تحدي الاستقرار السياسي والاجتماعي في الأمة

مكتب الشيخ حسن الصفار
حول مشاركة سماحة الشيخ حسن الصفار –حفظه الله- في المؤتمر الإسلامي العالمي الذي انعقد في الفترة من 28 – 29 شوال 1424هـ الموافق 22 – 23 ديسمبر 2003م في عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (طهران) تحت عنوان: العالم الإسلامي: التحديات والفرص، حول هذه المشاركة التي تحمل عنوان: تحدي الاستقرار السياسي والاجتماعي في الأمة، كانت كلمة سماحته التي ألقاها ظهر اليوم الجمعة الموافق 3 ذو القعدة 1424هـ عقب الصلاة في مسجد الشيخ علي المرهون –حفظه الله- بالقطيف.

في بداية الكلمة أكد سماحة الشيخ أن التحديات التي تواجهها الأمة عديدة، ولكن تحدي الاستقرار السياسي والاجتماعي يُعتبر أهم تلك التحديات. وأشار سماحته إلى المعنى المقصود بالاستقرار وهو: وجود نظام مقبول وصيغة متفقٌ عليها لتنظيم العلاقة بين قوى الأمة وأطرافها، ويقابل هذه الحالة، حالة الاضطراب السياسي والاجتماعي وهو يعني وجود خللٍ في العلاقة بين قوى الأمة، وذلك يؤدي إلى القطيعة والنزاع والاحتراب.

وأضاف سماحته أن حالة الاستقرار تجعل الأمة أقدر على التنمية والتقدم، ومواجهة التحديات الخارجية، بينما حالة الاضطراب والاحتراب تعوق مسيرة التقدم واستثمار طاقات الأمة، وكذلك تجعل الأمة عاجزةً أمام التحديات التي تعصف بها من هنا وهناك. وهذا ما أكد عليه القرآن الحكيم في قوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. فالتنازع تعبير عن حالة اضطراب في العلاقات وهو يؤدي إلى الفشل الداخلي في التنمية، والضعف أمام التحديات الخارجية ﴿فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ.


وتحدث سماحة الشيخ عن تجليات حالة الاضطراب، وقال: إنها تتجلى في ثلاثة أبعاد:


البعد الأول: العلاقة بين الدول الإسلامية.


حيث تتكون الأمة الإسلامية من (54) دولة، فلو تكاملت هذه الدول لأصبحت تُشكل كتلة من أهم الكتل على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن الواقع يكشف عكس ذلك تماماً إذ أن هذه الدول تفتقد مشروعاً للتكامل، وتحصل بينها الأزمات المختلفة.

وأشار سماحة الشيخ إلى الأطر الجامعة للدول الإسلامية كمنظمة المؤتمر الإسلامي، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي وأمثالها، وقال سماحته: أن هذه المؤسسات لا تستجيب لمشاكل الأمة ولا تلبي حاجاتها، وإنما هي في الغالب شكلية ولا تُحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

البعد الثاني: العلاقة بين الحكومات وشعوبها.

إذ أن الشعوب تتطلع إلى حريتها والاعتراف بحقوقها، وإلى مساهمتها في اتخاذ القرار، فشعوب العالم العربي والإسلامي تجد أن شعوب العالم تعيش وضعاً وهي تعيش وضعاً مغايراً. وفي المقابل هناك إصرارٌ من الحكومات على أن تبقى الأمور كما هي. ونتج عن ذلك ضغوطات ما تلبث أن تنفجر خصوصاً مع ضغط الحياة المعيشية والذي يتجلى أكثر في جيل الشباب سواءً من حيث التعليم أو الوظائف، ولذلك نرى حالات الإرهاب والتطرف التي ظهرت هنا وهناك في بلاد الأمة العربية والإسلامية.

البعد الثالث: العلاقة بين الفئات الاجتماعية.

فالأمة العربية والإسلامية كباقي الأمم بها مذاهب وتيارات وجماعات مختلفة، وهذا أمرٌ طبيعي. ولكن الأمر غير الطبيعي أن تعيش هذه الفئات المختلفة حالة الصراع فيما بينها. بيد أن المطلوب هو وجود صيغة صحيحة ومقبولة وفق نظامٍ وقانون يحمي حقوق الجميع، وذلك لتنظيم العلاقة فيما بين هذه الفئات.

وفي ختام الكلمة قدّم سماحة الشيخ رؤيته حول سبل تجاوز هذه الحالة من الصراع الذي يُسيطر على الأمة العربية والإسلامية، عبر النقاط التالية:

أولاً- ضرورة مبادرة الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي للإصلاح السياسي بما يتضمن توسيع المشاركة الشعبية، واعتماد نهج الديمقراطية، وإقرار الحريات المشروعة.

ثانياً- الحاجة إلى ثورة ثقافية تبشر باحترام حقوق الإنسان وقبول التعددية والرأي الآخر واجتناب أساليب العنف.

ثالثاً- قيام مؤسسات أهلية تتبنى الدعوة إلى السلم الاجتماعي والتقريب بين مختلف فئات الأمة وأطرافها.

رابعاً- خلق رأي عام جماهيري في الأمة لتفعيل الأطر الجامعة للدول الإسلامية كمنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وأمثالها، حتى تتجاوز واقع الشكليات والمظاهر وتعمل من أجل توحيد قوى الأمة في مواجهة التحديات.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطاهرين.