التشيّع بين المظاهر والالتزام

مكتب الشيخ حسن الصفار
الخطبة الأولى: التشيّع بين المظاهر والالتزام

ورد في كلام لأبي جعفر الباقر مع جابر الجعفي أنه قال: «يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلّا من اتّقى الله وأطاعه»[1]  .

وورد عنه  أنه قال: «لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا إلّا من أطاع الله عزّ وجلّ»[2]  .

وعن الإمام الصادق: «ليس من شيعتنا مَن قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا»[3]  .

إنّ تحديد معايير الولاء والتشيّع لأهل البيت، ليست مسألة خاضعة للمزاج الشخصي أو العام، وإنّما أئمة أهل البيت أنفسهم هم من يضع تلك المعايير. ويمثل إحياء مناسبات أهل البيت جانبًا من مظاهر المحبّة والولاء لهم ، شريطة أن يكون ضمن السقف الذي يضعونه هم، لا وفق ما يراه غيرهم. ذلك أنّ بعض الناس ربما يضعون برامج ويختلقون ممارسات وفق ميولهم، ثم لا يترددون في اعتبار تلك البرامج والممارسات بابًا حصريًّا للتعبير عن الولاء لأهل البيت!، في حين نجد بالعودة لتراث وسيرة أهل البيت أنهم وضعوا المقاييس التي تعبّر عن الولاء والتشيّع لهم، لا أن ينبري كلّ من هبَّ ودبَّ لوضع مقاييس متوهمة ويحاكم الآخرين على ضوئها.

جوهر التشيّع

والسؤال المهم هنا، هو عن تعريف التشيّع ومعايير الولاء الحقيقي لأهل البيت كما وضعها أئمة أهل البيت أنفسهم.

ولعلّ السائد في أوساط كثير من المؤمنين أن التشيّع لأهل البيت يعني الاعتقاد بمقامهم ومكانتهم المتميزة التي وضعهم الله تعالى فيها، وأنّ التشيّع لأهل البيت يعني إظهار الفرح أو الحزن في مناسباتهم بالصيغ المتعارفة في كلّ مجتمع من المجتمعات، وهذان البعدان من مصاديق التشيّع والولاء، لكن التشيّع الحقيقي وفقًا لأئمة أهل البيت يتمثل في تقوى الله وطاعته سبحانه وتعالى. وقد ورد في الرواية عن جابر بن يزيد الجعفي أنه قال، قالي لي أبو جعفر الباقر : >يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيّع، أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلّا من اتّقى الله وأطاعه<. واللافت في الرواية أنّ الإمام الباقر  يقسم قسمًا بأن مجرّد إضمار المحبة لأهل البيت، أو إعلان الولاء لهم باللسان، لا يعدو سوى انتحال للتشيّع، أمّا التشيّع الحقّ فهو المتمثل في تقوى الله وطاعته سبحانه وتعالى. وجاء في رواية عن محمد بن مسلم عن الإمام الباقر  أنه قال: «لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا إلّا من أطاع الله عزّ وجلّ»، وهنا دعوة صريحة للإمام  بألّا ينساق المؤمن خلف توجّهات ومزاعم من هنا وهناك، ربما حصرت التشيّع في اعتقاد ضيق، أو ممارسة محددة، إنما الشيعة الحقيقيون هم فقط وفقط أولئك المطيعون لله عزّ وجلّ. وتكمن أهمية هذا الكلام في كونه يأتي ردًّا على من ينبري إلى حصر التشيّع لأهل البيت في اعتقادات مغالية، أو آراء غريبة، حول مقام أهل البيت ومكانتهم، أو المزايدة والمبالغة في المظاهر الولائية، فمن يبالغ أكثر في إظهار الاحتفاء بمواليد أئمة أهل البيت ووفياتهم هو الأكثر تشيّعًا لأهل البيت. إنّ المظاهر الولائية بمفردها ليست جوهر التشيّع، إنما جوهر التشيّع هو طاعة الله، وبدونها لا فائدة من كلّ الاعتقادات، ولا جميع المظاهر التي نسبغها على أهل البيت.

وجاء في رواية عن الإمام الصادق  أنه قال: «إنّما شيعة عليّ من عفّ بطنه وفرجه واشتدّ جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه فإذا رأيت أولئك، فأولئك شيعة جعفر»[4]  ، وبذلك ينزع الإمام صفة التشيّع عمّن لم تكن فيه هذه الصفات، وإن ادّعى وتظاهر بكلّ مظاهر التشيّع.

الأتباع وليس مجرّد الحبّ

والحقيقة أنّ خطابنا الديني الشيعي في معظمه كثيرًا ما يستغرق في الحديث عن مقام ومكانة أهل البيت، أكثر من الحثّ على اتباع تعاليمهم والإقتداء بسيرتهم. نحن بحاجة ماسّة إلى خطاب يؤكّد عمق التشيّع، ويوجّه أتباع أهل البيت  إلى أن يتمثلوا تعاليمهم  ويأخذوا بكلامهم ووصاياهم.

إنّ البكاء والفرح في ذكرى وفيات ومواليد أئمة أهل البيت ليستا أكثر من مصاديق ومظاهر للحبّ لا أكثر. فلا يظنّ من يبكي على الإمام  في يوم وفاته، أو يفرح بمناسبة مولده أنه قد فعل ما عليه وانتهى الأمر، كلّا. ولعلّ أبلغ تجسيد جليٍّ لهذه الحقيقة هو قول الإمام الصادق: «إنّما إنا إمام من أطاعني»[5]  ، فالمقياس بحسب الإمام هو الاتّباع الحقّ له، لا الاقتصار على البكاء عليه في ذكرى وفاته، أو الفرح بيوم مولده. إنّ أكثر ما يحبّه أئمة أهل البيت ويفرحون به في ذكرى مواليدهم هو أن يروا شيعتهم مطيعين لربهم وملتزمين تعاليم أئمتهم.

المناسبات والممارسات الخاطئة

ولعلّ أسوأ ما يمكن أن يحيط بمناسبات أهل البيت هي تلك المظاهر السلبية التي يمارسها بعض الشباب. فقد حوّل البعض مناسبات أهل البيت إلى مواسم للتفحيط خاصة في قلب الأحياء السكنية، وما ينتج عن ذلك من مشاكل تستدعي حضور الشرطة في العديد من الأحيان، أو التواجد الشبابي وسط الشوارع في بعض المناسبات بأعداد كبيرة ومزاحمة النساء، الأمر الذي يسوّغ للبعض الاصطياد في المياه العكرة في مثل هذه الظروف. فأين هذا من الاحتفال بمناسبات أهل البيت؟ وهل هذه الممارسات السلبية إلّا تشويه وإساءة لمناسبات أهل البيت؟ إنني أتمنى أن يكون لعلماء البلاد ووجوه المجتمع موقف واضح، وبيان حاسم، بأنّ هذه الممارسات إنّما تمثل اساءة لأهل البيت، ولا ينبغي أن تحصل، ولا يجوز الدعوة لها ولا المشاركة فيها، ولا التفرج عليها؛ لأنّ المتفرجين بحضورهم داعمون فعليون لهذه الممارسات الخاطئة. إنّ المناسبات الدينية المتعلقة بأهل البيت ينبغي أن تكون فرصة لتجديد العهد بسيرتهم وتعاليمهم ومعاهدة الله بالسير على طريقهم.

 

الخطبة الثانية: الصورة النمطية بين الجماعات والمجتمعات

﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا. [سورة آل عمران، الآية: 75].

يحفل القرآن الكريم، ضمن سياق المنهج التربوي للأمة، بكثير من الآيات الهادية إلى الطريق القويم في التعاطي مع مسألة الصور الذهنية والنمطية عن الأقوام والملل الأخرى. حيث تركّز آيات الكتاب في قسم منها على طريقة تعامل المجتمع المسلم مع بعضه وفي داخله، وتنحو آيات أخرى للتركيز على مسألة تعامل المجتمع المسلم مع المجتمعات الأخرى، على اختلاف دياناتها. ويبدأ هذا المنهج التربوي في تناول العلاقة مع المجتمعات، من نقطة تشكيل الصورة الذهنية، وصناعة الانطباع العام عنها، بحيث تنتهي إلى تشكيل صورة ذهنية متوازنة عن المجتمع الآخر، ومنشأ اهتمام القرآن الكريم بهذا الأمر مردّه إلى أن الصورة الذهنية، والانطباع النفسي عن المجتمعات الأخرى، هو الذي يهيئ الأرضية للتعامل معها بشكل صحيح.

الإنصاف منهج قرآني

وقد تضمن القرآن الكريم أحد أبرز النماذج موضوعية في النظرة للمجتمع الآخر، حين أنصف أهل الكتاب، حتى وهم في أوج مناكفتهم العقدية، وعداوتهم العسكرية للمجتمع المسلم. إنّ إشارة القرآن الكريم لأهل الكتاب، خاصّة إبّان الفترة المدنية، غالبًا ما كانت تعني اليهود تحديدًا، فقد كانوا أشدّ الجماعات مناوءة للمسلمين آنذاك، وقد خاض المسلمون معارك وحروبًا عديدة معهم، مثل معركة بني قريضة وخيبر وغيرهما.

وإذا ما علمنا بأنّ الصراعات المختلفة غالبًا ما تنحو خلالها قيادات ورموز كلّ طرف نحو إعطاء انطباع سيئ عن المعسكر الآخر، فتلصق به كلّ صفات الإجرام، بغرض صنع صورة ذهنية قاتمة عنه، إلّا أنّ القرآن الكريم لم يستنكف من إنصاف أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا، فالآية الكريمة تشير إلى أنّ من بين هؤلاء اليهود الأعداء أشخاص في غاية الأمانة، وهم حريصون على تأدية الأمانة بتمامها حتى لو كانت بمقدار قنطار، أي بما يساوي حمل بعير من الذهب بمكاييل ذلك الزمن، وهناك من اليهود من لا يؤدي الأمانة إلّا بشق الأنفس، حتى لو كانت لا تتجاوز الدينار الواحد!. وبذلك يشدّد المنهج القرآني على رفض تعميم الصورة النمطية السلبية المتحيزة على الآخرين أيًّا كانوا، حتى في أوج الاختلاف والصّراع معهم.

الصور النمطية ظلم وتضليل

لقد أصحبت الصور النمطية المأخوذة عن الآخرين إحدى أبرز عوائق التواصل بين المجتمعات، وقد عرف المختصون الصورة النمطية بأنها: تلك الصورة الذهنية، أو المفهوم الذهني، ذي الدلالة المعينة، الذي يعلق في ذهن مجموعة بشرية تجاه مجموعة بشرية أخرى، ويتضمن ذلك فكرة مسبقة أو أفكارًا جاهزة، مع إلباسها صفة العمومية على كلّ الأفراد، كأن يكون في أذهان المسلمين صورة معينة تجاه كلّ المسيحيين أو كلّ اليهود. وهكذا الحال يمكن أن تشيع الصور النمطية داخل المجتمعات الإسلامية نفسها، كأن يعمّم الشيعة صورة محدّدة على جميع السنة، ويقع السنة في الشيء نفسه بتعميم صورة معينة على جميع الشيعة.

وتنطوي الصور النمطية عن الآخرين على مشاكل كبيرة. وأبرزها أنّ الصورة النمطية تعمد إلى اختزال كلّ صفات الجماعة في صفة معينة، وهذا بخلاف الواقع، فكلّ جماعة لها صفات كثيرة مختلفة، وكلّ فرد له صفاته المختلفة عن الآخرين، في حين تأني الصورة النمطية لاختزال الجميع في صفة واحدة، ولا تستثني من أفراد ذلك المجتمع أحدًا. وذلك من قبيل ما يفعله بعض غلاة السنة عند حديثهم عن الشيعة، باتّهامهم أجمعهم بتحريف القرآن، أو أنهم يعبدون الحجر «التربة»، وحيثما جاء على ذكر الشيعة حضرت في ذهنه تلك الصورة النمطية المفتراة. وكذلك الحال عند بعض الشيعة المتشدّدين، الذين ربما ينظرون لجميع السنة باعتبارهم نواصب، وأعداء لأهل البيت، وبذلك يختزل كلّ هذا المجتمع الكبير في صفة معينة، قد تكون صحيحة وقد لا تكون. هذا التبسيط والاختزالية هي إحدى مشاكل الصورة النمطية عن الآخرين.

كما تنطوي الصور النمطية عن الآخرين على مشكلة التعميم الكاسح. ذلك أنّ جميع المجتمعات تعجّ بالتمايز في داخلها، فليس جميع المسلمين على مستوى واحد، ولا الشيعة في قالب واحد، وليس كلّ السنة على نمط واحد، غير أنّ الصورة النمطية تعمد لإعطاء حكم كاسح، ربما يطال اعتباطًا ملايين الناس من أهل بلد، أو ديانة، أو مذهب.

أما المشكلة الأخيرة للصور النمطية فهي التصلب. فأيّما أحد ابتلي بهذا النمط من السلوك التعميمي على الآخرين، فإنّ الصورة الذهنية عن الآخرين لا تبارح دماغه، حتى لو توفر لديه ما يبدّد تلك الصورة عن أولئك الناس، إلّا أنه يبقى على تصلّبه الأول، ويظلّ متشبثًا بالصورة النمطية التي كانت تعشش في ذهنه، بل ويسوق التبريرات التي تبقي تلك الصورة في ذهنه كما هي.

صور قاتمة متبادلة

إنّ مجتمعاتنا باتت تعاني كثيرًا نتيجة تفشي الصور النمطية بين الطوائف وأتباع المذاهب الدينية. فهناك صور قاتمة باتت راسخة في أذهان الأطراف حول بعضها بعضًا، ومنشأ هذه الصور القاتمة استدعاء الحوادث التاريخية، وما يحمله التراث من عفونة تطال الطرفين.

إنّ هناك من السنة من ينبشون في تراث الشيعة لتصيّد كلّ ما يساهم في ترسيخ الصورة النمطية المسبقة بالاتكاء على قول شاذّ لهذا العالم، ورأي أحادي لذلك الفقيه، وذات الأمر يجري مع بعض الشيعة الذين ينبشون في تراث السنة، فيلتقطون آراء بعض الشيوخ المتعصّبين من السنة، فيشنّعون بذلك على جميع السنة.

كما تساهم بعض مناهج التعليم والتراث الشعبي في مجتمعاتنا في تكريس الصور النمطية السلبية القائمة. التجمعات السنية تجدها تطفح بالحديث عن الروافض، في حين تجد التجمعات الشيعية تفيض بالحديث عن النواصب، ما يعزّز الصورة النمطية عن الآخر. والحال أنه لم يعد في الأمة اليوم، لا روافض ولا نواصب، فالنواصب هم من يجهرون ببغض أهل البيت، وهل هناك اليوم في الأمة من يجهر ببغض أهل البيت؟ هناك من يختلف مع الشيعة حول مقام ومكانة أهل البيت، لكن لا وجود لمن يبغضهم، وإن وجد فهو بحكم الشاذّ والمنبوذ عند جميع المسلمين السنة والشيعة على حدٍّ سواء.

وينبغي الإشارة في هذا المقام، إلى أنّ الصراعات السياسية تغذّي هذا النوع من التنابز، وتكريس الصور النمطية بين الطوائف والمجتمعات على ضفتي الصراع. فهي غالبًا ما تقف خلف الدفع بوسائل الإعلام والفتاوى والخطب الدينية لتغذية وتكريس هذه الصور النمطية، التي يتقاذفها المتصارعون في الطوائف.

الأحكام الكاسحة

إنّ المنهج القرآني يحضّنا على نبذ التعميم والصور النمطية عن الآخرين. وإذا كانت التوجيهات الإلهية تنهى المسلمين عن هذا السلوك وهم في غمرة الصراع والحرب مع اليهود في صدر الإسلام، فما بالك بما يجري بين المسلمين أنفسهم! وكيف يقبل المسلمون لأنفسهم بأن يتعاملوا مع بعضهم بهذه الصورة. والأنكى حين ينسحب هذا السلوك المشين على الداخل المجتمعي نفسه، حيث لا يكاد يخلو مجتمع من التنوع، فيجري تقاذف الأوصاف المنبوذة والصور النمطية السلبية بين الفئات والجماعات في المجتمع الواحد. ولربما استسهل طرف في وصم جماعة كبيرة من أبناء مجتمعه بصفة تعميمية كاسحة، دون أن يستثني منهم أحدًا، خاصة ساعة خروج الخلافات الاجتماعية إلى السطح. وقد رأينا في السنوات الأخيرة كيف وصم البعض أحد أكبر العلماء الشيعة بأنه «عدوّ الزهراء»!، وهو من ذرّية الزهراء، وله مؤلفات قيّمة عن الزهراء، فضلًا عن كونه ممن خدم شيعة الزهراء!، لا لشيء إلّا لأنه اختلف معهم في رأي قد يكون فيه مصيبًا أو مخطئًا، فهل يجوز اختزال هذا العالم في صورة نمطية تختزل مسيرته الطويلة، بوصفه عدّوًا للزهراء! إن هذا من أفظع الظلم.

وعلى غرار ذلك، من يصم الآخرين بأنهم أعداء للشعائر الحسينية، وهل هناك شيعي يقف بوجه الشعائر الحسينية؟ ألا يحتفي كلّ الشيعة بعاشوراء فيجتمعون ويقرؤون مقتل الحسين؟، وماذا لو كان لدى بعضهم رأي في مفردة من المفردات المحسوبة على الشعائر؟ فهل نصم هؤلاء بأنهم ضدّ الشعائر الحسينية لمجرد اختلافهم معنا في هذا الجزء أو تلك المفردة؟

إنّ نهج القرآن الكريم والتعاليم الإسلامية ترفض رفضًا قاطعًا تعميم الصور النمطية على الآخرين، دونما وجه حقّ. ومنشأ الرفض أنّ هذه الصور النمطية غالبًا ما تأتي خلاف الواقع، وفيها ظلم فادح للآخرين، علاوة على ما فيها من مجافاة للعدل والانصاف، في حين يريد القرآن أن يربي المسلم على أن يكون عادلًا حتى مع أعدائه، قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ [سورة المائدة، الآية: 8]، فإذا كان الحال هكذا مع الأعداء، فكيف هو الأمر مع المختلفين معنا في الرأي من أهلنا وأبناء مجتمعنا؟.

إنّنا مطالبون جميعًا برفض الثقافة القائمة على الصور النمطية التعميمية. سواء تجاه أتباع الأديان أو المذاهب الأخرى، أو إزاء الاتجاهات المنافسة داخل المجتمع الواحد، ممن قد يختلفون في الرأي أو التوجه، وأن نبقى منصفين وملتزمين ما يربّينا عليه القرآن الكريم.

الجمعة 3 رجب 1435ﻫ - 3 مايو 2014م
[1] الكافي، ج٢، ص٧٤، حديث3.
[2] الكافي، ج٢، ص٧٣، حديث1.
[3] وسائل الشيعة، ج١٥، ص٢٤٧، حديث 20409.
[4] وسائل الشيعة، ج١٥، ص٢٥١، حديث 20425.
[5] بحار الأنوار، ج٢، ص٨٠، حديث 76.