الشيخ الصفار يحذر من الخطابات الدينية ذات النزعة الشعبوية المنفلتة

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

حذر سماحة الشيخ حسن الصفار من ظاهرة الخطابات الدينية ذات النزعة الشعبوية المنفلتة، التي تثير المشاعر العامة للناس، وتتجه لعواطفهم، بشكل يتخطى العقلانية والوقائع.

وأضاف: الخطر في هذا الخطاب أنه يشكّل رؤية الأفراد لأنفسهم وواقعهم، ويؤثر في اختياراتهم السلوكية، وفي نظرتهم للحياة، وعلاقتهم مع القوى والأطراف الأخرى.

جاء ذلك خلال كلمة الشيخ الصفار بعنوان: النزعة الشعبوية في الخطاب الديني، ضمن الندوات الرمضانية الالكترونية التي يقيمها تجمع أبناء وادي النهرين في العراق عبر البث المباشر (تطبيق زوم) مساء يوم السبت 26 رمضان 1442هـ الموافق 8 مايو 2021م.

وكشف سماحته عن وجود خطابات دينية ذات نزعة شعبوية تؤدي إلى الاستغراق والمبالغة في البعد العاطفي على حساب الاهتمام بالبعد الفكري والسلوكي، وكأن المطلوب من المتدين هو الطقوس العبادية والشعائر الولائية فقط.

وتابع: كما تؤدي هذه الخطابات إلى الانزلاق نحو الخرافات والأساطير على حساب العقلانية، والاستحضار المكثّف لصراعات التاريخ ومشاكله على حساب الحاضر، وإذكاء الصراع المذهبي.

وعن نتائج هذا الخطاب قال سماحة الشيخ الصفار: هناك نتائج كارثية لهذا الخطاب، كتغييب القيم الحقيقية للدين والاهتمامات الكبرى، وتكريس التخلف في واقع الأمة.

وأبان سماحته أن من ينتسب إلى الدين، ويحمل شعاره وعنوانه، ويمارس عباداته وطقوسه، لكنه غير مستخدم لعقله، ولا مستثمرٍ لفكره، فإنّ تديّنه سيكون مبتورًا ناقصًا، بل مشوّهًا قاتمًا.

وقال: نحن لا ننكر المعاجز والكرامات فلا شك أنّ الله على كلّ شيء قدير، وأنّ الله يجري على أيدي أنبيائه وأوليائه المعجزات وخوارق العادات، حينما تقتضي ذلك مصلحة الرسالة، وحسب حكمته وتقديره. مبينًا أن الكلام هو في إثبات الوقوع وليس في إثبات الإمكان، لكن هؤلاء الخرافيين يستخفون بعقول الناس.

وتابع: مساحة هذه الغيبيات والمعاجز هي مساحة محدودة، ومحددة بثبوتها وصحة طريق وصولها إلينا.

وأشاد سماحته ببيان المرجعية الدينية العُليا لسماحة السيد علي السيستاني الذي صدر بمناسبة قرب حلول شهر المحرم 1441هـ كوصايا للخطباء والمبلّغين، فيما يقارب عشر صفحات، مؤكداً أنه فيه نقاط كثيرة وعديدة وتوجيهات مهمة تعالج بعض ثغرات الخطاب الديني.

وطالب المهتمين من العلماء والواعين بترشيد الخطاب الديني، وترويج خطاب ديني واعي، ورفع مستوى الجمهور، والتواصل مع الخطباء المؤثرين لرفع مستوياتهم ووعيهم.

وأشار في رده على مداخلة عن دور الحوزة في ترشيد الخطاب الديني إلى وجود مبادرات في الحوزة العلمية لتطوير الخطاب الديني، تحتاج إلى مزيد من الجهد والاهتمام، وقال إنه من المتوقع تطوير بعض المناهج الدراسية في الحوزة، فإذا تطورت المناهج، حصل التطور في مخرجاتها من الدعاة الواعين، مؤكدًا حاجة هذه المبادرات لدعم المجتمع المادي والمعنوي.

ورداً على مداخلة حول ما يواجهه المصلحون من اضطهاد وظلم ومحاربة، قال الشيخ الصفار: اعتقد اننا عندما نتحدث عن حياة الائمة نركز على جانب المأساة والظلامة، ونغفل عن جانب المكاسب الكبيرة والإنجازات التي حققها الأئمة.

وتابع: في نفس السياق حينما نتحدث عن المصلحين المعاصرين، لا ينبغي لنا أن نركز على معاناتهم ومظلوميتهم، ولا نتحدث عن إنجازاتهم الكبيرة ككتبهم وأفكارهم وتيار الوعي الذي صنعوه في الأمة. مؤكدا على أهمية الوقوف مع المصلحين ودعمهم وتشجيعهم والدفاع عنهم والإشادة بما انجزوه في الساحة الاجتماعية والثقافية.

وأشاد عدد من المتداخلين بمحاضرات سماحة الشيخ الصفار ومنهجيته في الطرح ودورها في بث الوعي في المجتمع.

هذا وقد أدار الندوة التي استمرت ساعة ونصف رئيس قسم الحسابات في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي الأستاذ حيدر عيسى الموسوي، وشارك في المداخلات عدد من المهتمين والمثقفين من العراق وخارجه منهم: الدكتور نوزاد صفر بخش، والأستاذ قيس الفيلي، والأستاذ حيدر الركابي، والمهندس ميثم الزبيدي، الدكتورة عطور حسين، والأستاذ عصام إسماعيل، والأخت إخلاص الحسيني، الأستاذ سالم مشكور، الدكتور أحمد طه الشيخ.