ثم بدأ سماحة الشيخ حديثه فقال: هناك تنوعٌ في الحياة من حيث الطبيعة وأيضاً من حيث الناس والأقوام الذين يعيشون في هذه الحياة. وحتى يتوسع أفق الإنسان، ينبغي لذلك أن يسير في الأرض فيتعرف على الآخرين الذين هم شركاء معه في هذه الحياة. يقول تعالى: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم. وذلك لأن السير في الأرض يُفيد الإنسان فكرياً ونفسياً وحياتياً وعملياً. ولذا جاءت الأحاديث تحث على السفر وتُرغّب فيه، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: سافروا تصحّوا، سافروا تغنموا. ومن الشعر ما يُنسب للإمام علي (ع) أنه قال:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفرّج همٍّ واكـتساب مـعيشةٍ وعلمٌ وآدابٌ وصُحـبةُ مـاجدِ

ثم تحدث سماحة الشيخ عن السياحة وقال"/>

السياحة الهادفة

مكتب الشيخ حسن الصفار محرر الموقع
أمَّ سماحة الشيخ حسن الصفار جموع المصلين بمسجد الشيخ علي المرهون "حفظه الله" في القطيف، اليوم الجمعة 10ربيع الثاني 1423هـ. وكان حديث سماحته بعد الصلاة حول: السياحة الهادفة. وقد افتتح سماحة الشيخ كلمته بقوله تعالى: ﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله.

ثم بدأ سماحة الشيخ حديثه فقال: هناك تنوعٌ في الحياة من حيث الطبيعة وأيضاً من حيث الناس والأقوام الذين يعيشون في هذه الحياة. وحتى يتوسع أفق الإنسان، ينبغي لذلك أن يسير في الأرض فيتعرف على الآخرين الذين هم شركاء معه في هذه الحياة. يقول تعالى: ﴿قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم. وذلك لأن السير في الأرض يُفيد الإنسان فكرياً ونفسياً وحياتياً وعملياً. ولذا جاءت الأحاديث تحث على السفر وتُرغّب فيه، فقد ورد عن الإمام الصادق أنه قال: «سافروا تصحّوا، سافروا تغنموا». ومن الشعر ما يُنسب للإمام علي أنه قال:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفرّج همٍّ واكـتساب مـعيشةٍ وعلمٌ وآدابٌ وصُـحبـةُ مــاجـدِ


ثم تحدث سماحة الشيخ عن السياحة وقال إنها أصبحت عادةً وصناعةً عن بعض الشعوب. وأعطى لها معنىً وهو: السياحةُ تعني أن يُسافر الإنسان عن بلده إلى بلدٍ آخر من أجل أن يُنفّه عن نفسه أو يُغير الروتين الذي يعيش فيه. وقال سماحة الشيخ أن السياحة ليست حالةٌ جديدة وإنما رُصدت حالات قبل (3000) سنة تدل على أن السياحة نشأت من القدم.

ثم تحدث سماحة الشيخ حول مجموعة من النقاط تتعلق بموضوع السفر، كان مجملها:

أولاً- مراعاة الظرف الاقتصادي للمسافر.


صحيحٌ أن للسفر فوائد ومكاسب عديدة، ولكن ينبغي للإنسان أن يراعي ظروفه ولا يُكلّف نفسه فوق طاقته. فليس مفروضاً عليه السفر في حال كونه مديون أو لا يملك نفقات السفر، ومخالفة هذا الأمر خلاف الرشد.

ثانياً- مراعاة الجانب الديني والأخلاقي.


على المسافر أن يأخذ بعين الاعتبار الجانب الديني والأخلاقي له ولعائلته في المكان الذي يختاره لسفره، فليس صحيحاً أن يُسافر الإنسان لمكانٍ يخاف فيه على دينه، قال أمير المؤمنين علي : «يحرم على الإنسان أن يُسافر سفراً يخاف فيه على دينه».

ثالثاً- استثمار السفر.


لابد من الاستفادة واستثمار السفر، وذلك من خلال التخطيط للسفر قبل مدةٍ، وتنظيم الوقت في السفر. وتجد أن المجتمعات الأخرى يستفيدون من أسفارهم ويخططون لها بعكس مجتمعاتنا فتجد أن البعض يُسافر ارتجالاً ودن أي تخطيط.

ثم ضرب سماحة الشيخ لذلك مثالاً، وهو: حينما يُسافر الإنسان لهدفٍ ديني سواءً ذهب لبيت الله الحرام، أو لزيارة رسول الله أو زيارة مراقد الأئمة الطاهرين (عليهم صلوات الله)، ينبغي في هذا السفر التخطيط والاهتمام بعدة أمور:

أولاً- التعرف على المكان والشخصية المقصودة.


على المسافر التعرف على المكان والمركز الديني الذي يقصده، وعليه أن يقرأ حول الشخصية التي يقصدها ويتعرّف عليها. ولذا نجد أن الروايات تؤكد على هذا الأمر، ففي جانب زيارة أبي عبد الله الحسين تؤكد الأحاديث على هذا المعنى: «من زار الحسين عارفاً بحقه ...». وقال سماحة الشيخ: ينبغي أن تتهيأ الوسائل لمثل هذه الأمور المهمة.

ثانياً- الاستفادة المعرفية والثقافية.


على المسافر أن يُفكّر جاداً في الاستفادة المعرفية والثقافية. من خلال القراءة هو تاريخ المنطقة التي ينوي السفر لها، والقراءة حول شعوبها. يقول تعالى: ﴿وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. وأيضاً التعرف على الآثار التي تحتضنها تلك المنطقة، فلا يعود المسافر إلا وقد حمل معه زخماً ثقافياً ومعرفياً حول المكان الذي سافر إليه.

ثالثاً- التعامل بنضج ورشد.


الكثير من الناس حينما يُسافرون يتصرفون ببساطة وسذاجة، وهذا يوقهم في كثير من الحرج، فقد تُسرق أموالهم أو جوازاتهم، لا لشيء إنما لسذاجتهم وبساطتهم في التعامل. يقول الإمام الصادق : «إن أبي كان يقول: إن من قوّة المسافر حفظه لنفقته».

واختتم سماحة الشيخ حديثه بمقارنة سريعة حول مدى استفادة السياح الأمريكيين في سفرهم لأوروبا قياساً إلى استفادة السائح العربي، إذ تقول الإحصائيات أن السائح الأمريكي ينفق أقل من السائح العربي بنسبة (40 %). ومن الملاحظ أن استفادة السائح الأمريكي واستمتاعه بسفره أكبر من استفادة السائح العربي، وذلك لأن السائح الأمريكي يُخطط لسفره بينما السائح العربي بعكس ذلك تماماً.

ثم قال سماحة الشيخ: ينبغي في الفترة المعاشة التوجه للسياحة المحلية أو الإسلامية، لأنه:

1- قد يُسافر الإنسان إلى مناطق بعيدة عن مجتمعه ويجوب البلاد، وبجواره مناطق سياحية لا علم له بها، وقد تكون أفضل من تلك المناطق التي يُسافر لها.

2- أصبح السفر إلى البلاد الغربية (أمريكا وأوروبا) –خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة- محاطاً بالمخاطر فالأجواء الغربية ضد الإسلام وتتحين الفرص بالمسلمين من مضايقات وإهانات، فلماذا يُعرض الإنسان المسلم نفسه لهذه الإهانات وبإمكانه تجنبها والسفر إلى مناطق إسلامية لا تنقصها الحضارة؟ وضرب سماحة الشيخ لذلك عدة مناطق: إيران، أندنوسيا، ماليزيا، تركيا. شريطة أن يُحافظ الإنسان في سفره على دينه ودين عائلته وأخلاقه وأخلاق عائلته.

نسأل الله للجميع الخير والصلاح، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطاهرين.