هل أصبح اللانظام هو النظام في حياتنا؟

 من مظاهر التخلف وقلة الذوق في أي مجتمع عدم النظام في كل شؤون الحياة ومن ضمنها مايرتبط بتنظيم العلاقات الاجتماعية لجهة الاستخدام المشترك لأي مورد من موارد الاستخدام الجماعي كالطرق العامة والمرافق المختلفة.

ونحن بحمد الله متفوقون في عدم احترام النظام فهو سمة من سمات مجتمعنا العجيب فليس هناك أدنى تقيد أو شعور بالمسئولية في هذا الجانب ولعلنا الأسوأ أو لنقل من أسوأ الشعوب على مستوى الدول العربية والاسلامية ويكفي دلالة على ذلك أننا ضمن احصائية الاعلى في نسبة حوادث المرور مقارنة بعدد السكان نلنا المرتبة الاولى أو الثانية مع مرتبة الشرف على مستوى العالم ولا فخر!

ويكفي دلالة على ذلك أن تراجع أي دائرة عامة أو خاصة أو ترتاد أي مرفق عام أو تقف عند أي اشارة للمرور بل عند زيارة أي دولة يتواجد بها السعوديون لتلاحظ مدى التردي الحضاري في الفوضى العارمة وعدم احترام النظام والالتزام بالدور حسب التسلسل والاولوية لا بل لو أبديت امتعاضا أو اعتراضا لقطبوا في وجهك أو اعترضوا على اعتراضك واستغربوا من استغرابك وربما هاجموك قولا أو فعلا.

والمؤلم في الامر أن ذلك يحدث كحالة طبيعية استرسالية على أساس أنه الأصل وماعداه استثناء.

في محاضرة للشيخ حسن الصفار منشورة نصا على موقعه بتاريخ 4-5-1998م بعنوان "النظام في حياة الفرد والمجتمع" يقول الشيخ "فالمجتمعات المتقدمة تنظم نفسها في مختلف الجوانب حتى في الدخول والخروج، فترى الحركة منسابة بهدوء واحد وراء الثاني وبشكل منظم. بينما ترى مجتمعات أخرى تتدافع في كل مكان، حتى عند ركوب الطائرة، مع أن كل واحد له مقعد محدد له فلن يجلس أحد على مقعده، لكنك لا ترى غالباً انتظاماً في الصعود إلى الطائرة. وإلا فما الداعي إلى التزاحم للوصول إلى الطائرة أولاً، مع ما في التزاحم من ضرر على الناس."

ويتحدث السيد أحمد الشقيري ضمن برنامج "خواطر 5 من اليابان" عن سيارات الاجرة باليابان في المطار فهناك مواقف منظمة مخصصة لتلك السيارات ويأخذ كل دوره بالترتيب دون أي ازعاج للقادمين وسؤالهم باستمرار عن مدى حاجتهم لسيارة أجرة بينما لدينا يكاد الواحد من سائقي الاجرة يبتلعك حيا.

وفي رأيي أن ماذكرته ليس سوى مظهر من مظاهر التردي الحضاري والذي يرتبط بالذوق الاجتماعي قبل أن يرتبط بالتربية أو التعليم.

28/4/2010م
تاروت