الصفار: لا بد من وجود نشاط أهلي لمواجهة مشاكل المجتمع

"الخط المستقيم" تحتفل بأبطالها في حفل مفتوح بالقطيف

"اليوم فقط" .. مدمنون يعلنون الحرب على إغراءات الإدمان بـ "اللا رجعة"


القطيف - نبيل مهدي

تناول مدمنون تائبون قصصهم المأساوية التي عاشوها أيام الإدمان، وما سببته لهم ولذويهم من أذى وبعد عن المجتمع وعدم استقرارهم النفسي والأسري إضافة إلى الوظيفي.
وعبر التائبون عن معاناتهم في الحفل المفتوح الذي أقامته مؤخرا مجموعة (الخط المستقيم) التابعة لـ (زمالة المدمنين المجهولين) بمناسبة مرور سنة على تأسيسها، بمدينة الأمير نايف بن عبدالعزيز الرياضية بالقطيف بحضور وجهاء المنطقة وبعض المواطنين، و50 عضواً تقريباً مثلوا بعض دول الخليج وجنوب أفريقيا.
(اليوم فقط) سر من أسرار قدرة أعضاء الزمالة على استمرارية فترة الانقطاع عن التعاطي. (اليوم فقط) تعني أنني أتمنى أن أمتنع عن التعاطي لهذا اليوم فقط، يكررونها كل يوم، ورددها كل مدمن مجهول وقف أمام المنصة في الاحتفال، يشرح بكلمات، الظروف التي جعلته يسير في الطريق المجهول، وكيف كانت حياته بعد أن رأى النور.
ركز معظم المدمنين المجهولين في كلماتهم التي ألقوها على أهمية الاتصال بالزمالة وحضور اجتماعات المجموعة المنضمين إليها، لاستمرارية فترة الانقطاع.
وذكر أكثر من شخص أنه حين انقطع عن التواصل مع أعضاء الزمالة ولم يحضر الاجتماعات انتكس أو عاد للتعاطي. وتحدث البعض عن المشاكل التي عانوها قبل وخلال الإدمان، وعن التي تواجههم في الوقت الحالي من تفهم الأهل والأصدقاء لضرورة حضور الاجتماعات.
خسرت كل شيء
وقال أمين سر مجموعة (الخط المستقيم): خسرت زوجتي وأولادي عندما كنت مدمناً، وكنت بعيداً عنهم رغم أني لم أقصر معهم مادياً، إلا أني دائماً ما أريد أن أتفرغ لنفسي في التعاطي، حيث أدخل المجلس وأغلق علي الباب يوما ويومين لأخذ الجرعات.
واضاف وصلت لمرحلة قربت فيها بالانفصال عن زوجتي، وخسرت فيها علاقاتي الاجتماعية ، حتى قررت العلاج بمستشفى الأمل بالدمام.
وأشار إلى سرية العلاج بالمستشفى، مدللاً على ذلك بأن زوجته أرادت زيارته، إلا أنها لم تتمكن حتى من معرفة وجوده هناك إلا بعد ان ارهقت وأثبتت أنها زوجته بالوثائق الرسمية ومن ثم علمت بوجوده وسمح لها بالزيارة.
بعد أربعة شهور علاج مقسمة على التنويم (شهر) والعناية اللاحقة (ثلاثة شهور) خرج (ع. ع.) من المستشفى قبل ثلاث سنوات تقريباً، عرف عقبها أن هناك جهة تهتم بالمتعافين من المرض، وتوجه إليها وإلى الآن وهو أحد أعضائها الفاعلين، وأنه استطاع بفضل الله تعالى أن يعيد معظم علاقاته الاجتماعية، وأن حياته الأسرية أصبحت بخير وأفضل حتى من أيام ما قبل التعاطي.
وقال (م. م.) عضو الزمالة 14 عاماً تقريباً، والذي جاء من إحدى دول الخليج، أعطتني الزمالة الحرية التي كنت أبحث عنها سابقاً، وكنت أظن أنها صعبة، ومن خلال اجتماعاتها اتضح أنها ليست صعبة ولا سهلة.
وعندما سألناه: هل حان الوقت لترك عضوية الزمالة؟ قال : طبعاً لا، بل انني اتأسف لعدم دخولي لها قبل تلك الفترة، مضيفاً: عرفت من خلالها كيف أحترم ذاتي، وكيف أحترم الآخرين، وأن أحاسب نفسي كل يوم وكل حين، وذلك باتباع المبادئ التي تعلمناها فكيف أتركها؟ وإلى الآن لم أر انتكاسة واحدة لأي شخص طبق تلك المبادئ.
فخور بعضويتي
وأشار الى أنه فخور لكونه أحد أعضاء الزمالة، وأن الشيء الجميل فيها أن يعمل العضو للجميع ويعمل الجميع إليه، هذا غير الجلوس مع الضابط الذي حقق معه، والطبيب الذي عالجه، وعالم الدين الذي نصحه ، كما أن الزمالة تعطي إحساسا بأهمية الشخص، وتعلمنا عدم التسرع وأخذ الأمور بروية، فكيف أستطيع أن أترك كل هذا؟ هذا مستحيل، بل أود المشاركة في جميع الاجتماعات في شتى أنحاء العالم، وسبق لي أن حضرت اجتماعات بالفلبين والكويت والآن المملكة.
وقال مدير التوعية بمكافحة المخدرات العقيد دليم القحطاني في مداخلة: أبارك لكم لما وصلتم إليه وأناشدكم أن تستغلوا الزمالة أحسن استغلال لتوعية باقي المرضى، وأرجو من الله ثم منكم أن تسعوا جاهدين لتحافظوا على ما وصلتم إليه بل وأكثر من ذلك. مضيفاً: النية كانت السبب في التعاطي، ولا بد أن تكون هناك نية معاكسة لتركه كي يستطيع التخلص من المريض، وعليه أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بعد ذلك بكل ما يقربه منه للاستمرار في الانقطاع.
مبادرات شخصية
وعن أهمية مثل هذه النشاطات تحدث الشيخ حسن الصفار لـ (اليوم) قائلاً: من المهم جداً أن يكون هناك نشاط أهلي في مواجهة أي مشكلة تحصل في المجتمع، وآثار الإدمان تمثل مشكلة خطيرة، لذلك يجب أن تكون هناك مبادرات من الناس لمواجهة المشكلة والحد من انتشارها وإنقاذ الأشخاص الذين يتورطون فيها لسبب أو آخر، مضيفا ان الملتقى الذي يمثل استجابة أهلية طيبة لمساعدة من يقع في مشكلة المخدرات على تجاوزها والخلاص منها ولا شك أن من مروا بهذه التجربة ووفقهم الله للخلاص من شرها أقدر على التأثير فيمن مازالوا يعيشون هذا البلاء الخطير.
وعبر مدير مدينة الأمير نايف الرياضية عن سروره بالاجتماع قائلاً: شيء جيد أن نلتقي جميعاً ، ويسعدني أن أراكم هنا لاحقاً، وأعلن استعدادي لتوفير مرافق المدينة تحت خدمتكم سواءً استخدام صالات الألعاب أو قاعات الاجتماعات وذلك حسبما أستطيع.
يذكر أن اجتماعات المجموعات أو الزمالة تهدف إلى زيادة اللحمة والالتقاء بأعضاء المجموعات الأخرى من جميع أنحاء العالم ومساعدة بعضهم البعض على استمرارية التعافي والامتناع، وأنه يسمح لغير المدمنين بدخول الاجتماعات المفتوحة فقط، لمحاولة تعريفهم ببرنامج ونشاطات الزمالة التي تعتبر كمنظمة عالمية أهلية تنبثق منها مجموعات تنتشر في شتى أنحاء العالم، ولا يسمح لهم بدخول الاجتماعات المغلقة.