مشاكل الحياة بين الانفعال والاستيعاب

من طبيعة هذه الحياة الدنيا أنها زاخرة بالمشاكل والمصاعب، بمقدار ما هي مليئة بالملذات والشهوات، وفرص المكاسب والإنجازات، وأرادها الله تعالى كذلك لتكون قاعة ابتلاء وامتحان للإنسان، وفي الاختبار لابد من توقع الأسئلة الصعبة، ولإعطاء رخصة قيادة السيارة يمتحن بالسير في طرق ذات منعطفات ومتعرجات.

ولمشاكل الحياة وظيفة أخرى هي صقل إرادة الإنسان، واستثارة قدراته وطاقاته، فالتحديات دافع التقدم والتكامل.

لذلك يؤكد القرآن الكريم على حتمية العناء والصعوبة في هذه الحياة يقول تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [1] . والكبد هي المعاناة والتعب الشديد. وفي آية أخرى: ﴿يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ [2] . والكدح هو العمل والسعي بمشقة.

الناس الذين يفكرون بأنهم يجب أن يرتاحوا في حياتهم، ولا تزعجهم المشاكل والمصاعب، هؤلاء واهمون لا يعرفون طبيعة الحياة.

يقول الإمام زين العابدين : «الراحة لم تخلق في الدنيا ولا لأهل الدنيا، إنما خلقت الراحة في الجنة ولأهل الجنة، والتعب والنصب خلقا في الدنيا ولأهل الدنيا» [3] . وفي حديث للإمام جعفر الصادق أنه قال لأصحابه: «لا تتمنوا المستحيل! قالوا: ومن يتمنى المستحيل؟! فقال: ألستم تمنون الراحة في الدنيا؟ قالوا: بلى. فقال: الراحة للمؤمن في الدنيا مستحيلة» [4] .

والإنسان في أي موقع كان، وضمن أي حالة في هذه الحياة، معرض للمشاكل والابتلاء، فقد يتصور الفقير أن الأغنياء يعيشون راحة تامة، أو يتصور المحكومون أن الحاكمين لا يواجهون ما يزعجهم ويقلقهم، أو أن أهل تلك البلاد لاشيء ينغّص عليهم صفو راحتهم، لكن هذه التصورات جميعها بعيدة عن الواقع، فلا أحد في هذه الحياة حاكماً أو محكوماً، غنياً أو فقيراً، عالماً أو جاهلاً، من مواطني العالم الثالث أو الأول، لا أحد يعيش راحة تامة، نعم قد تتفاوت المشاكل، ويختلف مستوى المعاناة، ومدى توفر إمكانات المواجهة والعلاج.

فقد تأتي المشكلة من خلال البيئة الطبيعية المحيطة بالإنسان، وقد تنبع من داخل جسمه أو حالته النفسية، وقد تنبثق من الظروف الاجتماعية التي ينتمي إليها.

إن الراحة الكاملة، والسعادة التامة، لا تتوفر إلا في الجنة حسبما يخبرنا الله تعالى عنها، هناك حيث لا أمراض، ولا نزاعات ولا منغصات ولا نواقص ولا شيء يسبب ذرة من العناء أو الانزعاج، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ. وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ. لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [5] .



وإذا كان خيار تغيير طبيعة الحياة ليس متاحاً للإنسان، فهي كما يقول الشاعر العربي:

طبعت علـى كـدر وأنت تريدها

صفواً مـن الأقذاء والأكـدار

ومكلـف الأيام ضـد طباعـها

متطلـب في المـاء جـذوة نار


إلا أن طريقة تعامل الإنسان مع هذه الطبيعة يفتح أمامه أكثر من خيار، ويمكننا أن نلاحظ في تعاطي الناس مع مشاكل الحياة، أن هناك نمطين مختلفين: الأول حالة التشنج والانفعال. والثاني منهجية الاستيعاب.



التشنج والانفعال:

التشنج لغة من الشَنَج وهو تقبّض الجلد والأصابع وغيرهما، وفي الحديث: «إذا شخص البصر وشَنِجَتِ الأصابع، أي انقبضت وتقلصت» [6]  بحيث يصعب بسطها وتحريكها.

واللغويون يعبرون بذلك عن حالة مرضية، يطلق عليها الأطباء: تشنجاً عضلياً ويعرفونها بأنها حالة مفاجئة لا إرادية تصيب العضل فتمنعه من أداء وظيفته مع ألم شديد.

أما التشنج كحالة نفسية فيعرفه علماء النفس: بأنه حالة يفقد فيها الإنسان الإدراك الواعي ويصاحبها تقلصات في العضلات، وهي وسيلة هروبية حينما تعجز الذات عن مواجهة ضغط من الضغوط أو موقف من المواقف بطريقة واعية سليمة.

ومن التعريفات السابقة يمكننا التعبير عن التشنج كظاهرة أخلاقية، بأنه الانفعال الزائد عن الحد تجاه حدث سيء أو شخص مسيء. يدفع إلى مواقف أو تصرفات سريعة دون تفكير موضوعي.

هذا الانفعال المتطرف يحدث حالة من الانقباض في إرادة الإنسان وتفكيره، فتعوقه عن الحركة والسعي لتجاوز المشكل، كما تسبب له الكثير من التأزم والتألم في مشاعره وأحاسيسه، تماماً كما هي آثار التشنج العضلي على مستوى الجسم.



مظاهر وأعراض:

لحالة التشنج مظاهر وأعراض في شخصية الإنسان يمكن أن نرصد منها مايلي:

1. السلبية والتشاؤم: فالحياة فيها أحداث جيدة وأخرى سيئة، فيها الحلو والمر، ويحصل فيها ما يبعث على الأمل والتفاؤل، كما يحدث ما يوجب التشاؤم، فلا بد من الاعتدال والتوازن، والنظر إلى الأمور بموضوعية. لكن الشخصية المتشنجة وبسبب ما قد يمر بها من مشاكل ونكسات تميل إلى السلبية والتشاؤم غالباً، وتقرأ الأحداث بهذه النفسية، فتتكرس لديها حالة اليأس والقنوط، وتسيطر عليها حالة الإحباط، وذلك يعوق الانطلاق والحركة والسعي.

إن التعاليم الدينية تربي في الإنسان روح الأمل والتفاؤل، وتنهاه عن النزوع نحو اليأس والتشاؤم مهما عصفت به المشاكل والأزمات، يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [7] . ويقول تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا[8]  وفي واقعة الخندق يقدم الرسول مثلاً رائعاً في التطلع إلى الخير، وتجاوز ضغط الأزمات والمشاكل، حيث تذكر كتب السير والتاريخ: أنه لما حاصر المشركون وحلفاؤهم من اليهود المدينة المنورة، وكانوا أكثر من عشرة آلاف مقاتل، مدججين بالسلاح والعتاد، ولم يكن للمسلمين قوة مكافئة، لذلك قرروا حماية المدينة بحفر خندق حولها، حتى لا يستطيع الأعداء الهجوم عليها، فهم في موقع الدفاع، وأثناء حفر الخندق، اعترضتهم صخرة قوية شق عليهم كسرها، فبادر الرسول وأخذ المعول وضرب على الصخرة ولشدة ضربته لمعت برقة منها، وتكرر ذلك ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يكبّر فيكبر معه المسلمون، ثم قال لهم: «في الأولى فتح الله عليّ بها اليمن، وفي الثانية فتح الله عليّ بها الشام والمغرب، وفي الثالثة فتح الله عليّ بها المشرق ».. فقال المنافقون: ألا تعجبون يحدثكم ويخبركم أنه يبصر في يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق، ولا تستطيعون أن تبرزوا [9] .

وفي بعض الأحيان تكون المبالغة في السلبية والتشاؤم نوعاً من التبرير لموقف التقاعس والكسل وعدم تحمل المسؤولية، بحجة عدم الفائدة والجدوى، وغلبة السوء والشر.



الحماس للهدم دون البناء:

2. من أعراض ظاهرة التشنج والانفعال أن يبقى أصحابها في دائرة السخط والاعتراض تجاه المشكل، دون أن يتجاوزوا ذلك إلى صنع الحلول، وتقديم العلاج. إنهم يفتشون عن المشاكل ليجتروا الكلام حولها، ولا يكلفون أنفسهم عناء التفكير في معالجتها، والسعي لمواجهتها. وقد ترى في بعض المجالس أشخاصاً يتبارون في استعراض المشاكل، ويزايدون على بعضهم في الحماس لها والغضب منها، لكنك إذا ما طرحت عليهم السؤال عن طريقة الحل وأسلوب العلاج، يواجهونك بالفتور والبرود، والتهرب من تحمل أي مسؤولية!!

لماذا نتكلم عن المشاكل والقضايا فقط، ولا نعتصر أذهاننا من أجل ابتكار الحلول، وابتداع طرق الخلاص؟

فإذا ما وقع حادث اعتداء على أحد من المجتمع، أو حصلت جريمة اخلاقية، أو أساء أحد إلى الدين أو المذهب، يصبح ذلك هو حديث المجالس، وتسود المجتمع أجواء الحماس والانفعال، وينشغل الناس بذلك لفترة، ثم تهدأ النفوس، وينتهي الحماس، في انتظار مشكلة أخرى .. وهكذا !!

لماذا لا نتحمس للفعل الإيجابي بدل الحماس كرد فعل فقط لمشكلة هنا وهناك؟

ولماذا لا تتحول ردود أفعالنا تجاه المشاكل إلى خطط عمل وبناء بدل الاكتفاء باجترار المآسي والحسرات؟

يقول الدكتور محمد جابر الأنصاري: أن بإمكانك أن تستثير الألوف من الناس لكي يخرجوا بمظاهرة يقطعون فيها عدة كيلومترات تحت حرارة الشمس، لكن هل تستطيع أن تقنع أحداً منهم بتنظيف عدة أمتار أمام باب بيته!!



البحث عن الأخطاء:

3. الشخصية الانفعالية المتشنجة غالباً ما تبحث عن النواقص، وتفتش عن الأخطاء ونقاط الضعف، في أي عمل أو مشروع، ولدى أي شخص أو جهة، ليس من أجل إسداء النصيحة، ولا لمساعدة في الترميم والإصلاح، وإنما لإثارة التشكيك، وللتشهير بالآخرين وإنجازاتهم.

إن الإيجابيات ونقاط القوة في أي نشاط، ومن قبل أي شخص لا تسترعي انتباههم، ولا تستقطب أنظارهم، لكن أقل خطاءٍ وأبسط نقص، يجلب اهتمامهم، ويتضخم لديهم، وتقوم قيامتهم ولا تقعد اعتراضاً عليه!!

إن المنصف المخلص لبني نوعه أو مجتمعه هو من يشيد بالإيجابيات، ويقدم النقد البنّاء، والنصيحة الطيبة تجاه النواقص والسلبيات ..

فمثلاً عندنا مؤسسات خيرية تعمل في المجتمع كالجمعيات الخيرية، ولجنة كافل اليتيم، ومهرجانات الزواج الجماعية، وصناديق الزواج الخيرية، والأندية الرياضية، والأنشطة الدينية والثقافية، وكلها بجهود تطوعية اختيارية، يقدمها أفراد من أبناء المجتمع خدمة للمصلحة العامة، وابتغاءً لثواب الله ورضوانه، وهم بشر غير معصومين، قد يصدر منهم الخطأ والنقص، وقد تكون لديهم وجهـة نظـر في تصـرف ما.

وما قد يقوم به البعض من موقف تجاه هذه المؤسسات الخيرية التطوعية، وما شاكلها من أنشطة في المجتمع، بحجة حدوث هذا الخطأ، أو وجود ذلك النقص، إنما هو مظهر وعرض لتلك النفسية الانفعالية المتشنجة.



القسوة في ردة الفعل:

4. قد يتعرض الإنسان لمواقف مثيرة من قبل الآخرين، بأن تصدر منهم إساءة تجاهه، أو يرتكبون خطأ أو ذنباً بشكل عام، وهنا كيف يكون رد الفعل على هذا المثير؟ إن حالة التشنج والانفعال تدفع الإنسان إلى ردة فعل قاسية عنيفة، تعود عليه بالمزيد من الانزعاج والتأزم النفسي، وتنسف الجسور بينه وبين الآخرين، وقد تجعل الطرف الآخر يتمادى في خطئـه من منطـلق التحـدي ورد الفعـل أيضاً ..

بينما يكون للحلم والتسامح الكثير من النتائج الإيجابية الطبيعية، فبذلك يمتص الإنسان حالات التشنج، ويحافظ على هدوئه واستقراره النفسي، ويكسب مودة الآخرين، والتأثير في نفوسهم وسلوكهم.

إننا بحاجة إلى أن يحتمل بعضنا بعضا، وأن لا نكون قاسين عنيفين على بعضنا، وإذا ما أخطأ واحد منا، فعلينا أن نساعده على تجاوز خطئه بالنصيحة واللطف، لا أن ندفعه للإرتكاس والتمادي أكثر ..

وقد ورد في الحديث المروي عن رسول الله إن من حقوق المسلم على أخيه المسلم: «ويقيل عثرته» فإذا سقط في دين أو دنيا أقاله، كأنه لم يحدث له سقوط [10] .

وجاء في رواية أن رجلاً في عهد رسول الله شرب الخمر فجاءوا به إلى الرسول فأقام عليه الحد، ولما خرج وقع الجالسون فيه، قال أحدهم: اللهم العنه، وقال آخر: اللهم أخزه، فالتفت إليهم رسول الله قائلاً: «لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم» قالوا: فما نقول يا رسول الله؟ قال : «قولوا: اللهم اهده، اللهم أصلحه، اللهم اغفر له».

لماذا يتلقف الواحد منا عثرة أخيه وكأنه أدرك مكسباً أو حقق أمنية؟ ولماذا يستغل البعض أتفه الأسباب ليدخل معركة مع الآخرين؟

لقد كان أئمة الهدى عليهم السلام يتسامون على الإساءات، ويتجاوزون عن الأخطاء، ليعلموننا الرزانة أمام المثيرات، كما نقل في سيرة الإمام زين العابدين أنه مر برجل فبادر الإمام بالسب والشتم، فمشى الإمام معرضاً عنه كأنه غير مقصود بكلامه، فاقترب إليه الرجل قائلاً: (إياك أعني) وأجابه الإمام فوراً: «وعنك أغضي» وانصرف عنه. ومرة أخرى افترى عليه رجل وبالغ في سبه، فالتفت إليه الإمام بهدوء وبرودة أعصاب قائلاً: «إن كنا كما قلت:فنستغفر الله، وإن لم نكن كما قلت: فغفر الله لك» [11] .



أسباب وخلفيات:

هناك أسباب وخلفيات وراء هذا السلوك الانفعالي المتشنج، لعل من أبرزها ضعف الوعي والمعرفة بطبيعة الحياة والبشر، أو الغفلة عن ذلك وسيطرة التفكير المثالي، حيث بعض الناس يرسمون في أذهانهم صوراً مثالية للأمور والأشخاص، ويرون الواقع لا يتطابق مع تلك التصورات المثالية، فتصدمهم تلك المفارقة بين المثال الواقع.

ويكرر بعض الناس دائماً عبارة: المفروض كذا والمفروض كذا حينما يقوّمون الآخرين وأعمالهم، لكنهم ينسون أنفسهم ومطالبتها بالمفروضات عليها، قبل مطالبة الآخرين.

كما أن حالة القهر والاستضعاف قد تنمي في نفس الإنسان الانفعالية والتشنج تجاه أنداده أو من هم دونه، كرد فعل لما يختزن من غضب وسخط تجاه المسيطرين عليه، حيث لا يستطيع مجابهتهم.

وللتربية العائلية والبيئة الاجتماعية دور مؤثر في تكوين وتكريس هذه الحالة، فتعامل العائلة مع الطفل، وسلوكها أمامه، يصوغ شخصيته بنفس الاتجاه، وكذلك البيئة المحيطة بالإنسان تنعكس أخلاقياتها على نفسه وسلوكه.



منهجية الاستيعاب:

كما أن التشنج والانفعال أمام المشاكل والأزمات خطأ مرفوض، فإن الاستسلام والخضوع للمشكلة ليس هو المطلوب، وإنما الصحيح استيعاب المشكلة عبر فهمها أولاً بخلفياتها وحجمها وحدودها، دون تضخيم أو تهويل، وفي المرحلة الثانية: التفكير في مواجهة المشكلة بموضوعية وتأن، ودون تسرع وارتجال، وثالثاً وأخيراً: حشد الطاقة والقدرة لتجاوز المشكلة.

هذه المنهجية هي التي تمكن الإنسان من تخطي مشاكل الحياة وعقباتها، وتحوّل المشاكل والتحديات وسائل ودوافع لتفجير مواهبه وتنمية طاقاته.

وقد نجد في مصطلح (شرح الصدر) الوارد في النصوص الدينية ما يعبّر عن هذه المنهجية، في مقابل ضيق الصدر الذي يعبر عن حالة التشنج والانفعال.

يقول تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّـدُ فِي السَّمــَاءِ [12] .

وأول نعمة يمتن الله تعالى بها على نبيه محمد نعمة سعة الصدر التي استوعب بها مشاكل الدعوة، ومواجهة المشركين، يقول تعالى: ﴿َلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [13] .

وحينما أمر الله نبيه موسى أن يذهب إلى فرعون، ليردعه عن طغيانه، وليدعوه إلى طاعة ربه، فإن موسى طلب من الله أن يمنحه شرح الصدر ليستوعب مضاعفات وأعباء هذه المهمة الضخمة: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [14] .

وكلما كان طموح الإنسان أكبر، ودوره أرفع، احتاج إلى مستوى أعلى من سعة الصدر، لاستيعاب المشاكل والصعوبات، يقول الإمام علي : «آلة الرياسة سعة الصدر».

 

 

* كلمة الجمعة بتاريخ 27 ربيع الأول 1421هـ
[1]  سورة البلد الآية4.
[2]  سورة الانشقاق الآية6.
[3]  المجلسي: محمد باقر/ ج70 ص92.
[4]  الريشهري/ محمدي ج4 ص204.
[5]  سورةالحجر الآية45- 48.
[6]  ابن منظور: محمد بن مكرم/ لسان العرب.
[7]  سورة يوسف الآية87.
[8]  سورة الشرح الآية 5-6.
[9]  الحسني: علي فضل الله/ سيرة الرسول وخلفائه ج3 ص314 الطبعة الأولى 1984م مؤسسة الوفاء بيروت.
[10]  الشيرازي: السيد محمد/ إيصال الطالب إلى المكاسب ج3 ص131.
[11]  القرشي: باقر شريف/ حياة الإمام زين العابدين ص77.
[12]  سورة الأنعام الآية125.
[13]  سورة الشرح الآية1.
[14]  سورة طه الآية24-25.