أربعينية الراحل الكبير «عبدالله الجشي» تجلّى الشعر، وتألق الشيخ حسن الصفار

في مساء رفرفت فيه حمامات الروح البيضاء..

وحضرت ماثلة في اللقاء..

تجاوز الحضور طعنة الفقد الآني، ومضوا إلى استحضار ما تتركه الروح من أثر باقٍ ، كمشهد من تفاصيل الحياة.

توقفوا عند ما يبقى لامعاً في مسيرة الراحلين..

والتفتوا إلى كثير من انشغالات الراحل الحاضر، ومواقفه اللامعة كضوء مشرق في الأعالي.

كان الشعر فياضاً في أمسية اجتمع حولها محبو الراحل الكبير، وعشاق المعنى في تجربته الغنية..

المعنى الذى أفنى عمره لكي يجعله شاخصاً بين أيدينا أو في قلوبنا، أو حياً في ذاكرتنا، أو لكي  نذهب إليه لتأمل دوافعه، ومآلاته..منجزاته وشحوب الضؤ حول النهايات، التي لا نملك إلا الوقوف إجلالاً لها .

أنشد الشعراء والشاعرات قصائدهم ..حلقنا معهم ..وبقي منهم من ينتظر دوره الذي لم يأت، لضيق  ا لوقت!!
في هذه الليلة، انشطر المعنى بين استهدافين ، يقف أحدهما على أعتاب ذكرى مثقف وأديب وشاعر، فيما توقف الآخر أمام ضوء  شاعر يعيش الوطن والإنسان والنضال بين جوانحه.


كنت أقف غير بعيد من استأذنا محمد العلي الذي كان يصغي بهدؤ عميق للقصائد والكلمات، وكان إلى جانبي الشاعر الدكتور محمد رضي الشماسي،  وهمست له: كأننا أوغلنا كثيرا في التركيز على شعر الفقيد دون أن نعرج على جوهر ما في شعره  من معان وتجارب أخرى أشد لمعانا من الشعر بحد ذاته؟ وهمس لي بأننا ما دمنا في حضرة شاعر فلابد أن تحضر جماليات الشعر وتداعياته.

هزتنا قصائد  للعديد من الشعراء والشاعرات ، ومنها قصيدة للدكتور الشماسي نفسه، والدكتورة نهاد الجشي ، و قصيدة للشاعر المتألق  جاسم الصحيح، وغيرهم، ولكن من أكمل المنقوص في تلك الليلة الضافية هو الشيخ حسن الصفار!

لقد تحدث سماحته عن المسكوت عنه في حديث أشجان الليلة ، حين أشار بعين الضمير الرائي ، إلى أهمية التوقف أمام ثقافة " التنمية السياسية"  المنبنية على الانشغال على قضايا الشأن العام، وإلى ما تميز به  الراحل الكبير عبد الله الجشي  ورفاقه من مختلف ألوان الطيف السياسي في بلادنا من انشغال حيوي على قضية " التنمية السياسية " ، حين ذهبوا إلى الأقاصي..إلى ما تفتقده حضارتنا وتاريخنا الإسلامي والعربي في تاريخها  الطويل..حين ذهبوا إلى مقاربة الهم العام ، وعانوا جراء كل ذلك مشقات التعب والعتب والمطاردة، والسجون، والغربة في الأقاصي ،  من أجل ترسيخ ثقافة حقوق المواطنة، وحقوق الإنسان في التعبير السلمي عن الرأي.

وخلص الشيخ الجليل إلى مناشدته لكل المساهمين في ذلك المعترك السياسي من مختلف ألوان الطيف السياسي والفكري الذين ما زالوا يعيشون بيننا ، للمبادرة إلى تدوين  تفاصيل تلك التجارب السياسية ، بما لها وما عليها، لكي يتعرف الجيل الجديد في بلادنا على تلك التجارب المهمة في حياتنا..حياة بدايات المطالب  بالإصلاح والتطوير.

وختم سماحته كلمته بالإشارة إلى ما علمه من أن المناضل الوطني الكبير الراحل " سيد على العوامي" كأحد المشاركين في ذلك المعترك، قد ترك مخطوطة حافية بتفاصيل العمل الوطني في الخمسينات و الستينات،  وشدد على أهمية نشرها للقارئ ، لكي يتعرف المواطنون على تلك الحيوية وبرامجها وأهدافها الإصلاحية النبيلة، التي طواها الصمت والنسيان!!

 

السعودية - الدمام