لقاء ملأته الصراحة والمحبة

حل الشيخ محمد بن يحيى النجيمي ضيفاً على القطيف بمنزل الشيخ حسن الصفار مساء الخميس 15/6/1429 هـ، والنجيمي هو خبير بالمجمع الإسلامي الدولي ورئيس الدراسات الإسلامية بكلية الملك فهد الأمنية، وعضو لجنة المناصحة بوزارة الداخلية.

جاء الضيف ومعه باقة ورد ضمت عدداً من رجال الأعمال والدعاة من مملكتنا الحبيبة، وحرصاً منه لعطاء أفضل من حيث الدليل والحجة، اصطحب معه بعض الكتب ليعود إليها كلما دعت الحاجة، وليستشهد بنصوص مكتوبة مبيناً أنها مستند للسنة السلفيين في المملكة العربية السعودية.

امتاز الشيخ بالهدوء أثناء العرض كما أمتاز بالصراحة والشجاعة فيما عرضه, وكذلك تميّز بحسن الاستقبال لكل الملاحظات والمداخلات التي أعقبت محاضرته القيمة.

قسّم الشيخ النجيمي ما عرضه إلى شقين:

قدم للأول منهما بنص من كتاب (العقيدة الطحاوية) وهو مقرر يدرسه طلاب كلية الشريعة في سنواتهم الأخيرة، والنص الذي عرضه هو حديث شريف للمصطفى محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا).

وأشار إلى أن الحديث حدد العلاقة بين المسلمين، ليؤكد أن أهل السنة والسلفيين بصفة خاصة يرفضون رفضاً قاطعاً أن يكفروا من قال لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن ما يشاع عن أن السلفيين يكفرون الآخرين، ويتجرأون على تكفيرهم، هو كلام غير صحيح تدحضه النصوص وتدحضه الدلائل، وأشار إلى كتاب (ضوابط تكفير المعيّن) تأليف عبدالله بن جبرين، وتقديم عدد من المشايخ، ليبين أن التكفير إذا ما صدر فحدوده ضيقة جداً للضوابط التي وضعها العلماء، وملخص ما نقل الشيخ النجيمي أن الكتاب (يبين الضوابط ويحذر من تكفير المسلمين إلا بدليل يكون مثل الشمس في رابعة النهار).

وفي الشق الثاني تحدث بأريحية جميلة عن الأصول التي يجب أن يتفق عليها المسلمون حتى لا تتاح فرصة للمتطرفين من الجانبين لتمزيق الأمة وتفريقها.

شجاعة الشيخ النجيمي وصراحته وحسن استماعه كانت عوامل مؤثرة في إثراء كلمته بمجموعة من المداخلات، وكانت مداخلتي ترتبط بالشق الأول من حديثه، فبعد أن شكرته على كلماته الطيبة، أثنيت على روح التفاؤل فيه وقلت: وليسمح لي بأن أقول روح القفز على الأشياء حينما اعتبر أنه لا يوجد عند إخواننا السلفيين في بلادنا الحبيبة، فتاوى تكفيرية مستعيناً بالنص الذي قرأه من كتاب العقيدة الطحاوية، ثم قلت: بين يدي نصوص لكتاب (الكنز الثمين في فتاوى ابن جبرين)، وقد ورد فيه سؤال من أحد إخواننا السنة أشار فيه أنه يعمل موظفاً بشركة ارامكو وأنه يعمل مع الرافضة في القسم نفسه وجرت العادة على الاشتراك في وجبات الطعام خلال وقت الدوام ويكون الأكل جماعياً، وقد يتخلل ذلك من الضحك والمزاح ما قد يضعف عند المسلم قضية الولاء والبراء والغيرة على هذا الدين، فكان السائل مشغول البال بما يجب عليه شرعاً.

فكان جواب الشيخ بن جبرين

عليك أن تحاول الانتقال إلى جهة أخرى لا يوجدون بها، أو لا يكون لهم سلطة فيها، فإن لم تجد قريباً فعليك أن تظهر لهم المقت والاحتقار، والسخرية منهم، وأن لا يكون لك انبساط معهم، ولا انشراح صدر.

ثم انتقلت إلى نص من كتاب (مجمع فتاوى ومقالات متنوعة) للشيخ عبد العزيز بن باز، وقد أجاب حين سئل عن موقفه من مبدأ التقريب بين أهل السنة والرافضة بقوله؟

التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن، لأن العقيدة مختلفة فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى... واستمر في كلامه إلى أن قال: والرافضة خلاف ذلك، فلا يمكن الجمع بينهما كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها.

أما فيما ذهبت إليه يا شيخنا النجيمي من القول إنه حتى لو وجد تكفير فإن التكفير خط أحمر وفي أضيق الحدود، فلتسمح لي أن أقول إن باب التكفير واسع بعض الشيء في بلادنا ويشمل حتى القضايا الإنسانية ففي كتاب (100سؤال وجواب في العمل الخيري) صادر عن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، مكتب الإحساء، وهو مطبوع وموزع ومتوافر هنا.

يسأل السائل فيه: إذا كان المتضررون غالبيتهم مبتدعة فهل يجوز للمؤسسات الخيرية الإسلامية مساعدتهم؟

فأجابه الشيخ بن جبرين: لا يجوز للمسلمين مساعدة المبتدعة كالرافضة والقبوريين وأهل الديانات المبتدعة كالنصيرية والدروز والقاديانية والسيخ والبريلوية والبعثية ونحوهم، وذلك أنهم يحاربون أهل السنة ويحرصون على ما يضر بالمتمسكين، واذا كانوا كذلك فليسوا أهلاً للمساعدة ويعتبر ما أصابهم من غرق أو خسف أو قحط أو مرض كعقوبة من الله فلا تجوز إغاثتهم بل تختص الإغاثة بأهل السنة والجماعة.

ثم قلت للشيخ الضيف النجيمي: شيخنا انتم تحملون روحاً من التفاؤل لكننا أمام زخم كبير من الفتاوى المعاصرة والحالية وأخرها البيان الصادر بتوقيع (22عالماً سلفياً)، الحل أن نقول إن هناك مشكلة وأمثالكم يسعى إلى حل هذه المشكلة وما ذلك على الله بعزيز إذا توافرت جهود المخلصين أمثالكم، وإلى هنا انتهت مداخلتي.

ختاماً سأشير إلى أنني استغربت من الشيخ النجيمي محاولة تفسيره لكلمة الرافضة التي نعلم أننا المعنيون بها، ولكنه حاول تحريكها يمنة ويسرى، والأمر الثاني محاولة تبريره التي أراها غير موفقة لبيان الـ (22) الأنف الذكر، لقد حاول إيجاد مخرج لهم مع إشارته أنه ليس مع البيان.

إننا نعقد الأمل على الصراحة التي تسود بيننا، وعلينا أن نبدأ الخطوات الطيبة التي تعيدنا إلى الصفاء الإسلامي الأصيل.

العدد 2117 الاثنين 23 يونيو 2008 الموافق 19 جمادى الثاني 1429 هـ