الشيخ الصفار: يتحدث عن صفات المرشحين ويحث على إبعاد النفس الطائفي والفئوي في العملية الانتخابية

مكتب الشيخ حسن الصفار
•أعده: هاني الشبيب

تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار عن مبدأ الشورى في الندوة التي ألقاها مساء يوم الخميس 2 ذو الحجة 1425هـ في مجلسه في القطيف الموافق 13 يناير 2005م وبحضور جمعٍ من المثقفين والعلماء والوجهاء. حيث افتتح المحاور الأستاذ/محمد الشيوخ الندوة بقوله:
بادئ ذي بدء، نرحب بالأخوة الحضور والعلماء في هذا المجلس المبارك، كما نرحب بالأخ الباحث الأستاذ نواف السبيعي من مدينة الرياض.

و إيماناً منا في التواصل حول قضية هامة وهي الانتخابات البلدية، فكلنا عشنا تجربتها قرابة الشهر، وكانت هناك كثير من التساؤلات، ومن خلال التجربة اكتشفنا بعض الإجابات، وما زال بعضها مجهولاً.. ومن هذه الأسئلة:

من ننتخب؟ وكيف ننتخب؟ وكيف يتعاطى الناس مع المرشح؟ وما هي المعايير التي من خلالها نرشح؟
وكيف يمكن أن تستمر عملية التشاور والتواصل بين المجتمع والمرشح ؟


ثم تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار متأملاً في الآية الكريمة:
﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) سورة الشورى

وأشار إلى أن الاستجابة لله في منطق الإسلام لا تنحصر في الاستجابة القلبية و الممارسات العبادية، فالمستجيبون لله يستجيبون لما يكلفهم ربهم من الأعمال الصالحة، أن هناك ثلاث تجليات رئيسة لهذه الاستجابة وهي:

1.وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ: كتجسيد للارتباط بالله سبحانه وتعالى.

2.وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ: الضمير في الآية الكريمة يعود إلى المجتمع المسلم، من باب الحث على التشاور والمشاركة في الشأن العام، وأن حالة الاستبداد تتنافى ومبدأ الاستجابة لله.

3.وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ: وهي صفة العطاء من أجل المصلحة العامة، والأمر لا يختص بالمال فقط، فالعالم ينفق مما لديه بعلمه، وصاحب الكفاءة بكفاءته وصاحب القدرة بجهده وهكذا.

وحديثنا في هذه الليلة عن الصفة الثانية وهي التشاور والمشاركة في الشأن العام، وكما يبدو من الآية أن صفة التشاور لازمة الوجود في المجتمع المسلم كإقامة الصلاة.

وأضاف: لقد كان المجتمع الإسلامي في عهد رسول الله وفي عهد الخلافة الراشدة في حالة من التشاور، وحينما بليت الأمة بحكم مخالف لنهج الشورى، بدأت حالة الاستبداد، ومع تطور العصر أصبح لازماً على الأمة الإسلامية أن تتغير، ومما يؤسف له أن الدول الأخرى تقدم المشاريع لإصلاحنا بعناوين مختلفة، كالمشاريع الأمريكية والأوربية للإصلاحات في الشرق الأوسط.

ثم استطرد: أنه ينبغي أن ننظر بإيجابية إلى موضوع الانتخابات البلدية في المملكة، فهي خطوة صحيحة نحو المسار الإصلاحي... كما وعد المسؤولون، ونأمل أن تكون الأولى نحو تطلعات أكبر.

وكما تعلمون أن المرحلة الأولى في منطقتنا قد انتهت وهي تسجيل قيد الناخبين ومضت بحمد الله في أجواء طيبة من التفاعل في المنطقة الشرقية بشكل عام وفي القطيف بشكل خاص.

ثم بين سماحته الجهود التي بذلت في الفترة التي سبقت تسجيل الناخبين وأثناءها:فقبل أشهر تكونت لجان أهلية في القطيف وصفوى وسيهات وقرى المحيط والدمام والأحساء لتوجيه الناس، هؤلاء يجب أن نعترف لهم بالفضل ونقدم لهم الشكر الجزيل.

كما كان لعددٍ من علماء الدين دورٌ في التشجيع وحث الناس على المشاركة والتفاعل، إضافة إلى النشرات الإرشادية وغيرها من الجهود الطيبة.
هذه الجهود الشعبية هي التي وصلت بنا إلى هذه النتائج الإيجابية على مستوى المنطقة.

الآن ندخل المرحلة الثانية وهي مرحلة مهمة لأنها تتفاعل مع التفاصيل داخل المجتمع، فبوعي الناس وهمتهم سوف تمر المرحلة الثانية بشكل إيجابي كما مرت سابقتها.

ثم وضح جملة من النقاط المهمة التي ينبغي أن تكون في ذهن المرشح والمنتخب ومن أبرزها:

1-التشجيع على الترشح: أشجع الأشخاص الذين يجدون في أنفسهم كفاءة في المشاركة بالترشيح، وأن لا يترددوا في خدمة مجتمعهم.

2-عدم الخوف من خوض غمار التجربة الانتخابية والاتصاف بروح رياضية مرنة بحيث يتحلى المرشح بالمرونة واحترام المرشح الآخر.

ثم ضرب مثالاً بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، وكيف أن المرشح الخاسر للرئاسة الأمريكية جون كيري كان أول المهنئين لجورج بوش، وهو الآن يمثله في جولة على بعض دول المنطقة.

كيف يختار الناس مرشحهم


بعد ذلك طرح سماحة الشيخ تساؤلاً مهماً: كيف يختار الناس مرشحهم ؟
وأجاب بقوله: ينبغي أن نبحث عن المقاييس الصحيحة ضمن هذا الميدان مشيراً إلى ثلاث صفات رئيسة ينبغي أن تتوفر في المنتخب:

1-أن يكون لهذا المرشح معرفة وإلمام بالحاجات المرتبطة بالناس وبالقوانين الخاصة بالشؤون البلدية والقروية حتى يتمكن من أداء دوره بنجاح.

2-أن يمتلك قوة الشخصية بحيث تكون عنده الجرأة للدفاع عن حقوق المواطنين ضمن إطارها الطبيعي.

3-أن يكون المرشح نزيهاً ولديه شعور بالمسؤولية تجاه الناس وتجاه وطنه، وأن لا يستغل الموقع لمصالحه الشخصية.


كيف نتنافس

كما أشار بعد ذلك إلى الطريقة التي يكون فيها التنافس مبدياً بعض الملاحظات الهامة:

•الملاحظة الأولى: ينبغي أن يكون التنافس ضمن إطار المنافسة السليمة وذلك بعدم إثارة النعرات المذهبية و الطائفية، كما يجب أن نتجاوز حالة التصنيف المذهبي، مؤكداً على إيجاد أرضية سليمة من الوحدة بين السنة والشيعة يقف عليها المواطن . واختتم النقطة بالمراهنة على وعي المجتمع بحيث لا يكون هناك تصنيف مرجعي أو مناطقي بين المرشحين.

وأكد سماحته على المنافسة الأخلاقية الشريفة بين كافة الأطياف التي ستشارك في العملية الانتخابية التي يحث عليها ديننا الحنيف واحترام الآخر.

•الملاحظة الثانية: أن يكون هناك برنامج انتخابي واضح لكل مرشح.

•الملاحظة الثالثة: دعم الناس لمن يرون فيه الكفاءة والجدارة.

وفي الختام دعا سماحة الشيخ أبناء المجتمع إلى أن يقفوا مع المرشحين الصالحين:

نأمل أن ينتخب الناس المرشح ضمن المصلحة العامة وليس ضمن إطار المحسوبيات، فأنت إذا ساعدت المرشح فأنت في الحقيقة تساعد صنع قيادات اجتماعية ووطنية.

بعد ذلك بدأ المحاور بذكر النقاط الرئيسة التي ارتكزت عليها الندوة، ثم أتاح سماحة الشيخ المجال للباحث الأستاذ/ نواف السبيعي الذي عبر عن إعجابه بتوجه الشيخ الصفار وأنه أنموذج فريد من علماء الدين الذين يهتمون بشؤون الناس.
ثم بدأت المداخلات والأسئلة من الحضور وفي الختام شكر سماحة الشيخ الحضور على مشاركتهم وتفاعلهم.