سماحة الشيخ الصفار يدعو لتفعيل حركة التواصل العلمي في معارف العقيدة بين المذاهب والمدارس الإسلامية، في رسالة وجّهها لسماحة المحقق السبحاني

أعده: تركي العجيان

وجّه سماحة الشيخ حسن الصفار رسالةً لسماحة آية الله العلامة المحقق الشيخ جعفر السبحاني دعا فيها إلى ضرورة تفعيل حركة التواصل العلمي في معارف العقيدة بين المذاهب والمدارس الإسلامية، وضمّنها بمجموعة من المقترحات التي تخدم هذه الخطوة الرائدة.

الجدير بالذكر أن العلامة السبحاني وثّق هذه الرسالة ووضعها في الصفحات الأولى من الجزء الرابع من موسوعته (معجم طبقات المتكلّمين) في طبعته الأولى 1426هـ، هذه الموسوعة من تأليف اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق ، وبتقديم وإشراف العلامة السبحاني.


وأشار الشيخ الصفار إلى وجود بعض حالات الانغلاق والتعصب في أوساط المسلمين، مؤكداً أن هذه حالة مرضية، في حين أن الحالة الصحية أن يطلع الإنسان على الرأي الآخر.

وقد أشاد سماحة الشيخ الصفار بمبادرات التواصل التي حصلت في بعض المجالات والميادين، ومن أهم الميادين –كما يقول سماحته:

أولاً- الميدان الفقهي: وفيه تم العديد من الإنجازات ومنها:

- صدرت عام 1961م موسوعة جمال عبد الناصر الفقهية من القاهرة، لتذكر آراء المذاهب الإسلامية في مسائل الفقه جنباً إلى جنب، المذاهب الأربعة والمذهب الظاهري ومذهب الإمامية ومذهب الزيدية ومذهب الأباضية.

- صدرت مجموعة من الكتب الفقهية التي تتناول آراء مختلف المذاهب في جميع أبواب الفقه الإسلامي أو بعضها. ككتاب (الفقه على المذاهب الخمسة) للشيخ محمد جواد مغنية، وموسوعة (الفقه الإسلامي وأدلته) للدكتور وهبة الزحيلي، وكتاب (الأحوال الشخصية) للشيخ محمد أبو زهرة، وكتاب (أحكام الأسرة في الإسلام) للدكتور محمد مصطفى شلبي، وغيرها كثير.

- تأسيس (مجمع الفقه الإسلامي) بالقرار الصادر عن مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد بمكة المكرمة، بتاريخ 22 ربيع الأول 1401هـ الموافق 28 يناير 19891م وهو خطوة رائدة على هذا الصعيد. وذكر الشيخ الصفار جانباً من إنجازات هذا المجمع على الصعيد الفقهي.

ثانياً: الميدان الثقافي- حيث أن حركة التواصل بين مفكري الأمة وعلمائها ومثقفيها من مختلف المذاهب والتيارات أقوى وأنشط، فهناك أكثر من مؤتمر ولقاء يعقد كل عام في مختلف أنحاء العالم، لتناول قضايا الإسلام وأوضاع الأمة، وهناك عدد من المجلات الفكرية الثقافية العامة أو المتخصصة التي يشارك في تحريرها كتاب من مختلف الاتجاهات والمذاهب في الأمة.

واستنكر الشيخ الصفار حالة التردد التي تنتاب علماء الأمة من التواصل في الميدان العقدي، مؤكداً أن العلماء الناضجين في الأمة لم يولوا هذا المجال ما يستحق من عناية واهتمام، وتركوه لتفاعلات تراث العصور الماضية، بما فيه من خصومات وخلافات، فأصبح ساحة للقوى المتطرفة المتعصبة من مختلف المدارس والمذاهب.

وأكد الشيخ الصفار أنه إذا كان التعارف والتواصل مطلوباً بين أبناء الأمة في مختلف المجالات، فهو في المجال العقدي أكثر أهمية وفائدة.

وذلك للأسباب التالية:

أولاً: يساعد الإنسان المسلم على اكتشاف الحق ومعرفة الصواب في مسائل العقيدة، عن طريق اطلاعه على مختلف الآراء، وفهمه لأدلتها.

ثانياً: إن القراءة الموضوعية لأراء الفرق والاتجاهات العقدية الأخرى، تمكن الإنسان من معرفة الآخرين على حقيقتهم وواقعهم، بينما تكون القطيعة المعرفية سبباً للجهل بالآخر، ورسم صورة غير دقيقة عن توجهاته.

ثالثاً: إن التواصل العلمي وتدارس القضايا بموضوعية وإخلاص على أي صعيد ديني ومعرفي يتيح المجال لبلورة الرأي، وتكامل الفكر، وحل العُقَد، ومعالجة الثغرات.

رابعاً: هناك مسائل جديدة في علم الكلام تشكل تحدياً أمام العقيدة الإسلامية ككل، وهي تستوجب تعاوناً بين علماء الأمة المتخصصين من مختلف المذاهب، لتوضيح الرؤية الإسلامية تجاه هذه المسائل المطروحة في أذهان الجيل المسلم المعاصر.

من جانب آخر أشاد سماحة الشيخ الصفار بمؤلفات سماحة المحقق السبحاني النافعة في ميدان العقيدة وعلم الكلام، كموسوعته حول (الملل والنحل) و (معجم طبقات المتكلمين) وكتاب (الإلهيات)، وقد أثار هذا العطاء الثري في ذهن سماحته بعض المقترحات لتفعيل حركة التواصل العلمي في معارف العقيدة بين المذاهب والمدارس الإسلامية، قدّمها في ذيل الرسالة:

1- إنشاء كلية لدراسة العقائد وعلم الكلام المقارن على نسق دراسة علم الفقه المقارن.

2- تشكيل مؤسسة عليمة إسلامية تهتم بالدراسات والبحوث العقدية بمشاركة علماء ومفكرين يُمثلون مختلف المدارس الكلامية في الأمة على غرار مجمع الفقه الإسلامي.

3- إصدار مجلة متخصصة ببحوث علم الكلام والدراسات العقدية تنفتح على مختلف التوجهات بنشر كتاباتها العلمية وإجراء الحوارات مع شخصياتهم المعرفية.

4- عقد مؤتمرات تخصصية تناقش قضايا العقيدة وعلم الكلام، تُشارك فيها مختلف المدارس.

واختتم سماحة الشيخ الصفار رسالته بالتأكيد على أهمية الجهود التي يبذلها سماحة المحقق السبحاني من خلال عطائه العلمي وعبر مؤسسته الرائدة (مؤسسة الإمام الصادق ).