الشيخ الصفار يدعو للاهتمام بالعلاقات البينية وحُسن التعامل مع الآخرين

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار ان طبيعة الحياة البشرية تقتضي المعاشرة والتعايش، مضيفا ان المفاصلة الدينية تضر بنظام الحياة، وأن الدين يقر وجود الاختلاف والتنوع الديني ولا يريد فرض التوحّد والإيمان على الناس، وهذا ما كانت عليه سيرة الأنبياء والأئمة في تعاملهم مع الآخر المختلف دينيا.

جاء ذلك خلال الندوة الأسبوعية بمجلسه بالقطيف مساء يوم الجمعة (28 جمادى الآخر 1439هـ الموافق 16 مارس 2018م) بعنوان " العلاقات الاجتماعية والتوافق الديني " ويديرها الأستاذ عبد الباري الدخيل.

وأشار الشيخ الصفار إلى ان انطلاقة وتقدم أي مجتمع تبدأ من حسن العلاقات الداخلية، مضيفا ان مجتمعاتنا بحاجة للاهتمام بالعلاقات البينية، والحرص على العلاقة مع الآخرين.

ولفت سماحته إلى ان الالتزام الديني يفترض ان يكون باعثا لتوسيع وتهذيب علاقات الإنسان الاجتماعية نظرا للطبيعة القيمية والأخلاقية للدين، وهو فرصة من اجل التبشير بالدين من خلال هذا النموذج، والاهم من ذلك هو إيصال رسالة الدين.

وأشار الشيخ الصفار إلى تسلل مرض القطيعة والمفاصلة مع الآخر المختلف دينيا للساحة الدينية من خلال التعبير الغير متوازن للخطاب الديني الذي ورثناه من الصراعات، فهو يعبئ كل طرف تجاه الآخر.

ومضى في القول: "التخلف الحضاري والقيمي جعل الأمة متخلفة في كل الصعد الدينية والسياسية والاجتماعية".

وفيما خص الجوانب التي ورد فيها نهي في العلاقة مع الآخر المختلف دينيا، بين الشيخ الصفار ان الإسلام - في الحالة الطبيعية العادية - لا يمنع ان يتواصل الإنسان مع  المختلف معه دينيا، إلا أن تكون هناك حالة عداء قائمة تقتضي المقاطعة فهذا وضع استثنائي.

وأشار الشيخ الصفار إلى بعض تلك الموارد المنهي عنها في العلاقة مع الآخر ومنها حين يكون الإنسان في معرض التأثر بالآخر المنحرف عقديا أو سلوكيا، وكذلك حين تكون العلاقة مشجعة لانحراف الآخر.
 

  • الزواج بين أتباع الأديان المختلفة

وتناول الشيخ الصفار خلال الندوة موضوع التزاوج بين أتباع الأديان، لافتا إلى انه حين يكون التباين العقدي كليا وأساسيا بين من يؤمن بوجود خالق واحد للكون ومن ينكر وجوده أو يشرك به، هنا لا يقرّ الإسلام تكوين حياة عائلية مشتركة.

وأضاف "حينما يكون هناك اتفاق وتقارب في الأساس العقدي بالإقرار بالله ورسالاته واليوم الآخر فقد اختلف فقهاء الشيعة في مسألة زواج المسلم من الكتابية، فقال بعض فقهائهم الأقدمين بالحرمة وأنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بغير المسلمة كتابية أو غيرها".

مشيرا ان من ابرز القائلين بهذا الرأي السيد المرتضى، واستدلوا بروايات عن أئمة أهل البيت تفيد التحريم والمنع، أما الآية الكريمة ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ فأولوها بأن المراد: اللاتي اسلمن منهن في مقابل المحصنات من المؤمنات اللاتي كن في الأصل مؤمنات، وذلك ان قوماً كانوا يتحرجون من الزواج ممن اسلمت من اليهوديات والنصرانيات فبين سبحانه انه لا حرج في ذلك، فلهذا افردهن بالذكر.

ولفت إلى ان بعض فقهاء الشيعة يرون جواز الزواج من الكتابية مطلقاً، انطلاقاً من الآية الكريمة ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ ولوجود نصوص مستفيضة او متواترة دالة على جواز نكاح الكتابية، حسب تعبير صاحب الجواهر.

وقال سماحته ان اغلب فقهاء الشيعة المعاصرين يذهبون إلى هذا الرأي وان الزواج من الكتابية جائز على كراهة. ومنهم السيد الشيرازي والشيخ التبريزي.

ولفت إلى ان بعض الفقهاء يفصّل بين الزواج الدائم بالكتابية والمنقطع، فيرى جواز المتعة من الكتابية فقط، أما الدائم فهو حرام، نظراً لورود نصوص تحصر الجواز بالمؤقت، وهو الرأي الأشهر عند متأخري فقهاء الشيعة، وبه قال السيد السيستاني على سبيل الاحتياط اللازم (الأظهر جواز التزوج بالنصرانية واليهودية متعة والاحوط لزوماً ترك نكاحها دواماً).