وقد تحدث سماحته في بداية كلمته عن علم التفاوض الاجتماعي والسياسي وقال إنه علمٌ يُدرس الآن في جامعات الدول المتقدمة كأمريكا واليابان مثلاً، وقال إن هذا العلم ينمي القدرة على التفاوض والحوار.

وأضاف سماحته بأن حالة الحوار والتفاوض التي تتمتع بها الدول المتقدمة هي حالةٌ "/>

مهارات التفاوض والحوار

مكتب الشيخ حسن الصفار
أمّ سماحة الشيخ حسن موسى الصفار "حفظه الله" جموع المصلين يوم الجمعة الموافق 22 شوال 1423هـ في مسجد سماحة الشيخ علي المرهون حفظه الله بالقطيف. وقد افتتح سماحته كلمته بقوله تعالى: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون.

وقد تحدث سماحته في بداية كلمته عن علم التفاوض الاجتماعي والسياسي وقال إنه علمٌ يُدرس الآن في جامعات الدول المتقدمة كأمريكا واليابان مثلاً، وقال إن هذا العلم ينمي القدرة على التفاوض والحوار.

وأضاف سماحته بأن حالة الحوار والتفاوض التي تتمتع بها الدول المتقدمة هي حالةٌ صحيةٌ سليمة، بينما تجد الحالة ضامرة في الأمم المتخلفة.

وقال سماحة الشيخ أيضاً إن النصوص الشرعية والتعاليم الإسلامية التي جاء بها نبي الإسلام محمد تضم الكثير من مبادئ وأخلاقيات الحوار التي توصل لها المفكرون في الدول المتقدمة في هذا العصر بينما الإسلام طرح هذه المبادئ جاهزةً من أول يومٍ أراد الله تعالى لهذا الدين الظهور.

وأضاف سماحته أن الثقافة التي يحملها معتنقي الديني الإسلامي لا تُشجع على الحوار، بل ولا تُربي الإنسان عليه. في مختلف الجوانب الحياتية بدئاً بالحياة الأسرية ومروراً بالمدرسة وانتهاءً بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

واستنكر سماحة الشيخ من توظيف الدين في إنماء حالة عدم الحوار، وجعل أخلاقيات الدين تتمثل في العنف والشدة والقسوة والردع والمنع إذ أن هذه الأخلاقيات مذمومة في الإسلام، بل إن النبي الأعظم ما جاء إلا من أجل إشاعة حالة الأخلاق في المجتمعات كما يقول : «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق.»

وقد اختتم سماحة الشيخ هذه المقدمة بالنتيجة التالية: إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى ثقافة ومنهجية جديدة تُبنى على أساس الحوار واحترام الآخر.

قبل بدء الحوار


ثم تحدث سماحة الشيخ عن أساسيات ينبغي الأخذ بها قبل بدء الحوار، وذكر منها:

أولاً- يجب على المتحاور أن يعلم أن الطرف الآخر إنسان مثله له كرامته وحريته، وله الحق في اعتناق أي دين وأي مذهب وأن توجهٍ أو رأي، ولا يحق إسقاط الطرف المقابل أو التعرض لحقوقه.

وقال سماحة الشيخ إن الآية الكريمة التي تصدرت الحديث تُمثل نصاً واضحاً في التأسيس لمبدأ الحوار من الطرف المقابل.

ثانياً- أن يبدأ الحوار من ألأمور المشتركة ثم ينتقل تدريجياً إلى الأمور المختلف فيها.

أهداف الحوار


بعد ذلك تحدث سماحة الشيخ عن أهداف الحوار، وذكر منها:

أولاً- الوصول للحقيقة.

ثانياً- التأثير على الطرف المقابل وإقناعه.

ثالثاً- الفهم المتبادل والتعايش المشترك.

رابعاً- الغلبة والمراء.

وقال سماحة الشيخ أن جميع هذه الأهداف مشروعة في الحوار ما عدا الأخير وهو (المراء) فهو منهيٌ عنه على لسان النبي العظيم محمد إذ يقول: «لا يكون الإنسان مؤمناً حتى يدع المراء ولو كان محقاً.»

أخلاقيات الحوار


بعد ذلك تحدث سماحة الشيخ عن أخلاقيات الحوار، وذكر منها:

أولاً- توقيت الحوار.

من أهم الأمور في مسألة الحوار أن يكون وقته مناسباً للموضوع المتحاور فيه، فقد تكون النتائج سلبية لعدم التوقيت المناسب.

وأضاف سماحة الشيخ أنه في بعض الحالات تستهدف بعض الجهات المغرضة حالة الخلاف بين الأمة الإسلامية لإشاعة الفتنة بينما تلك الجهات تسعى وراء مخططاتها الدنيئة.

ثانياً- من هو الطرف المقابل؟

ينبغي معرفة الطرف المقابل حتى يكون الحوار عن بينة، يقول الإمام علي لكميل (رضوان الله تعالى عليه): «يا كميل إن في كل صنفٍ قومٌ أرفع من قوم فلا تُناظر الخسيس منهم وإن أسمعوك ما لا تحتمل فكن كما قال تعالى: وإذا مروا باللغو مروا كراماً.»

ثالثاً- الاستهداف.

حتى يكون الحوار موضوعياً ينبغي معرفة الهدف من وراء الحوار، فإن كان من الأهداف المشروعة فبها وإلا فلا. «جاء رجلٌ للإمام الحسين فقال له: يا أبا عبد الله اجلس معي حتى أتحادث معك فقال الإمام : أما أنا فعلى بصيرةٍ من ديني فإن كنت جاهلاً عن دينك فاذهب وتعرف على دينك. »

هكذا ترفع الإمام عن المناظرة لأنه عرف أن الهدف من ورائها غير مشروع.

آداب الحوار


وتحدث سماحة الشيخ بعد ذلك عن آداب الحوار، وذكر منها:

أولاً- الإصغاء للطرف الآخر.

ثانياً- فهم الطرف الآخر.

ثالثاً- معرفة المشتركات.

رابعاً- احترام الطرف الآخر.

واختتم سماحة الشيخ حديثه بسؤالٍ يطرح نفسه في الساحة الإسلامية وهو: متى سيصل العرب والمسلمون إلى مستوىً من الوعي والنضج لتنمو في مجتمعاتهم حالة الحوار الهادف؟ من ينظر إلى واقع الأمة الإسلامية والعربية يُدرك بأن الطريق طويل والوصول إليه يحتاج إلى جهدٍ جهيد خصوصاً إذا بقيت الأمة على هذه العقلية المتخلفة التي تُعشش في نفوس الكثير من أبنائها.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين.