فرص العمل امن المجتمع والوطن

مكتب الشيخ حسن الصفار


الخطبة الأولى: التكلّف في العلاقات الاجتماعية

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين.

يسلط القرآن الكريم الأضواء على جانب من مناطق الضعف وموارد الخلل في شخصية الإنسان وسلوكه، وذلك حتى يتلافاها ويتجاوزها، مستهدفا ترشيد سلوك هذا الإنسان وصناعة شخصيته السوية المستقيمة.

ومن نقاط الضعف التي تطرأ على  سلوك الإنسان ما أشارت إليه الآية الكريمة بمصطلح "التكلف"، وذلك بأن يكون الإنسان متكلفا في سلوكه. يقول الله تعالى على لسان نبيه : ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر أي على تبليغ الرسالة، ثم ينفي عن نفسه صفة "التكلف" لغرض لفت النظر إلى سلبية هذه الصفة فيقول ﴿وما أنا من المتكلفين.

 فالتكلف صفة مذمومة في شخصية الإنسان وقد وردت نصوص كثيرة تحذر الإنسان من هذه الصفة، منها ما ورد عن النبي (أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف).

والتكلف في معناه هو التصنع والتظاهر بشخصية على غير الحقيقة، كأن يدعي الإنسان مكانة ليست له، أو يتبوأ مقاما في غير محله. ومن معاني التكلف أن يتحمل الإنسان مشقة في تعامله مع الآخرين دونما داع ومبرر، وهذا محل حديثنا. إذ ينبغي أن يتسم تعامل الإنسان مع الآخرين من حيث الأصل بالبساطة والبعد عن التكلف وتكبد المشقة.

هنا لابد من التوضيح بأن هذا لا يعني بأي حال عدم إيثار الآخرين على النفس والمبادرة في قضاء حوائجهم، فهذا التصرف لا يطلق عليه تكلفا بل يسمى إيثارا ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وهذا في الشريعة أمر ممدوح. بل المقصود من التكلف هنا، هو التكلف في التعامل مع الآخرين عبر تحميل الذات مشاق من دون داع سوى الرياء وطلب السمعة، فهذا منهي عنه شرعًا.

ذلك على غرار المريض الذي يوصيه الأطباء بالتزام الفراش وطلب الراحة التامة لكنه مع ذلك يخالف رأي الأطباء فيلتزم باستقبال ضيوفه لا لشيء إلا ليجامل أصدقاءه على حساب صحته، هذا من التكلف المذموم في بعض صوره.

وكذلك ما يرتبط بأمور الضيافة مثلًا، فالضيافة شيء محبوب ومندوب ولكن التكلف فيها مذموم، وعندنا نصوص كثيرة تعالج هذا الأمر، فقد روي عن أمير المؤمنين : (شر الأخوان من تكلف له)، وورد عن الإمام الصادق (المؤمن لا يحتشم من أخيه ـ والاحتشام بمعنى تحمل الحرج ـ وما أدري أيهما أعجب الذي يكلف أخاه إذا دخل عليه أن يتكلف له، أو المتكلف لأخيه).

فهناك بعض الضيوف يكلفون على غيرهم فلا يقبلون إلا ببرتوكول معين، والإمام الصادق يتساءل هنا أيهما أعجب هذا الذي يكلف غيره، أم الشخص الذي يكلف نفسه في حين يمكن للآخر أن يقبل منه اليسير الممكن.

وروي عن الإمام الحسن العسكري : (لا تكرم الرجل بما يشق عليه) وذلك كما يحدث في بعض الأحيان من إصرار على شخص ما بقبول الدعوة أو شيء ما بخلاف رغبته، وقد يكون في ذلك ضررا عليه، من هنا يوصي الإمام بألا تشق على أحد وإن كنت تريد إكرامه. هكذا ينبغي أن يكون الإنسان عفويا ومنبسطا في تعامله مع الآخرين، فقد ورد عن النبي أنه قال: (من تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته ويتحفه بما عنده ولا يتكلف له شيئًا).

وعن الحارث الأعور قال أتاني أمير المؤمنين فقلت له يا أمير المؤمنين: ادخل منزلي، فقال : أدخل شرط ألا تذخر عني شيئا مما في بيتك، ولا تتكلف شيئا مما وراء بابك). وفي رواية (ولا تجف بالعيال) أي لا يكون إكرام الضيف على حساب أهل الدار.

وهناك في السياق ذاته رواية لافتة عن أبي وائل قال دخلت أنا وصاحب لي على سلمان الفارسي، فقال لولا أن رسول الله نهى عن التكلف لتكلفت لكم، ثم جاء بخبز وملح ساذج لا إدام عليه، فقال صاحبي: لو كان في ملحنا هذا زعتر، فبعث سلمان بمطهرته ليرهنها عند البقال ليشتري زعترًا، فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا، فقال سلمان: لو قنعت بما رزقك الله لم تكن مطهرتي مرهونة عند البقال.

إن علينا أن ننشر ثقافة عدم التكلف في مجتمعنا، خصوصا في مجال العادات الاجتماعية ومنها ما يرتبط بالعادات المتعلقة بحفلات الزواج كما سبق لنا الحديث. فجميعنا يدرك حجم الكلفة القائمة في حفلات الزفاف النسائية تحديدا، وهي كلفة مرهقة لأصحاب المناسبة والضيوف المشاركين فيها على حد سواء، لكننا جميعا متواطئون على هذا النهج مع شديد الأسف. فعادة ما ينتهي حفل استقبال المهنئين ويبدأ زفاف العريس في وقت مبكر نسبيا قد لا يتعدى الساعة العاشرة والنصف مثلًا.

وقد درجت مجتمعاتنا في السابق على زفاف العريس إلى بيت الزوجية وقد سبقته عروسه فيدخل بيته وهي بانتظاره، لكن الأمر الآن انقلب، فحفلات الزفاف لدى النساء باتت تستمر حتى ساعات قريبة من الفجر مع الأسف، بل إن وجبة العشاء لا تقدم للضيوف إلا بعد منتصف الليل!، وهذا برنامج مكلف ومزعج لجميع الأطراف، خصوصا في ظل تزايد حفلات الزواج في العطل الصيفية، فكثير من المدعوات مضطرات تحت وقع الالتزام الاجتماعي لتلبية الدعوة لحضور أكثر من حفلة زواج في أوقات متقاربة، ما يعني ذلك تأخر الكثير من النساء عن العودة لبيوتهن وأزوجهن وعيالهن، الأمر الذي ولد مشاكل كثيرة بين العوائل وقد بلغنا الكثير منها، لا لشئ سوى نتيجة هذا التكلف المبالغ فيه.

إننا مدعون لإعادة النظر في هذه السلوكيات حتى تكون بعيدة عن التكلف دون أن نحرم أنفسنا فرصة مشاركة بعضنا أفراح بعض. نسأل الله تعالى أن يوفقنا للالتزام بتعاليم الدين.

 

الخطبة الثانية: فرص العمل امن المجتمع والوطن

ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع أنه قال: (اطلبوا الرزق فإنه مضمون لطالبه). أن استقرار الإنسان النفسي والاجتماعي يتوقف بلاشك على تأمينه لمتطلبات حياته ومعيشته، عدا عن ذلك سيكون الإنسان غير مستقر نفسيا، وبالتالي لا يكون مستقرا اجتماعيًا، فينعكس ذلك على اضطراب الحالة الاجتماعية بوجود من لا يتوفر له الأمن الاقتصادي.

وقد ورد عن رسول الله (كاد الفقر أن يكون كفرًا)، فحينما يكون الإنسان قلقا على وضعه الاقتصادي، ويفتقد العمل الشريف نتيجة العوائق المختلفة فإن المجتمع يكون معرضا للاضطراب، ولذلك تتزايد السرقات وتنتشر الرشوة ويتفشى الفساد وغير ذلك من الظواهر السلبية المختلفة، ولعل بعض الحكومات تتجاهل بل تتعايش مع انتشار هذه الحالات، ولا تعيرها اهتماما جادا لأنها لا تشعر بالضرر المباشر جراء انتشار السرقات والعنف بين أبناء المجتمع.

لكن هذا الاضطراب الاجتماعي قد يتحول الى اضطراب سياسي، فالناس الذين يعيشون تحت ضغوط المعيشة وتنعدم أمامهم سبل الحصول على العمل الشريف، سيقودهم ذلك إلى مواقف وتطورات قد لا تحمد عقباها، ولعل ما يحصل الآن في منطقة الشرق الأوسط من ثورات وانتفاضات يكمن أحد أسبابها الرئيسة في المشكلة الاقتصادية التي باتت تطحن الناس.

وقد ورد عن أبي ذر الغفاري: (عجبت لمن لا يملك قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه). وتجدر الإشارة هنا إلى أن مؤسسات ومنظمات دولية عديدة سبق وأن حذرت منذ أكثر من سنتين من اندلاع اضطرابات سياسية واجتماعية في العديد في الدول النامية نتيجة غلاء الأسعار وتفشي البطالة، وهذا ما حصل بالفعل في كثير من البلدان.

ان حكومات المنطقة مدعوة للتدخل على نحو عاجل لمعالجة الأزمات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي قبل أن تتحول إلى أزمات سياسية تعصف باستقرارها وأمنها. ويكتسب الأمر أهمية قصوى في البلدان التي تمتلك وفرة اقتصادية، اذ ان شعوب الدول الفقيرة ربما تتعايش مع الضائقة الاقتصادية وتتقبلها، لكن الناس في الدول الغنية أقل تحملا للمشاكل الاقتصادية.

من هنا كان لزاما على دول المنطقة المسارعة في وضع معالجات حقيقية أمام شعوبها لتتفادى الاضطرابات التي قد تنفجر بوجهها.

ان الاعلان في المملكة عن إستراتيجية اقتصادية تتوخى معالجة معضلة البطالة ومشاكل الشباب في البلاد يعد أمرا طيبا ويبشر بالخير متى ما رافقه التزام وتطبيق عملي على أرض الواقع، فكثيرًا ما يفرح الناس بالقرارات والخطط لكنهم يحبطون بالتباطئ والمماطلة من قبل الأجهزة المكلفة بالتنفيذ.

من الواضح ان  الإستراتيجية الجديدة التي شرعت فيها وزارة الاقتصاد والتخطيط، بتوجيه ملكي ومشاركة عدد من الوزارات، أنها وضعت اليد على مكامن التحدي والخطر المتمثلة في مشكلة البطالة والشباب كما تتحدث عنها جريدة الرياض (الاثنين 17 شعبان 1432هـ). فقد بلغت نسبة البطالة في المملكة 31 % بين الذكور ضمن قوة العمل، أما بين الإناث فوصلت النسبة إلى 71%.

 وهذه نسب مرتفعة جدًا إذا ما قيست بمعدل البطالة الكلي. وغني عن القول أن انعدام فرص العمل أمام الشباب يعني انسداد الأفق أمامهم ازاء بناء مستقبلهم، وتوفير احتياجاتهم المعيشية فضلا عن امكانية الزواج وتكوين أسرة أو بناء منزل.

وإذا عاش الشباب هذا القلق فإن ذلك قد يدفعهم إلى مختلف الأخطاء والتوجهات غير السوية، من تعاطي المخدرات والاتجار بها، فهناك نسبة كبيرة من الشباب الذين انزلقوا إلى هذا المنحدر بسبب الظروف الاقتصادية والقلق تجاه تأمين مستقبلهم. زد على ذلك قسماً آخر من الشباب الذين مثلوا صيدا سهلا للتنظيمات الارهابية التي بات يحاكم بعض أعضائها هذه الأيام أمام محاكم شرعية.

وقسم ثالث من الشباب باتوا يمارسون التصرفات الطائشة عبر قيادتهم السيارات بسرعة جنونية تشكل خطرًا على حياتهم وحياة الآخرين، وقد أظهرت احصائية صادرة عن ادارة المرور أن حوادث المرور باتت تحصد يوميا 16 شخصا في شوارع المملكة ممن يتوفون بشكل مباشر بسبب الحادث هذا خلاف من يموتون في المستشفى تأثرًا بجراحات بليغة، وأغلب المتورطين في هذه الحوادث هم فئة الشباب.

أما القسم الرابع من الشباب الذي باتوا ضحية الفراغ والبطالة فهم الذين استسلموا لحالات الكآبة والاضطرابات النفسية. كل هذه الظواهر سببها الأكبر هي حالة البطالة، دون أن يكون ذلك السبب الوحيد بطبيعة الحال.

وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة الرياض إلى أن 96% من الشباب السعودي يرى أن توفير والوظائف يمثل بالنسبة اليهم أهمية قصوى، فهذا يكشف إلى أي مدى يعيش الشباب قلقا اقتصاديًا ونفسيا واجتماعيا، خصوصا وأن أكثر الشباب عندنا في المملكة يعانون وقت الفراغ، اذ يتراوح ذلك من 4 إلى 12 ساعة يوميا، فاين يصرف الشاب كل هذا الوقت؟

وفي احصائية نشرتها جريدة الوطن السعودية (19 شعبان 1432هـ) جاء فيها أن 50% من خريجي كليات التقنية ينضمون إلى قائمة البطالة. أما من يتسربون خلال سنوات الدراسة فقد بلغت نسبتهم 65% من الطلاب، علما بأن الدولة تتحمل تكلفة الدراسة التي تصل إلى 98 ألف ريال عن كل طالب سنويًا، غير أن الملفت ان 25% ممن تخرجوا في هذه الكليات التقنية اتجهوا للعمل في وظائف لا تتناسب مع تخصصاتهم!، ومعنى ذلك أننا نصرف أمولا في تعليم الطلاب ضمن تخصصات معينة إلا انهم يعملون في مجالات أخرى ليست مجال تخصصهم، فما مبرر هذا الصرف وهذه الخسائر الكبيرة إذًا؟.

والأغرب مما سبق هو ان معضلة البطالة باتت تطال بعض المبتعثين في الدول الغربية، والذين يكلفون البلد ميزانية هائلة، لكنهم حين يعودون للبلد لا يجدون فرصة عمل!، ولعل مجال تعليم البنات خير شاهد على ذلك، فالدولة تصرف على تعليمهن سنوات طويلة حتى يتخرجن فيكون مصيرهن الجلوس في البيت!.

هنا لابد من التركيز على ثلاثة محاور نجد بأن لها الدور الأبرز في معالجة المشكلة الاقتصادية التي يئن تحت وطئتها الكثير من المواطنين، وأولها ضرورة اعادة النظر في الاستراتيجيات الاقتصادية، ودور القطاع الخاص وأخيرا دور المجتمع.

اولا: لابد من اعادة النظر في الاستراتيجيات الاقتصادية القائمة في البلد، فليس من المعقول أن يكون لدينا اقتصاد ضخم يستوعب أكثر من ثمانية ملايين عامل أجنبي بلغت تحويلاتهم المالية أكثر من 98 مليار ريال في العام الماضي وحده، ومع ذلك لا يزال أبناؤنا وبناتنا يعانون البطالة ويلهثون وراء فرص العمل. هذا الأمر يدعونا لإعادة النظر في الإستراتيجية القائمة وتحديث القوانين والأنظمة ووضع إستراتيجية تأخذ بعين الاعتبار أولوية توفير فرص العمل أمام الشباب من الجنسين.

ثانيا: يجب أن يتحمل القطاع الخاص مسؤوليته الكبيرة في توفير فرص العمل أمام الشباب، وذلك بالتركيز على استيعاب وتشجيع أبناء الوطن على العمل بمختلف السبل، سيما وأن نسبة السعوديين في القطاع الخاص لازالت متدنية جدا، بالمقارنة مع العمالة الأجنبية التي تعج بها الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص.

هنا، لابد وأن أشير إلى ما سبق وأن أكدته مرارًا على ابنائنا بالتوجه نحو تأسيس مشاريعهم الاستثمارية الخاصة، فليس من الصحيح أن يحصر الشباب خياراتهم في الحصول على وظيفة صغيرة هنا أو هناك. بل المؤسف في الأمر أن بعض الشباب ممن لا يحمل مؤهلا عاليا بات يتردد في قبول الوظيفة التي قد يصل راتبها الشهري إلى 3500 ريال كما أخبرني بذلك أحد العاملين في لجان التوظيف الأهلية.

ان بلادنا تزخر بالكثير من الفرص الاقتصادية الواعدة، التي بات يقتنصها الوافدون الأجانب فيجنون من ورائها ملايين الريالات. ويحضرني في هذا السياق ما رواه لي أحد الأصدقاء العاملين في مجال السياحة في المدينة المنورة، عن أحد الوافدين الذي بات اختصاصيا في إدارة الفنادق بحكم عمله السابق في أحد الفنادق. فهذا الوافد تحول من مجرد عامل في الفندق  إلى مستثمر استأجر الفندق الذي كان يعمل فيه نفسه، وذلك مقابل خمسة ملايين ريال يدفعها لمالك الفندق، وقد طور هذا الوافد تجربته بحيث استأجر فندقا ثانيا وثالثا، إلى أن وصل عدد الفنادق التي استأجرها إلى 14 فندقا! وهذا ما يحتاج بطبيعة الحال إلى ارادة وإدارة وجهد واجتهاد.

ولعل الكثير منا قرأ ما كتبته أحدى الصحف السعودية عن عامل هندي اتفق مع طبيب سعودي على أن يفتح باسمه مركزا طبيا ليقوم العامل نفسه بادارة شؤون المركز بالكامل مقابل مبلغ من المال يدفعه للطبيب السعودي، وقد بلغ عدد المراكز التي افتتحها العامل الهندي على هذا النحو 18 مركزًا طبياً مستخدمًا اسم هذا الطبيب السعودي، فكان الطبيب السعودي يأخذ نسبة على كل مستوصف بلغ مجموعها ما قيمته مليون وثلاثمائة ألف ريال شهريا بينما يكون نصيب العامل الهندي مليون وثمانمائة ألف ريال شهريًا من أرباحه الصافية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ لماذا يستطيع الوافد الأجنبي اقتناص هذه الفرص الاقتصادية الكبيرة فيما يظل ابن البلد نائما بل كلًاً على غيره؟. ان على الشباب التوجه نحو تنويع خياراتهم الاقتصادية والبدء في تأسيس مشاريعهم التجارية الخاصة، بالاستفادة من الفرص الاقتصادية الهائلة التي تملأ البلد، خاصة مع وجود جهات لتمويل المشاريع الصغيرة بقروض ميسرة كبك التسليف، وصندوق المئوية.

ثالثا: لابد أن يتحمل المجتمع مسؤوليته ازاء تشجيع الشباب على العمل. فليس من المناسب الإكتفاء بحديث المجالس ازاء أخطاء هذه الجهة الرسمية أو تلك، فمثل هذه الشكاوى تتناولها الصحف المحلية ولا أحد ينكرها، غير ان المطلوب منا هو التحرك باتجاه تشجيع أبناءنا وتوجيههم نحو تأسيس المشاريع الاقتصادية واقتناص فرص العمل المتاحة.

ولعل مضمون الرواية التي اشرنا إليها (اطلبوا الرزق فإنه مضمون لطالبه) تشدد على أن الرزق والكسب الوفير متاح لمن يسعى لتحصيله والحصول عليه أما الكسالى فلن يحصلوا على شيء، وعن رسول الله ص: (إن الله تعالى يحب أن يرى عبده يجمع المال من حلال)، وفي رواية أخرى (الكاد على عياله كالمجهاد في سبيل الله)، وفي ثالثة (ملعون ملعون من ضيع عياله)، ويقول لإمام الصادق (لا تكونوا كلًا على الناس). وأخيرا، نحن في بلد زاخر بالفرص الاقتصادية التي يسيل لها لعاب كل أحد، وما يتمنى معها أي أجنبي أن يتحصل على تأشيرة يدخل بها بلادنا بأي ثمن، فمن غير المعقول أن يشكوا أبناء البلد من قلة الفرص أمامهم؟

 نسأل الله للجميع سعة الرزق وحسن المعيشة.

خطبة الجمعة بتاريخ 21 شعبان 1432هـ الموافق 22 يوليو 2011م