الشيخ الصفار: عبودية الإنسان لشهواته أخطر ألوان الرّق

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من الانقياد للشهوات والأهواء، "فكم من إنسان دمرت حياته وتحطم مستقبله وضاعت دنياه وآخرته بسبب الانقياد لشهوة عابرة".

وتابع: حين ينقاد الإنسان لأهوائه وشهواته، يتقلص دور العقل والضمير في قراراته وسلوكه، فيضر نفسه، ويضر من حوله ويصبح أداة لإفساد الحياة.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 8 جمادى الأولى 1444هـ الموافق 2 ديسمبر 2022م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الرقّ المغفول عنه.

وبمناسبة اليوم الدولي لإلغاء الرق الثاني من ديسمبر الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال سماحته: يأتي هذا الاحتفال سنويًا للتذكير بمعاناة ملايين البشر عبر التاريخ، ولتقدير هذا الإنجاز الإنساني بمنع الرق.

ووصف الشيخ الصفار (الرق) بأنه: مصادرة إنسانية الإنسان، والتعامل معه كسائر الأشياء من الحيوانات، والأثاث والأدوات والآلات الجامدة، فيباع ويشترى ويتملك، ويسخّر حسب إرادة من يستعبده، فهو فاقد لصلاحية التصرف بذاته ومكاسبه.

وتابع: بل كان لمالكه في العصور السابقة تمام الحرية في ابقائه على قيد الحياة أو قتله أو تجويعه وتعذيبه والتنكيل به.

وأكد أن من أهداف الاحتفال باليوم الدولي لإلغاء الرق، مراقبة ومتابعة آثار العبودية والرق في المجتمعات المعاصرة، حيث تشير المنظمات الدولية إلى أشكال من الرق الحديث، كالعمل الجبري، ورق الديون، والزواج القسري، والاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي.

وأشار إلى أن هناك نوعًا مغفولًا عنه من العبودية والرق القديم الجديد، وهو أخطر ألوان الرق، لأنه السبب والمنشأ لكل اشكاله وانواعه، وهو عبودية الانسان للشهوات والاهواء.

ومضى يقول: تتنازع الانسان في ميوله وسلوكه مرجعية العقل والضمير التي توجه ميول الانسان وسلوكه نحو قيم الخير والعدل واحترام إنسانية الآخرين وحقوقهم.

وتابع: وهناك مرجعية الشهوات والاهواء وهي تدفع الانسان نحو تحصيل اللذات والرغبات وخدمة المصالح الذاتية الأنانية دون مراعاة لأي قيم أو مبادئ.

وأضاف: حين ينقاد الإنسان لأهوائه وشهواته، يتقلص دور العقل والضمير في قراراته وسلوكه، فيضر نفسه، ويضر من حوله ويصبح أداة لإفساد الحياة.

وبيّن أن مشكلة الانسان في هذا العصر أنه يعيش في ظل حضارة مادية تحرّض الاهواء والشهوات عند بني البشر، وتسوقهم للانقياد لها.

وتابع: نرى كيف تسعى دول واتجاهات غربية لنشر ثقافة الابتذال الجنسي، وانماط الانحراف السلوكي كالمثلية والتعري وتشجيع العلاقات الجنسية المنفلتة.

واستنكر الشيخ الصفار إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي تشريع ما يسمونه الزواج المثلي، "فإنّ مشروع القانون الذي أقرّه مجلس الشيوخ يلغي كل التشريعات السابقة التي تحدّد الزواج على أنّه ارتباط بين رجل وامرأة".

وتابع: يريد الغربيون فرض ثقافتهم وسلوكهم الشاذ على سائر الأمم والشعوب، وقد حاولوا استغلال مناسبة المونديال الرياضي في قطر للترويج لهذا السلوك الشاذ، لو لا الضوابط التي وضعتها الدولة المضيفة لإفشال محاولاتهم.

وأضاف: هنا يأتي دور الدين الذي يوجه الانسان للإصغاء لصوت عقله ونداء ضميره، ويمنحه الإرادة والاستقامة لكبح جماح اهوائه وشهواته.

واستشهد سماحته بمقولة للإمام علي : «عَبْدُ اَلشَّهْوَةِ أَذَلُّ مِنْ عَبْدِ اَلرِّقِّ»، وتساءل: لماذا يكون عبد الشهوة أذل من عبد الرق؟

وأجاب: لأن الرقيق قد فرضت عليه العبودية، بينما يختار عبد الشهوة الرّق لنفسه، ولأن الرقيق قد يفوز في آخرته، بينما يخسر عبد الشهوة آخرته.

وتابع: ولأن الرقيق يعيش إنسانيته وصدقه داخل نفسه، بينما يدمر عبد الشهوة إنسانيته، ويسحق ضميره ووجدانه، وقد يدمر حياته ويعيش مذلة العار والسقوط.

وأضاف: كم من إنسان دمرت حياته وتحطّم مستقبله وضاعت دنياه وآخرته بسبب الانقياد لشهوة عابرة.

ومثّل بما حصل لمسؤولين وأثرياء وقضاة وأصحاب مناصب ونفوذ في دول مختلفة واجهوا مذلة التحقيق والمحاكمة واستحقاق العقوبة والتشهير، بسبب انزلاقهم في مطب الشهوة والفساد.

ولفت إلى أن للدين دورًا في تحصين الإنسان من سيطرة الأهواء والشهوات، ليكون حرًا حقيقيًا، وحتى لا يقع في أذل رقّ وعبودية.

 

للمشاهدة:

https://www.youtube.com/watch?v=3v5Is1wmGnY