جديد الشيخ الصفار: الخطابُ الدّيني والوظيفة الاجتماعية

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

اسم الكتاب: "الخطابُ الدّيني والوظيفة الاجتماعية"
المؤلف: الشيخ حسن الصفار
عدد الصفحات: 64 صفحة
الناشر: أطياف للنشر والتوزيع / 1444هـ - 2022م

عن دار أطياف للنشر والتوزيع، صدر حديثا لسماحة الشيخ حسن الصفار كتاب "الخطابُ الدّيني والوظيفة الاجتماعية"، الكتاب يقع في 64 صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي على مقدمة وستة فصول.

يقول الشيخ الصفار في مقدمة الكتاب "للخطاب الديني مساحةٌ لا تُنكر من التأثير، فهو جزءٌ من الشّأن العام، لذا ينبغي أن يهتم به كلُّ أفراد المجتمع، تماماً كما يهتمون بسائر الشؤون المرتبطة بحياتهم، وينبغي أن يكون لهم رأيٌ وموقفٌ فيه وتجاهه سلباً أو إيجاباً، فليس صحيحاً أن يقال: إنّ الاهتمام بالخطاب الديني ينحصر في دائرة منتجيه، وبقية الناس لا شأن لهم به، وليس من حقّهم أن يبدوا رأياً تجاهه، بل على العكسِ من ذلك، ما دامَ الخطاب من قضايا الشأن العام، ويؤثر في حياة الناس، فمن واجب الناس ومن حقّهم أن يهتموا بهذا الخطاب".

وتحت عنوان "تقويم الخطاب الديني" يشير المؤلف انه قد يكون التخوّف من نقد الخطاب الديني راجعًا إلى احتمال أنه يتم بتحريضٍ من الأعداء، الذين يتّخذون النقد وسيلةً لإضعاف الدين، مضيفا اننا لا ننكر وجود أعداءٍ يسعون بمختلف الطّرق لإضعاف الدين، وإضعاف ثقة الناس بالمؤسّسة الدّينية، ولكن مع ذلك لا يمكن منع النقد والتقويم، وإنّما ينبغي أن نتعامل معه تعاملاً إيجابيًّا مهما كانت جهتهُ ومصدرُه، وذلك بسدِّ الثغراتِ والأخطاء في الخطاب والممارسات الدينية، وكشف المغالطات الموجودة في مقولات الناقدين.

مضيفا "لا يصح اتّهام كلّ ناقد بأنه ينطلق من خلفية عدائية، فهناك ناقدون من داخل الوسط الديني، ينطلقون من دافع الحرص على سمعة الدين والإخلاص للحقيقة والمعرفة".

ويلفت الشيخ الصفار ان للنقد والتقويم معايير موضوعية صحيحة، فهناك من يستخدم التهريج والتجريح والألفاظ المسيئة في نقده لآراء الآخرين، أو يعمّم الأخطاء، وهذا أسلوب خطأ، يضرّ ولا ينفع، ويُفقد صاحبه المصداقية، وقد يُظنّ بصاحب هذا الأسلوب أنَّه يريد إلفات الناس إلى ذاته، أو تصفية حسابات مع هذه الجهة أو تلك، ويُشغل الناس بقضايا جانبية هامشية، ويُشوّه عملية الإصلاح والتطوير، فالنقد بهذه الكيفية ليس في محلّه ولا يُعدُّ أسلوبًا سليمًا.

وتحت عنوان "انعكاسات الخطاب الديني ومخرجاته الاجتماعية" يقول الشيخ الصفار إنّ من أهمّ مناهج النقدِ والتقويم لأيِّ خطاب، قراءة المخرجات والنتائج، وملاحظة انعكاس الخطاب على المجتمع سلبًا وإيجابًا.

مضيفا ان الواقع الاجتماعي في عالمنا الإسلامي، ليس إيجابيًّا، فيه ظواهر سلبية خطيرة، ومن أبرزها:

أولًا: عدم رسوخ القيم الأساس للدين في نفوس أبناء المجتمع، وغياب الالتزام بها في سلوكهم.
ثانيًا: ضعف الاهتمام العلمي والثقافي، وغياب الإبداع في علوم الطبيعة والحياة
ثالثًا: انخفاض مستوى الفاعلية والإنتاج ومستوى جودة الحياة،
رابعًا: ضعف المشاركة والإقبال على العمل التطوعي الإنساني،
خامسًا: كثرة الخلافات والنزاعات في المجتمعات الإسلامية وخاصّةً في الأوساط الدينية،

ويتناول الشيخ الصفار ان هناك من يتعاطى مع الخطاب الديني كطقس و(بروتوكول) في المناسبات الدينية.

ويمضي بالقول "نجد مثل هذه الطريقة عند البعض في إحياء المناسبات المرتبطة بأهل البيت ، فالمطلوب أن يكون الخطاب بنفس الصيغة والأسلوب والطريقة المتوارثة، وأيّ تطوير أو تغيير فهو تحريف للغرض وتمييع لهوية المناسبة". فالمطلوب في موسم عاشوراء مثلًا هو السيرة فقط، وضمن رواية معينة، وقد قرأنا بعض الكتابات التي تعترض على طرح مواضيع ثقافية واجتماعية في موسم عاشوراء، وترى أنّ ذلك مشروع واضح المعالم في الحرب على الشّعائر، لا مبرّر للمشاركة فيه ولا دعمه ولا إضفاء الشّرعية عليه، وأنّ محرم موسم عزاء لا موسم ثقافة.

ويشدد الشيخ الصفار ان هؤلاء وكأنهم أحرص على المناسبة والولاء لأهل البيت من الأئمة أنفسهم، الذين يؤكّدون أنّ إحياء (أمرهم) هو ببثّ علومهم، كما ورد عن عبد السّلام بن صالح الهرويّ قال: سَمِعتُ أبَا الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام يَقولُ: «رَحِمَ اللّهُ عَبدًا أحيا أمرَنا!» فَقُلتُ لَهُ: فَكَيفَ يُحيي أمرَكُم؟ قالَ: «يَتَعَلَّمُ عُلومَنا ويُعَلِّمُهَا النّاسَ؛ فَإِنَّ النّاسَ لَو عَلِموا مَحاسِنَ كَلامِنا لَاتَّبَعونا».

وبعنوان " الخطاب الديني بين المسؤولية والشّعبوية" يشير الشيخ الصفار "إنّ الدين منظومة من العقائد والمفاهيم والأحكام والآداب، وفي التراث الديني قضايا ومواضيع كثيرة، لكنّ الخطاب يجب أن يراعي حاجات المجتمع المخاطب، وظروفه ومصالحه، فتكون هناك أولوية لاختيار المواضيع التي تعالج القضايا المهمّة الحاضرة، ولا يربك المجتمع بطرح القضايا الجانبية الفرعية، أو يستغرق الخطاب في سرديات تاريخية، قد تشبع فضول المستمع لكنّها لا تقدّم له ما ينفعه في حياته".

ويختم الشيخ الصفار فصول الكتاب بنتائج وتوصيات منها:

  • على القيادات الواعية المخلصة في الأمة، أن تبدي أعلى درجات الاهتمام بشأن الخطاب الديني في مجتمعاتها؛ لأنّ أيّ ضعف أو خلل يتسلّل إلى هذا الخطاب ستكون نتائجه خطيرة على الدين والمجتمع.
  • دفعت مجتمعاتنا ثمنًا باهظًا لرواج خطابات ـ تنتسب إلى الدين ـ كرّست التخلف، ونشرت الكراهية، وسبّبت الخلافات والفتن، وأعطت عن الدين صورة مشوّهة منفّرة. لكنّ الإنصاف يقتضي الإشارة إلى أنّ ساحة الأمة لم تخلُ من وجود خطاب ديني أصيل، يبثّ الوعي، ويدعو إلى الوحدة ويعزّز الاستقرار والسّلم المجتمعي، ويحفّز للتنمية والنّهوض والتقدّم.
  • لا بُدّ من الاهتمام بتأهيل وإعداد الخطباء والدّعاة والمبلغين، علميًّا وثقافيًّا وتربويًّا ليكونوا في مستوى الكفاءة اللازمة لأداء مهمّتهم الخطيرة.
  • تجب المبادرة لتقديم رؤية مدروسة لتوجّهات الخطاب الديني وأولوياته، حسب حاجة كلّ مجتمع ومستلزمات كلّ مرحلة وظرف، وذلك يقتضي وجود مراكز ومؤسّسات أبحاث تهتم بهذا الشّأن.
  • من الضرورة بمكان وجود متابعة ورصد للأداء الخطابي في كلّ مناسبة وموسم ديني، من أجل التقويم، وتدوير التّجارب الناجحة، ومعالجة مناطق الضّعف، وسدّ الثغرات.
  • تحتاج السّاحة الاجتماعية لرفع مستوى الوعي بأهمية الخطاب الديني، والتعامل معه بمسؤولية والتزام، والقيام تجاهه بدور التقويم والنقد البنّاء لأدائه، انطلاقًا من المعايير والضوابط الصّحيحة.

يشار إلى أن الكتاب طبع ثلاث طبعات تزامنًا في السعودية، والعراق، والبحرين.