في (اثنينية) تكريم الشيخ حسن الصفار: غلبت روح الحديث عن الحوار وأهميته

مكتب الشيخ حسن الصفار جدة: خالد محمد الحسيني
خوجة: الدين لله والوطن للجميع والولاء لصاحب البيعة وما بقي نتفق ونختلف عليه.

الصفار: مبادرة خادم الحرمين حسمت الجدل بعد أن كان هناك من يخاف من الحوار.


كان مساء أمس الاثنين يوماً غير عادي في تاريخ الاثنينية التي دخلت عامها الـ 25 إذ كان الضيف هو الشيخ حسن موسى الصفار الداعية الشيعي المعروف والذي ملأت آراؤه الرأي العام خاصة بعد بداية لقاءات الحوار.

خوجة:

صاحب الاثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجة رحب بالضيف مشيراً إلى مجلسه الأسبوعي مساء كل يوم سبت في القطيف والذي يستقطب كل ألوان الطيف الثقافي وقال لقد عرفته في مؤتمر الحوار في مكة في شهر ذي القعدة العام قبل الماضي ووقفنا أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عندما كان ولياً للعهد وأشار إلى أنه قام بزيارته لما عرفه من توجهه الوطني وذلك في منزله في القطيف وأنه كرس جانباً كبيراً من حياته لطلب العلم وحلق في علياء الفكر غير أنه ليس من ذوي الأبراج العاجية بل هو مثال للعالم المتواضع الهاش الباش يجري القول قوياً وتلك طبيعة الأشياء.

أحاديث في الدين:

وقال خوجة إن للشيخ الصفار كتاب ( أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع) أربعة أجزاء فتح نوافذ التواصل مع الآخر كما اهتم بالمرأة لأن لها مكانة أثيرة لدى فضيلته خصص لها مؤلفات كثيرة ووجدت مكاناً بين دروسه وفق الضوابط الشرعية كما أشار لخدماته للمجتمع غير الجمعيات ـ بذل الجاه ـ مساعدة ذوي الحاجات وقال إن الاثنينية تحييه على ما بذله في خدمة الثقافة والعلم وختم خوجة أن أيدينا معه في خدمة الأهداف النبيلة، وقال خوجة نحن نستجيب للقاءات المنفتحة نحو الآخر.

محمد عبده:

ثم تحدث معالي د. محمد عبده يماني راعي الاثنينية ورحب بالضيف وقال إن نقاط الالتقاء معه أكثر من الاختلاف ومن هنا انطلق اللقاء، وأوضح دائماً نقاط الالتقاء أكثر من الاختلاف.

الجفري:

وقد قدم د. يماني السيد الكاتب عبدالله الجفري الذي قال كتبت الكلمات انسجاماً مع رحابة فكره واهتمامه بالتلاحم الوطني مشيراً للكتاب الذي صدر للصفار في 2004م والذي افتتحه بآية ( إنا خلقناكم من ذكر وأنثى لتعارفوا ) الآية وقال الجهل بالآخر والقراءة الخاطئة له نتاج خلل اجتماعي ونحن هنا مدعوون للاصغاء إلى الآخر لنثبت أننا مجتمع سوي يشرع المجال ويتقبل الحوار. نحن مع انفتاح الدولة في توجهها اليوم على الحوار منذ أطلق خادم الحرمين الدعوة لتمازج الرأي الأحادي مع الآخر خاصة وقد مضت سنون كنا فيها في خصام مع الآخر وعانينا من اللغو وكان العقل يحض على الحوار على أن لا نؤخذ بما قال السفهاء. وأضاف الجفري يجب أن نرسي قاعدة صلبة ورغبة في اضاءات العقل الذي يحاور ولا يتشنج ويناقش ولا ينغلق على نفسه.

استقبال الملك:

وقال الجفري أشاع الملك عبدالله باستقباله كافة الأطياف والتشجيع على الحوار والسعي للحوار الموضوعي لخلق أجواء ترفض الانكفاء على الذات ويعبر الصفار عن تمسكه بلغة الحوار من خلال الحوار الوطني من خلال:
1ـ تحقيق حالة التواصل والانفتاح. 2- بلورة بعض التصورات تجاه القضايا الموجودة وتقديمها للدولة. وختم الجفري لا مكان للتعصب لدينا.

حديث الصفار:

بدأ الضيف حديثه بالترحيب بالحضور والمشارِكات من السيدات وقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما استفاد أمرؤ بعد الإيمان بالله فائدة أفضل من أخ في الله).
مشيراً لعلاقته بالدكتور محمد عبده قبل 9 سنوات في منزله في جدة وتشجيعه وتقديمه لكتابه الذي كان من أوائل كتبه في الحديث كما ركز الصفار على التواصل والتلاقي والسعي لخدمة الوطن الذي هو أمانة في أعناقنا هذا الوطن الذي يتميز عن كل الأوطان لوجود الحرمين ومهبط الوحي ومثوى خاتم الأنبياء والمرسلين.
وتحدث الصفار أنه أعد ورقة عن " أهداف الحوار على الصعيد المذهبي " موضحاً أننا تجاوزنا مرحلة هامة وقطعنا شوطاً كبيراً في ترسيخ مبدأ الحوار وفي الماضي نتحدث عن ضرورة الحوار وأهمية الحوار وكان هناك من يتحفظ ومن يتوجس خيفة منه.

مبادرة الملك:

لكن مبادرة خادم الحرمين الملك عبدالله حسمت الجدل ووضعت حداً للهواجس وأصبح الحوار حقيقة واقعة في وسط المجتمع السعودي واقتنع الجميع بضرورة الحوار وأهميته، والكثيرون تجاوبوا واستجابوا حتى في المؤسسة الدينية التي كان بعض أعلامها ورموزها يتوجس خيفة خوفاً على العقيدة من وجهة نظره ونرى أن هذه التحفظات في طريقها للزوال، فكل الأطراف أعلنت قبولها للحوار واستعدادها، وسأل ما هي آليات الحوار على الصعيد المذهبي؟ مجيباً خلفيات تاريخية مليئة بالنزاع والمشاكل والصراعات وكلنا ينتمي إلى تراث لا يخلو من الشوائب. تراثنا الإسلامي مع ما فيه من عمق وتسامح هناك بعض الصفحات والفصول في هذا التراث تعكر صفو الود بين أبناء هذه الأمة ولا يستطيع أهل أي مذهب أن ينزهوا تراثهم من الشوائب فهي موجودة في تراث المسلمين بفعل عوامل مختلفة.

وتلا الصفار كلمة مقروءة قال فيها: البعض يقول تحكم الكتاب والسنة ولا بد أن يقبل الآخر بالنتيجة ويفوتهم أن هناك اختلافاً للفهم لنصوص الكتاب والسنة، والبعض يعتقد أن المنطق والعقل يحل المشاكل بين المذاهب، لكن الصحيح أن العقل يعد جانباً من المسألة الدينية، وهناك أبعاد أخرى أكثر من العقل، وهي البعد النفسي والبعد الاجتماعي.

والمسألة ليست عقلية لأنها لو كانت كذلك فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لديه الدليل والمنطق والفصاحة والبيان وقال: (أنا أفصح من نطق بالضاد) لكنه لم يستطع أن يغير المجتمعات الدينية في عصره، فإذا كان رسول الله مع وضوح الحق والقدرة في معرفة الحق، ومع ذلك لم يستطع تغيير الكيانات الدينية في مجتمعه وذلك لا لقصور فيه ولكن عجز موضوعي، وأشار الصفار لحادثة " المباهلة" مع وفد نجران حول المسيح ولم يلجأ النبي للمباهلة إلا بعد عجز طريق المنطق والعقل. وقال إن هناك آيات ونصوص تنهى عن الجدل في الدين إلا بالتي هي أحسن، وأنه ليس بالضرورة أن يتقبل الناس رأي الآخر مهما كان وقال إن الإمام جعفر الصادق قال: ( لا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب) وقال تعالى: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).

التقليد:

وقال إن بعض الناس يتمسك بالفكرة تقليداً فقط ويجب الاستعانة بالدليل والبرهان وليس التقليد والضغوط العاطفية والاجتماعية وقال إننا يجب أن نحرص على وحدة الأمة واستقبال الآراء وتحديد هدف الحوار وآلياته حتى نصل للنتيجة المرجوة.

بوصلة الحوار:

وقال الصفار إن بوصلة الحوار يجب أن تتجه إلى التعارف والفهم المتبادل والتعايش ومنع الإساءات للرموز والشخصيات في تاريخه أو الانتقاص من حقوقه وخدمة المصالح المشتركة. وتجمعنا مصالح مشتركة وأبناء أمة واحدة تواجه أخطاراً كبيرة تستهدف الجميع لذلك يجب أن نتحاور لتحقيق الأهداف أما إذا كان الحوار من أجل ترك قناعة أو ما يشابه ذلك فهذا الحوار لا يوصل إلى نتيجة وسيكون حواراً عقيماً وضاراً وقال إن المسألة الدينية المذهبية ليست منحصرة في أشخاص المتحاورين وأن المذاهب تختلف وما ذا يفيد أن يقتنع شخص عبر مذهب الآخر. وسأل كيف تقتنع التجمعات وتغير قناعاتها ويجب أن يقوم بالتصحيح العلماء والواعون، ولا يكون نيتجة ضغوط خارجية لأنها تثير التحدي.

لقطات من الأمسية:

الصفار ولد عام 1377هـ وبدأ الخطابة وعمره أحد عشر عاماً وله 400شريط كاسيت وفيديو وأكثر من 70كتاباً كتبه عن : التعليم ـ المرأة ـ تربية الناشئة ـ الحورا ـ الإصلاح ـ فقه الأسرة ـ الفقه المقارن. ارتجل الصفار الجزء الكبير من كلمته، عندما قدم الدكتور محمد عبده الجفري قال كنا نسميه من الشباب والآن من الشياب. شاركت السيدات بأسئلة عبر الدائرة المغلقة، المداخلات كانت من: اللواء أنور عشقي، ثم مداخلة السيد عبدالله فدعق، والتي أكد فيها على الدعوة التي أطلقت مؤخراً للحوار بين أهل السنة والأطياف ومع هذا قال إن فيها رائحة التفرقة بسبب التفرقة بين الصوفية والسنة ووجدت قبولاً لدى الحضور.
(البلاد، الثلاثاء 11/4/1427هـ الموافق 9/5/2006م ، العدد 18090)