كتاب التنوع والتعايش في طبعته الثالثة

مكتب الشيخ حسن الصفار

تعريف بالكتاب


الكتاب: التنوع والتعايش – بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية الوطنية

المؤلف: سماحة الشيخ حسن موسى الصفار

دار النشر: دار التآخي للطباعة والنشر والتوزيع – دمشق

الطبعة: الثالثة – 20004م

عدد الصفحات: 232 صفحة من الحجم المتوسط

صدر عن دار التآخي للطباعة والنشر والتوزيع – دمشق، الطبعة الثالثة من كتاب التنوع والتعايش لسماحة الشيخ حسن موسى الصفار، وقد قدّم للكتاب كلٍّ من الدكتور محمد عبده يماني (وزير إعلام سعودي سابق)، والدكتور محمود عكام (المحاضر في كليتي التربية والحقوق، وخطيب جامع التوحيد الكبير في حلب).

وقد طُبع هذا الكتاب ثلاث مرات على النحو التالي:

الطبعة الأولى – 1997م، منتدى الكلمة لدراسات والأبحاث – بيروت

الطبعة الثانية – 1999م، دار الساقي للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت

الطبعة الثالثة – 2004م، دار التآخي للطباعة والنشر والتوزيع – دمشق

مقدمة الدكتور محمد عبده يماني


هذا كتاب أقدمه بين يدي القارئ الكريم، وقد تفضل أخي الشيخ حسن الصفار، فطلب مني أن أضع له مقدمة، والكتاب عن قضية التنوع والتعايش، وهو موضوع هام، خاصة أنه يعني بالدعوة إلى الحوار والتفكير والتعايش، ويطرحها في إطار موضوعي ومنطقي، يجعلك تشعر وأنت تقرأ الكتاب، بأن المؤلف قد بذل جهداً موفقاً، ووضع فيه عصارة فكره، وزبدة من تجاربه، وجمع فيه ألواناً من المعرفة، ثم صاغ ذلك بأسلوب راق، وتسلسل بديع.
وهو كتاب في موضوعه جدّه، وفي عرضه سلاسة، يشعرك وكأنك كنت تفكر بنفس طريقة المؤلف، ويأخذك في عرض جميل، يستعرض خلاله نماذج من القضايا الهامة التي يطرحها الكتاب، ويجعلك وكأنك تقرأ أفكارك فيه.

وموضوع الكتاب هام جداً، فالتنوع ظاهرة كونية في آفاق السماء، وفي جنبات الأرض وفي الحضارات المتعاقبة على مر الزمان وفي كل أنحاء المعمورة، في البشر والمخلوقات حية وجامدة، ثم ناحية التعايش ضرورة لازمة لاستمرار الحياة ﴿ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة .. غير أنّ حكمة الله في التنوع ليكون في التعايش طعم متجدد لهذا التنوع.

وهناك نقطة مهمة، وهي أن الكتاب مركز مكثف، لدرجة أن كل فصل يصلح كتاباً مستقلاً بذاته، مثل ظاهرة التنوع اللغوي، والعرقي والقومي، والتمايز الفردي، كلها موضوعات تستحق الإفراد بالاهتمام والدراسة.

وقد استطاع الكاتب ببراعة، أن يرتب هذه الأبحاث، ويلم شتاتها مستعينا بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في بحثه، مثيراً للاهتمام، مشوقا للمتابعة، ولقد أعجبتني نظرة الكاتب الأستاذ حسن الصفار إلى واقع الأمة اليوم، وذلك التنافر والإحتراب الداخلي، الذي يعيق محاولات النهضة، ثم تركيزه على القلق والشك اللذين يربكان المسيرة، وتلك الأفكار التي تشغلنا بمعارك داخلية، جعلت أعداء الأمة يستفيدون منها.

ومن يقرأ كتاب الشيخ حسن الصفار، يحس بذلك الإسهام الذي يرمي إليه، في قضية التعايش من أجل مسيرة هذه الأمة.
وفي قضية التنوع العرقي والقومي، سرني التركيز على النظرة الإسلامية نحو خلق الناس، وأنهم من نفس واحدة، واستشهاده بالآية الكريمة ﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءً .

ثم طرح الموضوع على بساط البحث، وأنطلق إلى التنوع اللغوي، ثم الديني، وأهمية ألا يؤدي أي اختلاف منها إلى تصادم وصراع، بل إلى تعايش وانسجام واحترام متبادل.

ثم في الفصل الثاني يناقش الكاتب بموضوعية كبيرة قضية الاختلاف في الرؤية الإسلامية، ويستفيد مرة أخرى من الآية التي تؤكد على اختلاف الألسنة والألوان ﴿ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين.

وقضية أخرى هامة، وهي مشروعية التنوع وصلته بالتعارف، ثم إن قضية التنافس في أي من المجالات، لا بد أن يكون تنافسا إيجابياً، وموضوعياً، يتفق مع التوجيهات الربانية، وتعاليم المصطفى صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطاهرين، وصحابته الكرام البررة، لأن التنافس كلما كان إيجابياً، جعل الإنسانية ككل في أمان من الصراع والنزاع، الذي يكلف البشرية الكثير من الضحايا والخسائر.

وهنا يؤكد الكاتب على ما جاء في سورة المائدة، بأن الله سبحانه وتعالى، جعل لكل أمة شرعة ومنهاجاً، ولو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة، قال تعالى ﴿: لكل جعلنا شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم .
وركز على أن الاختلاف فطري، ومفيد للحياة، ما لم يتحول إلى نزاعات وعداوات، وهنا يركز على أن التنافس الإيجابي، والتسابق نحو الإنجازات الخيرة، هو البديل عن الجدل العقيم والصراع.. ويستفيد من الآية الكريمة في سورة الحج ﴿ولكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم.

ثم يسمو بعقلاء الناس الذين ﴿ إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين.
والكتاب في فصله الثالث، يركز على التعايش، ومنهج التطبيق، ويستفيد من السيرة النبوية، وأفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وختاماً فالكتاب في رأيي بمجمله يطرح قضايا مهمة، ومعالجات موضوعية، ويضع في النهاية تساؤلات مهمة، عن التعايش الحضاري، والتسامي الخلقي، وأهمية الحوار، ودور رجال الفكر، وأن يتحمل الجميع مسؤوليتهم، في قضية صنع وحدة الأمة الإسلامية، وبعدها عن التنازع والصدام، ويختم بالآية الكريمة ﴿ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين .

وقد سرني أن أقدم لهذا الكتاب، لأن المؤلف رجل من علماء المذهب الشيعي، الذين عرفوا بالاعتدال والموضوعية، وممن عرفنا فيهم الحرص على الحوار الهادف، في معالجة القضايا الأساسية، وخاصة محبة الله عز وجل، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته الكرام، واحترامهم وتوقيرهم جميعاً، كما أمرنا الله عز وجل في قوله: ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: (الله الله في أصحابي لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ من أحدهم ولا نصيفه) ثم في تقدير أمهات المؤمنين جميعاً رضي الله عنهن وفي مقدمتهم السيدة خديجة بنت خويلد، هذه السيدة التي لها في رقاب المسلمين جميعاً مِنَّة وفضل، بما صدقت به المصطفى ووقفت معه وآزرته، وابنتها الزهراء البتول وجميع بناتها رضي الله عنهن وأرضاهن، وكذلك بقية أمهات المؤمنين، والسيدة عائشة، التي نقلت لنا بأمانة، أحاديث عن فضل السيدة فاطمة، لم يروها أحد غيرها، بأنها رضي الله عنها سيدة نساء أهل الجنة .. كما نقلت لنا أخبار السيدة فاطمة رضي الله عنها وإنها أحب إنسانة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سيدنا علي كرم الله وجهه.

ولا شك أن الكتاب فيه كثير من الجهد، والمعالجات الواعية، وهو كتاب يستحق أن يقرأ، فهو يطرح موضوعات جادة.. ويدعو إلى التفكير.. والحوار.

وفي الختام، فإنني أعتبر الكتاب إضافة طيبة للمكتبة العربية، وأسأل الله أن ينفع به والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

مقدمة الدكتور محمود عكام


لا شكَّ في أن لله حكمةً في خَلقه الناسَ متنوعين في اللغة واللون والعرق .

وأولى مفردات هاتيك الحكمة : تَجلِّي القدرة المطلقة .

وثانيها : إرادة الإنسان المخلوقِ الأسمى المكلف إحتمالات تشكُّلاته الماديَّة التي تصل إلى حدِّ اللانهاية ، ولا سيما إذا كان الظرفُ الزمني ـ من مبدأ الخلق إلى اللحظة ، ومن اللحظة الراهنة إلى يوم المعاد ـ الحقلَ المعتبَرَ في النظر إلى مظروفاته البشرية الإنسانية .

وثالثها : دعوةُ الإنسان ـ تكليفاً ـ إلى إحداث تنوع في عالمه ، على أساس من اختيار مبدأ أو اتِّباع دين أو ارتياد فكرة : والبحثِ عن صيغ تآلف بين المتنوعين تُقاربُ تلك الصيغَ التي أودعها الله في جِبِلَّة الإنسان ليأتلف من خلالها مع الآخرين في أصل جنسه ، والمختلفِ عنه لغةً وعرقاً ولوناً .

ومَنْ أعرضَ عن صيغ الجبلَّة والفطرة وكتَمَها ، كان عن صيغ التكليف أشدَّ إعراضاً ، ولها أكثرَ كتماناً .


بعبارةٍ أخرى :

نحن ( الناس ) متنوعون ( قَدَراً ) في أشكالنا وأعراقنا ولغاتنا وألواننا :

﴿ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّمواتِ وَالأَرْضَ واخْتِلافُ أَلسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِلٍعَالِمِيْنَ .

ومكلَّفون بالوحدة ضمن دائرة الإنسانية وإنتاجها المعرفي والتعارفيِّ :

﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوْبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ .

فما بالنا لا نعمِّم التنوّعَ وضرورته على المبادئ والأديان والفرق والمذاهب ؟ لنعدَّهُ تسليماً بنتائجَ طبيعية لمسارات تفكيرية متنوعة مقبولةٍ عقلاً ، ودينونةَ لله بشكل عامٍّ :

﴿ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ .

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَليُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيكْفُرْ .

وبعد ذيَّاك التسليم يتتابع التكليف ليتشكَّل سعياً جادَّاً لدعوة كل منا الآخرَ إلى نوعه المبدئي والدينيِّ بالتي هي أحسن : ومع الدعوة ـ التي هي حوار ونقاش وجدال منصِف ـ يتنزَّل التكليف في بحث عن تعايش آمن مومِّن ، سالم مسلِّم :

﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ في السِّلْمِ كَافَّةً .

فَهَلْ في عجز أتباع الديانات ومعتنقوا المبادئ ومرتادوا المذاهب عن الإعتراف بقدَرَية التنوع في التجليات الدينية والمذهبية ؟! .

وهل تعمق العجز لديهم فجعلهم حيارى في استجلاب الصيغ التعايشية واستدعائها من النصوص الإلهية والتجارب البشرية الرائدة ، وتطبيقها وممارستها ؟!.

لله درُّ الغابة التي ضمَّت مخلوقات حيوانية بحتة ، ليس فيها نفخة إلهية مكرِّمة ، فقد أبت إلا أن تقدم للإنسان المكرَّم درساً يصدر من الأدنى للأعلى ، مفاده :

تنوُّعٌ واسعٌ وفرق بين المخلوقات جدّ شاسع ، وعلى الرغم من ذلك فالتعايش بين هاتيك المخلوقات قائم ؛ وما نعده لها من جرائمَ تنهتك التواصل يكاد يقل في النسبة عما عليه عوالم الإنسان من انتهاكات لسبل التواصل وطرق التعايش !.

أيها الإنسان اتَّعظ ، فتاريخك غداً في جلِّ مساحته أسود مُرْبادَّاً كالكوز مجخيَّاً ، فلتسعَ إلى إزالة القتام عنه ، ويا ويلك - من سؤال قاسٍ يطرح عليك يوم الدين ، فيقال : لِمَ لَمْ تسعَ إلى تآلف مع الآخرين ؟

أخيراً ، وهنا بيت القصيد :

هذا الذي حكَيتُ إشارةٌ وإجمالٌ لعبارة وتفصيل دقيقين علميين ، فَرَشَهما أستاذ ومفكر قدير وعلامة جليل ، في "كتابه الذي بين أيدينا" أصَّل وفصَّل وسعى ودعا ؛ تكلَّم عن الإنسان فوصفه بدِقَّة ، وكذلك عن قيمة الوحدة والتعايش ، فبيَّن أهميتهما وحاجة الإنسان إليهما .

وتابع الحديث فقدَّم رؤية الإسلام عبر النصوص لهذا الإنسان ولهاتين القيمتين ، وخلص في النهاية إلى أن أتباع الأيان عامة ورواد المذاهب كافة ؛ إن لم يقدموا صيغة تعايش بين الإنسان والإنسان ، وبرنامج وحدة الإنسان مع الإنسان ، على اختلاف الإنسانين في الإنتماء الديني والعرقي واللغوي ، فهم مقصرون أيما تقصير في توضيح تعاليم السماء ومبادئ الإنسانية الواعية ، فهل من مُدَّكر ؟!.

والكتاب لبنة هامة في الدراسة الأنتربولوجية - الإناسية - من منظور إسلامي ، وخطوة علمية تأصيلية في مسار بناء علاقة واعية فاهمة مع النصوص القرآنية والنبوية .


شكر الله سعيك أيها العالم الجليل والمثقف النبيل ، ودمنا معاً دعاةُ إلى لقاءٍ خيِّر ، وسعادة جادَّين من أجل تفعيل إسلامنا في خط البناء والحضارة والصلاح لعمارة الأرض :

﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُوْرِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبادِيَ الصَّالِحُوْنَ .


مواضيع الكتاب


مقدمة

* الفصل الأول: التنوع ظاهرة كونية واجتماعية

مدخل
(1) التنوع العرقي والقومي
(2) التنوع اللساني واللغوي
(3) التنوع الديني

* الفصل الثاني: حكمة التنوع والاختلاف .. رؤية إسلامية

أولاً: مظهر للقدرة والحكمة الإلهية
ثانياً: مشروعية التنوع
ثالثاً: التنوع للتعارف
رابعاً: التنافس الإيجابي

* الفصل الثالث: التعايش .. منهج وتطبيق

مدخل
(1) مواطنون واديان مختلفة
(2) أمة واحدة وقوميات متعددة
(3) أصول ثابتة وتنوع في المذاهب

* خاتمة: الانتقال من زمن التعصب إلى زمن التعايش مسؤولية من؟

التعايش مسؤولية من؟
التعايش هو الخيار
مسؤولية من؟

* أصداء ومداخلات

* إرادة التعايش .. محمد العلي (جريدة الحياة الللندنية)

* التنوع والتعايش .. عبد الله شباط (صحيفة اليوم السعودية: (العدد: 9939، 2ج2، 1421هـ، 31/ أغسطس/ 2000م)

* على طريق التنوع والتعايش - رهانات التقدم والإنماء .. السيد إدريس هاني (مجلة الكلمة: ع16، س4، ص138، صيف 1997م – 1418هـ)

* التنوع والتعايش في المنهج الإسلامي .. زيد بن علي الفضيل (جريدة الحياة اللندنية: ع13785، ص21، الجمعة 8 ديسمبر 2000م، 12 رمضان 1421هـ)

* التنوع والتعايش - ديناميكية الطرح والخطاب العلمي .. منصور القطري

* التنوع والتعايش - بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية .. حسن آل حمادة (مجلة قرطاس، ع53، يونيو 2000م. ومجلة اقرأ، ع1261، 21/2/1421هـ - 25/5/2000م)

* حسن الصفار والدعوة إلى الحوار .. الدكتور غازي القصيبي (مجلة المجلة العربية، شوال 1420هـ)