الشيخ الصفار يؤكد أن كرامة الإنسان أصل فكري وقاعدة فقهية

أعده: هاني الشبيب.

ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار، وضمن برنامجٍ أسبوعي بعنوان: ( من مدرسة القرآن)، محاضرة تناول فيها الآية القرآنية :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) سورة الإسراء وذلك مساء يوم الأربعاء 16/11/1425هـ الموافق 28/12/2005م ، طرح في بداية حديثه بعض التساؤلات:
ما هو التكريم، وما هو المقصود بالتكريم هنا في الآية الكريمة؟
وأجاب: أن التكريم لغة بمعنى: التنزيه،أي أن الكرامة ممنوحة للإنسان، وأن الآية الكريمة تركز على نعمة التكريم والإكرام، والآية في سياقها لم تتحدث عن المؤمنين أو المسلين دون غيرهم من المشتركين معهم في عنوان الإنسانية، بل أن كل فرد من البشر هو ضمن إطار التكريم، كما أشار إلى أن بعض المفسرين ذكروا بأن التكريم المقصود به هو العقل الذي منحه الله للإنسان.
- هل هناك فرق بين التكريم والتفضيل؟
أشار إلى آراء بعض المفسرين الذين تناولوا الآية الكريمة، ومنهم صاحب الميزان قوله:
أن التكريم معنى نفسي وهو جعله شريفاً ذا كرامة في نفسه، والتفضيل معنى إضافي وهو تخصيصه بزيادة العطاء بالنسبة إلى غيره، والإنسان يختص من بين الموجودات الكونية بالعقل ويزيد على غيره في جميع الصفات والأحوال التي توجد بينها والأعمال التي يأتي بها.
كما أشار سماحته إلى المعاناة التي عاشتها البشرية طوال عهود ضبابية انتشرت فيها تصورات خاطئة تحط من شأن وكرامة الإنسان، مستدلاً بمثالٍ قرآني عن اليهود والنصارى وادعائهم أنهم شعب الله المختار، لكي يبرروا بذلك ازدراءهم وتحقيرهم وتجاوزهم للشعوب الأخرى وتجاوزهم لحقوق الآخرين، كما أثبت أن في خضم الحديث بالآيات الكريمات بأن هذا الإدعاء باطل لا محالة إذ يقول عز من قال : ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) سورة المائدة
ثم أثبت سماحته أن الكرامة الإنسانية أصل فكري وقاعدة فقهية إذ يقول: »أن العلامة السيد فضل الله في تفسيره من وحي القرآن الكريم من بين جملة المفسرين تنبه لهذه الحقيقة بحيث أكد السيد فضل الله: أن الآية تؤكد أن كل تصرف يكرس كرامته، وترفض كل ما يؤدي إهانته من موقعه الإنساني بعيداً عن العناوين الثانوية التي قد تجيز إهانته والتعدي على حرمته .... فتكون لنا من خلال ذلك قاعدة شرعية، هي احترام الإنسان في نفسه وماله وعرضه، كأصل إسلامي فقهي، لا يجوز الخروج عنه إلا بعنوان مخصص له.
الأساس في استيحاء هذا الأصل الفقهي من الآية هو أن الله إذا كرم بني آدم في إعدادهم التكويني والعملي، فإننا نستفيد من ذلك أنه يريد لهم أن يؤكدوا هذه الكرامة على مستوى وجودهم الحياتي وفي علاقاتهم الاجتماعية التي تحكم تصرف كل واحدٍ منهم تجاه الآخر، ٍيما وأن التصرف السلبي المخالف لذلك يتنافى مع خط الكرامة الإلهية للإنسان، لأنه ينتهي إلى الإهانة لمن يريد الله احترامهٍ«.
كما أكد سماحته على تأصيل هذه القاعدة، في ضوء النصوص الواردة.. وقال في ختام المحاضرة بأنه ينبغي أن نحاكم بعض الأفكار -التي تصدر من المذاهب الإسلامية ضد بعضهم البعض - في إطار النص القرآني..
ثم توالت المداخلات تباعاً من الحضور .