الشيخ الصفار: التفكك الأسري يهدد أمن المجتمع ومستقبل أجياله

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من عمق تأثير خلافات الوالدين وانفصالهما على الأبناء، داعيًا ألا ينظر كل من الأبوين إلى الأمر من زاوية وضعه الشخصي فقط، فيتصرف ويتخذ القرار لتحقيق مصلحته ورغبته، أو للانتقام لنفسه، دون أن يفكر في تأثير ذلك على أبنائه.

وتابع: إن على الوالدين أن يتصرفا كوالدين وليس كزوجين فقط.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 24 ربيع الثاني 1444هـ الموافق 18 نوفمبر 2022م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الأبناء ضحايا التّفكّك الأسري.

وأوضح سماحته أن الأرقام التي تصدر عن الجهات المختصة حول تصاعد حالات الطلاق، وارتفاع نسبة الشكاوى والنزاعات العائلية في المحاكم تدق ناقوس الخطر على الأمن الاجتماعي.

وتابع: حينما يصبح التفكك الأسري ظاهرة منتشرة في المجتمع، فهذا يعني خطرًا كبيرًا على مستقبل الجيل الناشئ من أبناء الوطن.

ونقل عن تقارير إحصائية "زيادة غير مسبوقة في معدلات الطلاق خلال العام 2022م وصلت لـ 168 حالة طلاق يوميًا، بواقع 7 حالات طلاق في كل ساعة، وبمعدل يفوق الحالة الواحدة كل عشر دقائق".

وحذّر من أن إصابة كيان الأسرة بالضعف والخلل ينعكس على أدائها لمهمتها الأساس في التربية الصالحة والتنشئة السليمة للأبناء.

وقال: هنا تظهر خطورة التفكك الأسري، وحصول المشكلات الدائمة بين الوالدين، ووقوع الطلاق والانفصال بينهما.

وتابع: إن ذلك يترك أثراً سلبياً بالغاً في نفوس الأبناء، ويحرمهم من التمتع بطفولة هانئة، وحياة سعيدة، ويفقدهم كثيراً مما يحتاجونه لبناء شخصياتهم ومستقبلهم.

وعن أهم التداعيات السلبية للتفكك الأسري على نفسيات الأبناء وحياتهم قال سماحته: البعد العاطفي هو أهم الأبعاد وأكثرها حساسية في شخصية الطفل، أنه بحاجة ماسّة إلى مشاعر الحنان وفيض المحبة، ليشعر بالأمان والاستقرار النفسي.

وتابع: إن الاضطراب العاطفي يثير كثيراً من القلق في نفس الطفل، ويفقده الثقة والطمأنينة، ويبث في قلبه الخوف والكآبة، لأنه يحب أبويه وينجذب إليهما، وهما مصدر الثقة والأمان والحب والحنان بالنسبة له.

وأضاف: إذا ما رأى الطفل حالة النزاع بين أبويه، وما ينتج من مظاهر ومشاهد سيئة فإن ذلك يثير في نفسه الكثير من الأذى، لأنه يرى مصدر حنانه ومنبع اطمئنانه في حالة خطر وأذى.

وأبان الشيخ الصفار أن الطفل يحتاج إلى كثير من رعاية الوالدين، وخاصة في هذا العصر، فهناك العملية التعليمية والتي تحتاج إلى متابعة واهتمام، ليتفاعل مع برنامج الدراسة والتعليم، وليحقق النجاح والتفوق.

وتابع: هناك الجانب السلوكي وتأثيرات انفتاح الأطفال على العالم الافتراضي الإلكتروني، وهناك البيئة الاجتماعية التي يعيش ضمنها في الأسرة والمدرسة ومع الزملاء والأقران، وترشيد علاقاته الاجتماعية.

وأضاف: إن كل هذه الجوانب تحتاج إلى رعاية تتكامل فيها جهود الوالدين، وفي حالة التفكك الأسري، تضعف حالة الرعاية من أحد الجانبين أو كليهما، وذلك ما يضر بمستقبل الأبناء وتأهيلهم وبناء شخصياتهم.

ومضى يقول: من الطبيعي أن يتربى الأبناء على محاكاة سلوك الوالدين، فكما يكسبون منهما اللغة ونمط المعيشة والحياة، يرثون منهما الصفات النفسية والسلوكية، عبر التوجيه والتنشئة وعبر المحاكاة والاتباع، حيث يكون الوالدان قدوة وأنموذجاً يسعى الأبناء للتمثل بسلوكهما.

وتابع: الأسرة هي التي تغرس القيم والمبادئ في نفوس الأبناء، وتعزز السلوك الأخلاقي في شخصياتهم.

وأشار إلى أن التفكّك الأسري غالباً ما ينتج سلوكاً سلبياً ويظهر صفات سيئة في حالات النزاع بين الوالدين، من سوء الظن، والاتهامات والإساءات المتبادلة، والشتائم والكلام البذيء، وصولاً إلى القطيعة والعنف، وهنا يجد الأبناء أنفسهم أمام مشاهد سلوكية منحرفة، مما يؤدي إلى سقوط النموذج الأخلاقي في نفوسهم، ويسبب لهم العقد النفسية، ويهيئهم لمحاكاة السلوك الخطأ من الوالدين.

ودعا أن يتحمل الوالدان بعضهما وأن يتحليا بالصبر في علاقتهما، خاصة مع كون الأبناء في مرحلة الطفولة والمراهقة.

وأوصى بإدارة الخلافات بعيدًا عن الأبناء، مؤكدًا على أهمية التوافق والتكامل في رعاية الأبناء بعد الطلاق.

للمشاهدة:

https://www.youtube.com/watch?v=eQx-JIb_Q74