الشيخ الصفّار يستضيف متعافين من الإدمان على المخدرات

مكتب الشيخ حسن الصفار
القديح: حسين الشيخ

استضاف سماحة الشيخ حسن الصفّار في مكتبه مساء يوم الخميس ليلة الجمعة الموافق لِـ 29 ربيع الأول 1427 هـ عدداً من أعضاء برنامج زمالة المدمنين المجهولين، وهي عبارة عن «مجتمع عالمي قائم على أساس تجمّع من مدمني مخدرات متعافين، ولدى هذا التجمّع ما يزيد عن 33500 اجتماع في أكثر من 116 دولة على مستوى العالم».

وقد تأسس برنامج زمالة المدمنين المجهولين في السعودية عام 1993م، وذلك عندما قام خمسة من المدمنين المتعافين بالاجتماع على طريقة زمالة المدمنين المجهولين، وكانت أول مجموعة للزمالة قد قامت في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية من السعودية. وقد أصبح لها فرع في محافظة القطيف في مدينة الأمير نايف الرياضية.

بعد ذلك توسع عمل المجموعة وأصبحت المجموعات المسجلة رسميًا في المكتب العالمي بشكل مستمر ومنتظم 10 مجموعات موزّعة في عدد من مدن المملكة، وتعقد هذه المجموعات حوالي 50 اجتماعًا أسبوعيًا لحوالي خمسمائة مدمن متعافٍ.

وقد بدأ الشيخ حسن الصفّار الجلسة بكلمة ترحيبية بيّن فيها خطورة مشكلة تعاطي المخدرات، والدور الفعّال الذي تقوم به مثل هذه المجموعات في معالجة مرض الإدمان، ومما جاء في كلمته:

«إن المجتمع يواجه تحديات كبيرة وخطيرة، وأهمها تلك التي تستهدف عقول وسلوك ونفسيات أبناء المجتمع، وهذه التحديات لها انعكاساتها على تقدّم المجتمع، لأن أي تقدّم لأي مجتمع لا ينمو ولا يتقدّم إلا بتقدّم الإنسان فيه، ولذلك فأهم عمل يقوم به الإنسان هو بناء ذاته وأفراد مجتمعه وحمايتهم من الفساد والانحراف.

ومن أهم تلك المشكلات السلوكية ما نواجهه اليوم من خطر انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، هذه المشكلة التي لو تجاوزنا مسألة الذنب والحرمة الشرعية فيها والتفتنا إلى مساوئها لكان ذلك كافٍ للارتداع عنها ومحاربتها، إنها تحوّل الإنسان إلى شخص أسير لهذه اللذة الوهمية، وذلك حينما تتمكّن الرغبة من نفسه وجسمه.

ومشكلة تعاطي المخدرات لا تقتصر في آثارها السلبية على المدمن فقط، بل على من يحيط به، ويصبح وبالاً على أسرته ومجتمعه، حيث تحوّله الحالة الهستيرية التي تصيبه إلى إنسان فاقد للوعي ولكل مقوّمات الإنسانية فيه، ومستعدّ لتقديم أي شيء مقابل الحصول على الجرعة المخدرة.
هذا بالإضافة إلى أنه يصبح عرضةً للعدوى لأي مرض خطير كالإيدز، أو للموت، بسبب الحقن المستعملة في محيط المدمنين.

لذلك فإننا ـ للقضاء على هذه المشكلة الخطيرة والآخذة في الانتشار ـ بحاجة إلى أن تتشكّل لجان ممن وقفوا على المشكلة وجرّبوا النضال للتخلص منها، لأنهم خير من يستطيع أن يدرك حجم وخطر هذه المشكلة، وخير من يستطيع أن يمدّ يد العون لمن لا زال واقعًا تحت تأثير آفة الإدمان.

وقد استجاب لهذه الحاجة الاجتماعية الماسّة مجموعة من المدمنين المتعافين وشكّلوا لجان في عدّة مناطق من المملكة، ويشاركهم في هذا الهمّ إخوة لهم في مملكة البحرين وغيرها من الدول.

يحاولون في تجمّعهم هذا أن ينقلوا تجربتهم إلى الذين لا يزالون يعيشون هذه الحالة المرضية الخطيرة، فيتعاملون مع المدمن كمريض ويساعدونه من أجل الوصول إلى ساحل الشفاء».

بعد هذه الكلمة الترحيبية قام الإخوة من أعضاء برنامج زمالة المدمنين المجهولين من البحرين بالتعريف بأهداف وآلية عمل البرنامج واللقاءات التي يعقدونها مع بعضهم، وبعض العقبات التي تواجه المدمن حتى يتخلّص من مرض الإدمان، والتي من أهمها هو عدم تقبّل المجتمع للمدمن، ومعاملته كمجرم، بينما من المفترض أن يُعامل كمريض، ويوفّر له الدعم المعنوي والترحيب الاجتماعي حتى يتعافى ويرجع فردًا منتجًا في مجتمعه.

بعد ذلك تفضّل الأخ مصطفى من أعضاء جماعة الخطّ المستقيم (أحد فروع برنامج زمالة المدمنين المجهولين) بالقطيف بالتحدّث عن تجربتهم في تأسيس الجماعة بمدينة الأمير نايف بن عبد العزيز الرياضية بالقطيف.

وتحدّث عن زيارته لسجن الدمام والجلوس مع الموقوفين بسبب الإدمان على المخدرات ونَقَلَ عن السجناء ازدياد ظاهرة تعاطي المخدرات، وما يعانيه المجتمع في المنطقة من خطر توسّع هذه الظاهرة ما لم يجد حلولاً للقضاء على هذه الظاهرة أو الحدّ منها.
وممن تحدّث عن تجربته الأخ عبد المحسن من الأحساء، حيث ذكر أن بداية تعاطيه المخدّر كان بسبب إصابته بمرض الأنيميا المنجلية، فذكر أنه للتخفيف من آلام هذا المرض يعطى المريض بعض أنواع المخدّر، التي لو أكثر المريض من تناوله فسيدمن عليه، وهذا ما حصل له، حتّى منّ الله عليه بالالتحاق ببرنامج زمالة المدمنين المجهولين وتعافى.

كما تحدث أحد من عافاهم الله من هذا البلاء عن تجربته المريرة مع الإدمان على المخدرات ومدى معاناة أمه وعائلته، وكيف أنه فقد أخاه الأصغر منه سناً بسبب تناوله لجرعة زائدة من المخدرات، وأبدى عتابه للمتدينين في قريته والذين كانوا يقابلونه بالتجهم والرفض مع أنه كان في حاجة لمن يمد له يد الإنقاذ، وكرر حمده لله تعالى على أن وفقه للتوبة والإقلاع.

وبعد أن شارك الحضور بمداخلاتهم وأسئلتهم شكر سماحة الشيخ حسن في النهاية للمشاركين حضورهم، وخصوصًا الضيوف من مملكة البحرين والاحساء.

وقد حضر اللقاء جمع من المواطنين معظمهم من فئة الشباب وكان تفاعلهم جيداً عبر الأسئلة والمداخلات.