الشيخ السعودي حسن الصفار قال إن التصريحات تضر بالدور المصري

صحيفة الشرق الأوسط لندن: معد فياض، بغداد. حيدر نجم، القاهرة. خالد محمود، الرياض.

أشارت جريدة الشرق الأوسط اليوم الاثنين 12 ربيع الأول 1427هـ في عددها (9995) إلى بيان سماحة الشيخ حسن الصفار حول تصريحات الرئيس حسني مبارك وهذا نص خبرها...


أثارت تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك عن اندلاع حرب أهلية في العراق، وولاء الشيعة لإيران، ردود فعل قوية وغاضبة داخل العراق وخارجه. وإذ أعرب الرئيس جلال طالباني عن «استغراب وانزعاج» شديدين لما وصفه بـ«اتهام أغلبية الشعب العراقي بعدم ولائها للوطن»، فإن رئيس الوزراء المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري، قال ان ما جاء على لسان الزعيم المصري يمثل «طعناً في وطنية وحضارة الشيعة، وإن عن غير قصد». وشجب المجلس الأعلى للثورة الاسلامية بزعامة عبد العزيز الحكيم هذه التصريحات في اتصال مع «الشرق الأوسط». ومن جانبه، اعتبر عالم الدين السعودي الشيعي الشيخ حسن صفار، أن «الهفوة» التي ارتكبها مبارك «لا تخدم الدور المأمول من العالم العربي ومن مصر بالذات» لجهة المساعدة على تهدئة الاوضاع في العراق. أما النواب الشيعة في البرلمان الكويتي، فقد عقدوا مؤتمراً صحافياً طالبوا فيه الرئيس المصري بالاعتذار.

غير ان مصر التي سعت الى احتواء الأزمة، شددت على ان تصريحات الرئيس مبارك نابعة من القلق البالغ الذي يشعر به حيال الوضع في العراق وحرصه على استقراره وتعزيز اللحمة الوطنية بين مختلف ابنائه. وقال السفير سليمان عواد، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية امس، إن بلاده تتعاطى مع جميع اطياف الشعب العراقي دون تفرقة او تمييز.

وكان الرئيس مبارك قد حذر من ان حربا أهلية بدأت في العراق. وقال في مقابلة بثتها قناة العربية، ان الحرب الاهلية «مش على الابواب هي تقريبا بدأت. فيه سنة وفيه شيعة وفيه اكراد.. والأصناف دي اللي جاية من آسيا». واضاف عن الدول العربية المجاورة للعراق «فيه شيعة في كل الدول دي بنسب كبيرة جدا والشيعة ولاؤهم لإيران.. اغلبهم ولاؤهم لإيران. ولاؤهم مش لدولهم المعنية»، مكررا اتهامات وجهها السنة في العراق لزعماء البلاد الشيعة. وحذر مبارك من انسحاب فوري للقوات الأميركية من العراق. وقال «دلوقتي تبقى مصيبة.. تبقى مسرحا لحرب اهلية بشعة وهتشتعل العمليات الارهابية مش بس في العراق، ولكن في اماكن كتيرة جدا».

وقال طالباني في مؤتمر صحافي مشترك عقده امس ببغداد مع الجعفري ورئيس مجلس النواب عدنان الباجه جي «يؤلمنا ويؤسفنا جدا أن نسمع ما ورد على لسان فخامة الأخ محمد حسني مبارك، فقد أثار استغرابنا وانزعاجنا الشديدين لأن ما سمعناه هو اتهام لأكثرية الشعب العراقي التي يحددها الرئيس مبارك بـ(65 %) بعدم ولائها للوطن، بينما الواقع والحقائق التاريخية برهنت أن الشيعة كانوا دائما وطنيين وعروبيين وعراقيين أصلاء». واستشهد بالحرب العراقية ـ الايرانية التي كانت غالبية الجنود الذين قاتلوا فيها من الشيعة.

ووصف التصريح بـ«التهمة الظالمة» الموجهة الى العرب الشيعة في العراق، مبينا أنه تم إصدار بيان لتوضيح هذا الأمر وتكليف وزير الخارجية هوشيار زيباري الذي قام بالاتصال بوزارة الخارجية المصرية للاستفسار، وهي وعدت بإصدار بيان فوري لاستبيان الموقف.

من جانبه، قال الجعفري إن الحديث عن اندلاع حرب أهلية في بلاده «يؤكد وجود معلومات خاطئة شكلت مقدمة غير صحيحة لانعكاسات الاعلام بوجود حرب». وأكد أنه لو مر أي بلد من بلدان العالم بالأحداث التي مر بها العراق لأحدثت حروبا خطرة وعميقة. وتابع «لا توجد حرب أهلية بل لا توجد هناك حرب طائفية، نعم قد يكون هناك بعض المجرمين الذين يتلبسون باسم السنة ويسيئون للأوساط الشيعية، وقد يكون هناك بعض ممن يتلبسون بالأوساط الشيعية ويسيئون للسنة».

وفي هذه الاثناء، اشار رضا جواد تقي، أمين عام العلاقات السياسية في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» الى ان منظمته «غاضبة» من تصريحات الرئيس مبارك، خصوصاً انها قد «تثير الفتن الطائفية». وقال «نستنكر باسم المجلس هذه التصريحات ونستهجنها». الى ذلك، اعتبر الائتلاف العراقي الموحد في بيان له امس، ان الرئيس المصري قد أساء للشيعة في العراق وغيرهم من الدول حين «أطلق حكماً لا يعبر عن حكمة أو دراية حينما اعتبرهم من الموالين لإيران على حساب دولهم وأوطانهم». وأشار الى ان هذا التصريح «خالٍ من الموضوعية والمصداقية». وأضاف «لذلك نهيب بالشعب العربي في مصر وسائر الاقطار العربية ان يستنكروا هذا التصريح»، معتبراً ان «تصريحات الرئيس المصري ضارة بدل ان تكون بناءة ومساهمة في مواجهة التحديات التي تواجه العراق وشعبه والأمة العربية، ومحرضة على إثارة أجواء الفرقة والتمزق». وطالب الرئيس المصري بالاعتذار. وفي غضون ذلك، لفت الشيخ الصفار من السعودية الى ان العراق في أمس الحاجة حالياً الى «دور عربي منقذ لمساعدة الشعب العراقي على تجاوز المحنة»، موضحاً ان «جمهورية مصر العربية بثقلها العربي والدولي ولاحتضانها مقر جامعة الدول العربية، يتوقع منها دور كبير على هذا الصعيد». وأردف مشيراً الى ان تصريحات الرئيس مبارك الاخيرة تعرقل مثل هذا الدور. وأكد ان «التشكيك في ولاء جميع المواطنين الشيعة لأوطانهم، ظلم وإجحاف يتنافى مع تاريخهم الناصع في الدفاع عن أوطانهم والإخلاص لمجتمعاتهم ويخدم مخططات الفتنة وتمزيق الأمة ويخالف مقررات قمة مكة الاستثنائية والتي ما جف حبرها بعد، وكان الرئيس المصري في طليعة المشاركين فيها».

وفي الكويت، قال النائب د.حسن جوهر في مؤتمر صحافي عقده مع زملائه، «إننا لا نستجدي شهادات الولاء والطاعة لأوطاننا لا من مبارك ولا غيره، كما نؤكد أنها تصريحات غير مسؤولة من قائد عربي يفترض فيه الحكمة والخبرة». واعتبر «أن الرئيس المصري بعيد عن أجواء وحساسية المنطقة، وتصريحه يخدم زرع الفتنة في دول الخليج التي عاشت وتعيش في أمن وأمان».