الوقاية من الوسواس

بمقدار ما يُسرّ الإنسان من رؤية شاب متدين ملتزم بالشرع، مقبل على العبادة، بذات القدر وأكثر يتألم إذا شاهد شاباً في مقتبل العمر مبتلى بداء الوسوسة في أعماله الدينية، ذلك أن مرحلة الشباب هي أفضل فترات الاستمتاع بالحياة، والتعاطي معها بحيوية وارتياح، ويفترض في الدين أن يجعل الإنسان أكثر سعادة واطمئناناً، فإذا أصيب الشاب بالوسوسة في أمور دينه، يتكدّر صفو حياته، ويفقد استقراره النفسي، ويصبح الدين عبئاً عليه بدل أن يكون دافعاً ومحفزاً له.

وقد أظهرت البحوث العلمية في بعض مراكز التحقيق أن 50-60% من حالات الوسواس تظهر في عمر 15-20 سنة، وتزداد تدريجياً، وتصل إلى ذروتها في الأعوام 20-25 سنة. ثم تبدأ نسبة احتمال الإصابة في الانخفاض حتى سنّ 35 عاماً، وكلما تقدم العمر بالإنسان كانت احتمالات الإصابة بالوسواس أقل[1] .

ذلك أن مرحلة الشباب تصاحبها في الظروف الطبيعية حالة الاهتمام بالمعايير الأخلاقية، والقيم المعنوية، وقد تحصل بعض الشوائب والأخطاء في الأجواء الدينية التي يعيشها الشاب، مما يزرع في نفسه بذور القلق والهواجس، التي تدفعه للمبالغة في التأكّد من أداء الواجبات الدينية، والتشدد في الالتزام بالأحكام الشرعية بدقة وتزمت. وقد تكون تلك هي بداية الابتلاء والإصابة بمرض الوسواس.

وفي بعض الأحيان ينتقل الوسواس إلى الإنسان بالعدوى، لمعايشته شخصاً متزمتاً أو وسواسياً.

وهل تلعب الوراثة دوراً في الإصابة؟ يرى ذلك عدد من العلماء النفسيين، مثل (براين) الذي يرى أن العصاب القهري مظهر لجبلة سيكولوجية ترجع في الغالب إلى الوراثة، وأن صعوبة علاج العصابيين ربما تكون بسبب العوامل الجبلية لديهم. ويذكر (سادلر) أن سجلات عيادته لفترة أكثر من 35 عاماً كشفت عن أن الوراثة تظهر كعامل رئيسي في 90% من الحالات.

ولكن ذلك كله ليس بدليل قاطع على أن الأعراض القهرية يتم توارثها، فقد يرجع الأمر إلى تعلم الأبناء من آبائهم هذه المسالك القهرية، خلال طفولتهم المبكرة، مما يعرف في التحليل النفسي بالتوحد مع الآباء، فمسألة الوراثة لا يمكن حسمها إلا بدراسة للمورثات (الجينات) وهذا هو ما قام به (براون ومننجر) حيث أدت ملاحظاتهم الكلينيكية وتجاربهم إلى رفض النظريات التي تقول بأن العصاب القهري يتم توارثه عن طريق الجينات[2] .

حكم الاستجابة للوسواس:


يفترض في الإنسان المتدين أن ينطلق في أعماله وتصرفاته من أحكام الشرع، كما يفترض أن يكون الدافع إلى ممارسة العملية الوسواسية في الأمور الدينية، هو حرص الوسواسي على أداء الواجب الديني بدقة وبشكل صحيح، فلو كان لا أبالياً لما أهتم بإتقان وضوئه وصلاته.

وهنا تكمن المفارقة العجيبة، ويتناقض الوسواسي مع نفسه في استجابته للوسواس، وانخراطه في العملية الوسواسية، فهو يريد التأكد من القيام بوظيفته الشرعية في مجال الطهارة والصلاة مثلاً، بتكرار العمل أكثر من مرة، ليطمئن من خلو ذمته، وإنجاز واجبه، لكنه يجهل أو يتجاهل أنه بهذه الممارسة قد أَخلّ بوظيفة أهم، وبواجب شرعي أكبر، وأنه تورط في مخالفة أمر الشرع والعقل.

فقد ناقش الفقهاء مسألة عمل الوسواسي على طبق وسوسته، بأن يعيد ويكرر في وضوئه وصلاته مثلاً، حيث يرى أغلبهم: أن هذه الممارسة الوسواسية حرام شرعاً، وأن المقدمات التي تؤدي إلى الوسواس كالمبالغة في الاحتياطات، محرمة أيضاً، ومستثناة من عنوان الاحتياط الراجح والمحبب.

يقول السيد الحكيم رحمه الله: (لا إشكال في رجحان الاحتياط عقلاً، لأنه انقياد إلى المولى سبحانه. نعم قد يزاحم الاحتياط من جهة الاحتياط من جهة أخرى، مساو له، فلا يكون الاحتياط راجحاً عقلاً، أو أهم، فيكون الأول مرجوحاً عقلاً. وقد ينطبق عليه عنوان مكروه أو يؤدي الاحتياط إليه، فيكون مكروهاً شرعاً. أو ينطبق عليه عنوان محرم، أو يؤدي إليه، فيكون حراماً شرعاً. ومنه أن يؤدي إلى الوسواس المؤدي إلى العمل على طبقه، فإن الظاهر أنه لا إشكال في حرمة العمل على طبق الوسواس، فيحرم الوسواس نفسه إذا كان يؤدي إلى العمل على طبقه، كما هو القاعدة في كل فعل يعلم بترتب الحرام عليه ولو بالاختيار. مثل ما إذا علم أنه إذا دخل مجلس الشراب يختار شرب المسكر، فإنه يحرم الدخول إلى المجلس حينئذٍ. وكذلك في المقام إذا علم أنه إذا حصل له الوسواس عمل على طبقه، فيحرم عليه حصول الوسواس، فيحرم ما يؤدي إليه)[3] .

ويقول السيد الشيرازي: (إن اتباع الوسوسة حرام، كما دل عليه النص والإجماع، ومقدمة الحرام حرام إذا كانت الحرمة مهمة في نظر الشرع، وكأنه لا شبهة في أهمية هذا الحرام، لأنه ضرر بالغ على النفس والجسد، كما يراه الإنسان بالنسبة إلى الوسواسي... هذا بالإضافة إلى أن الوسواس ضرر بالغ والخوف من مثل هذا الضرر يوجب رفع الحكم، بل ظاهرهم التسالم على حرمة ما يحتمل ترتب الضرر عليه احتمالاً عقلائياً... نعم لا شبهة في حرمة الاحتياط الذي هو وسواس لأنه من إطاعة الشيطان، بل قد يقال أن مقدمة الوسواس أيضاً وسواس، لأن العمل إما عادي، وإما وسوسة، ولا فاصل بينهما، وليس أحدهما مقدمة للآخر)[4] .

لكن بعض الفقهاء لا يرى حرمة الممارسة الوسواسية ذاتاً، وإنما تحرم بعنوان ثانوي حينما تستوجب ارتكاب محرم آخر، وهو ما يذهب إليه السيد الخوئي رحمه الله: (أما الجري على طبق الوسوسة فالظاهر عدم حرمته بعنوان الوسوسة، وإن التزم بعضهم بحرمته. نعم قد يتصف بالحرمة بعنوان آخر ككونه سبباً لنقض الصلاة - وهو محرم على المشهور- أو لاستلزامه تأخير الصلاة عن وقتها، أو لتفويت واجب آخر، كالإنفاق على من يجب عليه إنفاقه، أو لاستلزامه اختلال النظام أو الهلاكة أو نحوهما)[5] .

إن ما يجب أن يعرفه الوسواسي، وأن ينبّه عليه، ويذكّر به، دائماً وأبداً، هو أن طريقته في أداء واجباته الدينية، غير مقبولة شرعاً، وتتضمن مخالفة لأمر الشرع، فهو عمل محرم على كل حال إما لحرمته الذاتية وبعنوانه الأولي، أو بعنوان ثانوي لما يؤدي إليه من ارتكاب محرمات أخرى. وخاصة في المراحل الأولى من الإصابة بحالة الوسوسة، وقبل أن تتمكن منه، فإن لهذا العلاج المعرفي والتنبيه والتذكير، أثراً هاماً في تقوية المناعة والحصانة ضد المرض.

الوسواس ومقاصد الشريعة:


إسعاد حياة الإنسان مقصد أساس للدين، فإن الله تعالى خلق الناس لينعم عليهم في هذه الحياة، وليفيض عليهم رحمته: ﴿إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ[6]  والشريعة جاءت لخير الناس وصلاحهم ورحمتهم: ﴿هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[7] .

والإنسان المتدين يفترض أن يعيش سعيداً بتدينه، وأن يعمر قلبه الرضا والاطمئنان ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[8] .

لذلك يعد الله تعالى المؤمن الصالح بأن تكون حياته طيبة في هذه الدنيا، ثم ينقلب في الآخرة إلى نعيم الله ورضوانه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[9] .

فأين تقع حياة الإنسان الوسواسي من هذا المقصد الديني العظيم؟ وكيف يمكن قياس حالته بهذه المعايير الشرعية؟

إنه يحوّل الدين من منهج سعادة إلى مصدر قلق وعذاب، ويصبح ذكر الله عنده المتمثل في الصلاة وسيلة ومثيراً لحالة من الاضطراب والعناء، بدل أن يضفي على قلبه السكينة والاطمئنان.

وأساساً فإن الوسواس يحرم صاحبه من التمتع بلذة العبادة، والاستلهام من ينبوعها المتدفق بالمعنويات والقيم، فهو مشغول مهموم بضبطها، ومستغرق في الحذر والحيطة من وقوع خلل أو خطأ فيها.

كما يدفع الوسواس صاحبه لارتكاب بعض المحرمات، والتعود على ذلك، كتأخير الصلاة عن وقتها، وكقطع الصلاة -بناءً على القول بتحريمه حسب رأي جماعة من الفقهاء- وكالإسراف في الماء، وهدر الوقت، وتضييع حقوق الآخرين، وإيذائهم.

ومن أهم مقاصد الشريعة تحقيق العبودية لله في حياة الإنسان، بأن يسيطر على غرائزه وميولـه، ويتحكم في نزعاته وتوجهاته، بحيث تكون في الاتجاه الصحيح، الموافق لما يريده الله سبحانه. لكن الوسواسي يفرّط بالسيطرة على نزعاته وتصرفاته، ويجعل للشيطان على نفسه سبيلا، فيصبح أسيراً لوساوسه، مستجيباً لإملاءاته، مخالفاً لأمر ربه ولتوجيه عقله. لذلك يقول الإمام جعفر الصادق عن شخص وسواسي: «أي عقل له وهو يطيع الشيطان»[10] .

ويأمرنا الله تعالى أن نستعيذ به من شر الوسواس والوسوسة: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلَهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاس[11] .

لماذا الوسوسة في العبادات فقط؟


ومما يلفت النظر أن الوسواس في المجال الديني ينحصر في أمور الطهارة والعبادات غالباً، ولا ترى أثراً للوسوسة في المجال المالي مثلاً، بحيث يشك المتدين في فراغ ذمته من الخمس والزكاة، فيؤديها اكثر من مرة، أو يحتاط في موارد الصرف، فيدفع الحق الشرعي مكرراً في موارد مختلفة، أو يضاعف المبلغ المطلوب منه.

بل قد تجد أن من يصرف الوقت والجهد لضبط وضوئه وصلاته، غير مهتم بدفع الحقوق الشرعية، أو يسعى لتقليص ما عليه إلى أقل قدر ممكن، أو يسوّف ويتساهل في الأداء، فلماذا لا تحدث وسوسة في الجانب المالي من الدين؟

وكذلك الأمر في جانب حقوق الناس، فإنك لا تجد حالة وسوسة في هذا المجال غالباً، بحيث يبالغ في احترام حقوق الآخرين، المالية والمعنوية، ويحتاط في حفظها ورعايتها، بل على العكس من ذلك تجد الكثير من المتدينين، وحتى الدقيقين منهم في مسائل الطهارة والصلاة، أنهم قد يتساهلون في مثل موضوع الغيبة والنميمة، وسوء الظن، وما أشبه مما يرتبط بسمعة الآخرين وحفظ كرامتهم.

فأين الاحتياط و الوسوسة عن هذا المجال؟

أليس في ذلك دلالة على شيطانية الوسوسة؟

فالوسوسة في الطهارة والعبادات تضر ولا تنفع، ولذلك يخلقها الشيطان، ويسوّل بها للإنسان. أما الوسوسة في المجال المالي ولمراعاة حقوق الناس، فإن فيها جانباً من الفائدة والنفع، لذا لا يمكن أن يوحي بها الشيطان، أو يغري بها الإنسان.

أليس كذلك؟

التكلّف والتزمت أرضية الوسوسة:


منهجية الدين قائمة على اليسر والسماحـة، يقول تـعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ[12] . واليسر هو السهولة واللين. والعسر هو الضيق والشدة والصعوبة. ويقرر الله تعالى أنه وضع تشريعاته وأحكامه على أساس اليسر والسهولة للناس، وليس فيها ما يدعو إلى العسر والشدة والمشقة.

وتتجلى هذه المنهجية في كل تشريعات الإسلام حيث ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[13]  وأي حكم شرعي يسبب للإنسان حرجاً ومشقة لا تحتمل عادة، فإنه مرفوع عنه ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[14] .

وكان رسول الله يربّي الأمة على استيعاب هذه المنهجية، ورفض منحى التكلف والتزمت، حيث أمره الله تعالى أن يبرز هذه الصفة في نفسه ﴿وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ[15] . والتكلُّف: اسم لما يفعل بمشقة أو تصنّع -على حد تعبير الراغب-.

وحينما كان يرى بعض أصحابه يبالغ في العبادة، كان ينصحه بالاعتدال، فقد قال لعبد الله بن عمرو: «يا عبد الله ابن عمرو، ألم أُخبر أنك تكلَّف قيام الليل وصيام النهار؟» قال: إني لأفعل، فقال : «إن حسبك، ولا أقول افعل، أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، الحسنة عشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله»[16] .

وعن أم المؤمنين عائشة: أن النبي دخل عليها وعندها امرأة قال: «من هذه؟» قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال :»مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يملّ الله حتى تملُّوا»[17] .

وحدث مرة أن قام إعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي : «دعوه، وهريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسّرين»[18] .

وعنه أنه قال: «يسّروا ولا تعسّروا، وسكّنوا ولا تنفروا»[19] .

«ورأى رسول الله رجلاً يصلي في المسجد ويسجد ويركع، ويسجد ويركع، فقال : إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره»[20] .

وعنه : «إياكم والتعمق في الدين فإن الله قد جعله سهلاً، فخذوا منه ما تطيقون»[21] .

وعلى هدي رسول الله سار الأئمة من أهل بيته عليهم السلام يقول الإمام جعفر الصادق : «اجتهدت في العبادة وأنا شاب، فقال لي أبي: يا بني دون ما أراك تصنع، فإن الله عز وجل إذا أحب عبداً رضي منه باليسير»[22] .

وكانوا يربّون أصحابهم واتباعهم على منهجية اليسر، وعدم التزمت في الدين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الإمام جعفر الصادق عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبّة فرا، لا يدري أذكّية هي أم غير ذكيّة (أي من جلد حيوان مذكّى أم لا) أيصلي فيها؟ فقال: نعم ليس عليكم المسألة، إن أبا جعفر كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم، إن الدين أوسع من ذلك[23] .

وعن حماد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد الله الصادق يقول: كان أبي يبعث بالدراهم إلى السوق فيشتري بها جبناً فيسمي ويأكل ولا يسأل عنه[24] .

هكذا الإسلام في أحكامه، وفي سيرة قادته، يسر وسماحة، لا تكلّف فيه ولا تعقيد، لكن أجواء بعض المتدينين تغذّي حالة التشدد والتزمت، وخاصة عند الشباب اليافعين المقبلين على الدين، مما يوفّر عند بعضهم الاستعداد والأرضية لنمو بذور الوسوسة والتكلف في المسائل الشرعية.

الإرادة تقهر الوسواس:


تتمكن حالة الوسواس من الإنسان بشكل تدريجي، فإذا حصل الانتباه والوعي لها في وقت مبكر، كان العلاج والتغلب عليها أمراً سهلاً ميسوراً، لكن السكوت والإغضاء على الحالة لفترة طويلة، يزيد من صعوبة معالجتها.

وعلى كل حال فمهما كانت درجة الصعوبة إلا أن الخلاص والعلاج ليس مستحيلاً، فقد منح الله تعالى الإنسان إرادة قوية قاهرة، إذا قرر استخدامها فسيقهر بها كل عادة أو سلوك، مهما كانت درجة تجذره في نفسه وحياته.

لكن المشكلة تكمن في ضعف الإرادة، حيث يرفض المصاب التجاوب مع العلاج، أو يتراجع عن الاستمرار فيه، ويخضع لضغوط الوسوسة، وقد أظهرت البحوث أن نسبة 30-40% من مرضى الوسواس يقبلون على العلاج، وأن 40-50% منهم يحققون درجة متقدمة من الشفاء، لتجاوبهم مع العلاج وتوفر الرعاية اللازمة لهم[25] .

 

 

* كلمة الجمعة بتاريخ 22 ربيع الثاني 1422هـ
[1]  القائمي: الدكتور علي/ الوسواس والهواجس النفسية ص61 الطبعة الأولى 1996م دار النبلاء – بيروت.
[2]  الطيّب: دكتور محمد عبد الظاهر/ الوسواس القهري تشخيصه وعلاجه ص61-62 الطبعة الثالثة 1991م/ دار المعرفة الجامعية.
[3]  الحكيم: السيد محسن/ مستمسك العروة الوثقى ج1 ص448.
[4]  الشيرازي: السيد محمد/ الفقه ج4 ص395-396.
[5]  الخوئي: السيد أبو القاسم/ التنقيح في شرح العروة الوثقى ج2 ص171.
[6]  سورة هود الآية 119.
[7]  سورة الأعراف الآية 203.
[8]  سورة الرعد الآية 28.
[9]  سورة النحل الآية 97.
[10]  الكليني: محمد بن يعقوب/ الكافي ج1 ص12.
[11]  سورة الناس الآية 1-6.
[12]  سورة البقرة الآية 185.
[13]  سورة البقرة الآية 286.
[14]  سورة الحج الآية 78.
[15]  سورة ص الآية 86.
[16]  ابن حنبل: أحمد/ مسند الإمام أحمد بن حنبل- حديث رقم 6878.
[17]  البخاري: محمد بن إسماعيل/ صحيح البخاري – حديث رقم 43.
[18]  المصدر السابق- حديث رقم 220.
[19]  المصدر السابق- حديث رقم 6125.
[20]  ابن حنبل: أحمد/ مسند الإمام أحمد بن حنبل- حديث رقم 20617.
[21]  الهندي: علي المتقي/ كنز العمال- حديث رقم 5348.
[22]  الكليني: محمد بن يعقوب/ الكافي ج2 ص87.
[23]  الحر العاملي: محمد بن الحسن/ وسائل الشيعة- حديث رقم 4262.
[24]  المصدر السابق- حديث رقم 4267.
[25]  القائمي: الدكتور علي/ الوسواس والهواجس النفسية ص105.