تقديم ديوان «المدائح المنظومة ج11»

مكتب الشيخ حسن الصفار

الكتاب: ديوان (المدائح المنظومة ج11)
الكاتب: للسيد مرتضى محسن الحسيني السندي (أبو حسنين)

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه الذي خلق الإنسان علمه البيان.

والصلاة والسلام على نبينا محمد أشرف الأنبياء طراً الذي قال: إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا.

وعلى آله الأطهار عدل الكتاب وحماة السنة الذين بشّروا من قال فيهم بيتاً من الشعر بأن اللَّه يبني له بيتاً في الجنة.

أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام ليسوا مجرد علماء ذوي نظريات علمية حتى ينحصر الاهتمام بحياتهم وتاريخهم في حدود النخب من أهل الاختصاص العلمي.

بل هم قبل ذلك وبعد ذلك أئمة هدى وقادة رشاد، تحتاج جماهير البشرية وعامة أبنائها إلى قراءة سيرهم، والتعرف على حياتهم وتاريخهم، لتشدّ إليهم النفوس، وتهوي الأفئدة والقلوب، وليكونوا للناس في موضع القدوة والأسوة، من حيث الالتزام بقيم الحق والعدل، وتجسيد مكارم الأخلاق، والوفاء للمبادئ، والثبات على خط الرسالة والدين، والجهاد والتضحية في سبيل اللَّه.

وكما نحتاج إلى أهل الاختصاص لدراسة العطاء الكبير والتراث الغني لأهل البيت في مختلف حقول المعرفة والعلم، من الفقه والتفسير والعلوم الطبيعية والإنسانية كالفلك والكيمياء والطب والنفس والاجتماع.

فإننا نحتاج أيضاً إلى ذوي المواهب الفنية والكفاءات الأدبية الذين يجيدون عرض سيرة أهل البيت وتصوير مواقفهم الرسالية المشرقة بلغة جماهيرية، لتكون مفهومة لعامة الناس، قادرة على التخاطب مع وجدانهم ومشاعرهم وأحاسيسهم.

من هنا أشاد رسول اللَّه وكذلك الأئمة الهداة بدور الشعراء المبدئيين المخلصين.

فالشعراء وذوي المواهب الفنية المختلفة كالرواية والقصة والمسرحية والرسم والنحت وما أشبه يستطيعون القيام بدور عظيم في تكريس المبادئ وتخليد رموز الدين وشخصيات قادته في أوساط جماهير الأمة وأعماق نفوس أبنائها.

إن العلماء يخاطبون العقول والأفكار، وليس كل الناس يقبلون على الخطاب العملي أو يستوعبونه، لكن مخاطبة القلوب والمشاعر لغة يتجاوب معها ويتفاعل معها الجميع.

كما أن بعض القضايا والجوانب تحتاج إلى إثارة العاطفة وتحفيز الضمير والوجدان، لتأخذ موقعها في فكر الإنسان، وتشق طريقها إلى التأثير في شخصيته وسلوكه.

وإذا ما تأملنا رقعة الولاء لأهل البيت في جماهير الأمة، وعمق الارتباط والانشداد النفسي والعاطفي الذي تزخر به ساحة شيعة أهل البيت لأئمتهم، فإننا سنجد أن الفضل الأكبر في ذلك يعود إلى الجهود العظيمة الجبارة التي بذلها العاملون في مجال التوجيه الجماهيري عبر الخطابة والأدب والشعائر الحسينية والبرامج الولائية.

صحيح أن هناك بعض الثغرات والخلل ونقاط الضعف في طروحات بعض هؤلاء الخطباء والشعراء وأمثالهم من حيث الخلط بين الغث والسمين، والحقائق والأساطير، والصحيح والخطأ، فيما يتعلق بالمضامين أو الأساليب.

إلا أن تلك الثغرات والأخطاء لا تقلل من قيمة ذلك الدور الهام، ولا تستعصي على الفرز والمعالجة والتوجيه، وإن احتاج ذلك إلى صبر وزمن.

وأمامنا في هذه المجموعة الأدبية الرائعة التي تحمل الرقم الحادي عشر من سلسلة دواوين الشاعر الولائي المخلص للدين ولأهل البيت فضيلة الخطيب الأديب السيد مرتضى السيد محسن الحسني السندي (أبو حسنين) حفظه اللَّه وأدام توفيقه.

أمامنا نموذج رائع مشرق لذلك الأدب الهادف الذي يتمتع بأفضل خصال البلاغة وسمات البيان، بلغة واضحة سهلة، يفهمها كل سامع، مع عمق المحتوى، وجزالة التعبير، ودقة التصوير للحوادث والموقف.

ولا غرو فالسيد أبو حسنين رعاه اللَّه نشأ في أجواء العلم والأدب، ولازم مجالس الفضلاء والعارفين، وصاحب الكتب ومنتديات المعرفة، وهو من رواد الخطابة والمنبر.

ويمتاز أدب السيد أبو حسنين -كما سيلاحظ القارئ- بأنه يطور موهبة التصوير الأدبي والتحليق الخيالي، لتقوم بدور تسجيل الموقف والأحداث التاريخية، حيث تجد أن بعض المقطوعات من شعره هي صياغة أدبية شعرية لسيرة إمام من الأئمة، أو رجل من تلامذتهم وأصحابهم.

بل إنه يرصف ويدمج بعض خطب الأئمة وبياناتهم في مقاطع شعره، فتأتي القصيدة نظماً لخطبة الإمام الحسين أو خطاب السيدة زينب ؟؟.

وبذلك ينقل الخطاب التاريخي إلى لغة شعبية معاصرة، على شكل مقاطع جميلة ترددها الألسنة، وتعشقها الأسماع، وتهتز بروعة إيقاعاتها المحافل.

وثمة ميزة هامة أرى من المناسب الإشارة إليها وهي تجديد ذكريات بعض حواريي الأئمة وتلامذتهم المخلصين، فغالباً ما يقتصر الشعراء الشعبيون في محافلنا ومجالسنا على ذكر سيرة أهل البيت وفضائلهم ومصائبهم أما من حولهم من خلّص الأتباع وخيرة الأصحاب فنادراً ما يشار إلى حياتهم وتضحياتهم إلا بشكل عابر.

لكننا في شعر السيد أبي حسنين نقرأ ملاحم أدبية مطولة حول سلمان الفارسي (المحمدي) وأبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وحجر بن عدي الكندي، وزيد بن علي بن الحسين وأمثالهم من رواد التضحية والفداء خريجي مدرسة الحق والفضيلة.

فهنيئاً للسيد أبي حسنين هذه الموهبة العظيمة.

وهنيئاً له هذا التوظيف الجيد لموهبته في خدمة الرسالة والعترة الطاهرة.

وأسأل اللَّه أن يطيل عمره في خير وعافية وأن يزيده نشاطاً وهمة ليواصل مسيرة الولاء والعطاء والحمد للَّه رب العالمين.

حسن الصفار 
25/5/1421هـ