنهم "/>

تصحيح العلاقة مع الله ومع الناس

مكتب الشيخ حسن الصفار
ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار "حفظه الله" اليوم الجمعة الموافق 28 شعبان 1424 هـ بمسجد الشيخ علي المرهون "حفظه الله" بالقطيف، كلمةً عقب صلاة الجماعة مستفتحاً إياها بخطبةٍ لرسول الله خطب فيها المسلمين في آخر جمعةٍ من شهر شعبان، إذ يقول : «أيها الناس إنه قد اقبل إليكم شهر الله بالرحمة والبركة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات. هو شهرٌ دُعيتم فيه الى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، ودعاؤكم فيه مستجاب، وأعمالكم فيه مقبولة، فاسألوا الله ربكم بنياتٍ صادقة، وقلوبٍ طاهرة، أن يوفقكم لصيامه، ولتلاوة كتابه، فإن الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم. وتذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه. تصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، وقّّروا فيه كباركم، وارحموا صغاركم، وتحننوا على أيتام الناس يُتحنن على أيتامكم.

أيها الناس إنه من حسّن منكم في هذا الشهر الكريم خلقه، كان له جوازٌ على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، ومن كفَّ عن الناس شرّه كفَّ الله عنه غضبه يوم القيامة، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن تلا فيه آيةً من القرآن الكريم كان له مثل من ختم القرآن في غيره من الشهور. »


وأوضح سماحة الشيخ أن شهر رمضان أعظم وأهم المواسم الروحية في السنة مشبهاً ذلك بما نلحظه من مواسم متنوعة في تعاملنا مع الطبيعة كمواسم الخصوبة في الزراعة.

واستنكر سماحة الشيخ من الحالة التي عليها أغلب مجتمعاتنا الإسلامية إذ أنهم جعلوا من شهر رمضان شهراً للكسل والتقاعس، وجعلوه شهراً للتفنن في المأكولات المتنوعة، وتقول الإحصائيات حول هذا الموضوع: أن استهلاك الناس في المملكة من الأطعمة في شهر رمضان تزيد بنسبة (40 %) عن غيره من الشهور، واستهلاكهم من المشروبات يزيد بنسبة (100%) . بيد أن المفترض أن تقل شراهة الإنسان وتعطشه للطعام والشراب في هذا الشهر العظيم.

ويُضيف سماحة الشيخ أن الفضائيات وعبر تفننها في اختيار البرامج المختلفة والأفلام المتنوعة تجعل من الناس أكثر بعداً عن الله تعالى، فيكون حظهم من هذا الشهر الكريم يسيراً جداً.

وأكد سماحة الشيخ أنه ينبغي علينا أن نذكّر أنفسنا دائماً وأبداً باستهدافات شهر رمضان الأساسية وأن لا ننجرّ إلى أمورٍ تنسينا أهداف الشهر الكريم.

وخصص سماحة الشيخ حديثه في مسألتين:

المسألة الأولى: تصحيح العلاقة مع الله – سبحانه وتعالى.

نحن نعيش ضمن نعم الله تعالى، وحاجتنا إليه عظيمة، فعلينا أن نعمل لنيل رحمته تعالى فنحن بحاجةٍ لها في الدنيا وبعد الممات.

وأكد سماحة الشيخ أنه ينبغي علينا في شهر رمضان المبارك أن نفتح ملفات علاقتنا مع الله تعالى، وننظر في أي مستوى نحن من رضا الله تعالى.

وأضاف سماحته أن الله تعالى في هذا الشهر الكريم يتجاوز عن الذنوب والمعاصي بمجرد إقبال العبد على الله تعالى في لحظة خضوعٍ وخشوع.

وأكد سماحة الشيخ أن شهر رمضان شهر الإقبال على الله تعالى، وشهر ضيافة الله، ولذا وجب على كلِّ حريصٍ على النجاة والفوز بالجزاء الأكبر أن يُصحح علاقته مع الله تعالى في هذا الشهر العظيم وأن يجعل لنفسه برنامج عملٍ يومي يُقربه من الله تعالى عبر قراءة القرآن الكريم والأدعية المأثورة، وخصوصاً في أوقات السحر إذ يتجلى فيها دعاء أبي حمزة الثمالي الذي هو نافذة لفتح جميع الأبواب المغلقة مع الله تعالى. كما أن على الإنسان أن ينظر أي الالتزامات الدينية قد قصّر فيها فإن لم يكن قد حجّ البيت الحرام فليهيئ نفسه للحج وإذا لم يكن لديه حساب سنوي للخمس فليبدأ من الآن كل ذلك من أجل أن يخرج من شهر رمضان طاهر القلب مغفور الذنب.

المسألة الثانية: تصحيح العلاقة مع الناس.

الإنسان اجتماعيٌ بطبعه، ولا غنى للإنسان عن الناس، ولذا ينبغي أن تكون علاقة الإنسان بالناس حسنة وعلى مستوى راقٍ من الأخلاق الفاضلة.

وإذا كان للإنسان مع أخيه الإنسان سوء تفاهم أو مشاحنة فإن شهر رمضان أفضل وقتٍ لترطيب الأجواء إذ أن النفوس فيه تكون أكثر تهيئاً وأكثر صفاءً من أي وقت آخر.

وعلى الإنسان أن لا يفوت عليه فرصة غفران الذنوب والعتق من النار في هذا الشهر الكريم بسبب اختلافٍ بينه وبين أحدٍ أدى إلى العداء والقطيعة، لأن الروايات تصرّح: بأن مغفرة الله وعفوه عن الإنسان يبقى مجمداً فترة طويلة، حتى يزيل ما بينه وبين الآخرين من خلاف وتباعد، حتى وإن كانوا هم المخطئين في حقه، ففي حديثٍ عن الإمام الرضا : «في أول ليلة من شهر رمضان يغل المردة من الشياطين ويغفر في كل ليلة سبعين ألفاً فإذا كان في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان ورمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء، فيقول عز وجل: انظروا هؤلاء حتى يصطلحوا.»

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.