العلاقات الزوجية بين الاستقرار والاضطراب

مكتب الشيخ حسن الصفار
استمر سماحة الشيخ في إلقاء محاضراته في هذا الموسم العظيم، موسم محرم الحرام، لعام 1424هـ في حسينية العوامي بالقطيف، وقد ألقى محاضرته الثانية عشر وهي بعنوان: العلاقات الزوجية بين الاستقرار والاضطراب. وقد تضمنت المحاضرة ثلاثة محاور:

المحور الأول: عطاء الاستقرار وعناء الاضطراب.


أكد سماحة الشيخ في بداية حديثه على أن من أهم وظائف الحياة الزوجية هو ما توفره هذه العلاقة من اطمئنان واستقرارٍ نفسي للزوجين. يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، وفي آية أخرى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ، ويقول سماحة الشيخ هذه الآية تُشبه العلاقة بين الزوجين باللباس، وذلك لأن:

1- اللباس يكون ملاصقاً للجسم، وكذلك الزوجين كلٌ منهما ملاصقٌ للآخر في مودته وحبه.

2- اللباس يستر عورة الإنسان، وكذلك الزوجين كلٌ منهما يستر عورة الآخر.

وأكد سماحة الشيخ أن الهدف الأساس من الزواج، وهو الاستقرار والاطمئنان النفسي، لا يتحقق إلا إذا كان هناك انسجام وتوافق بين الزوجين؛ أما في حالة عدم وجود انسجام فإنه لن يكون هناك استقرارٌ للزوجين في حياتهما.

وأضاف سماحة الشيخ أن الانسجام بين الزوجين له أثرٌ كبيرٌ على تربية الأبناء، ذلك لأن اضطراب العلاقة بين الزوجين يجعل التربية عسيرة جداً خصوصاً في هذا العصر وقد تعقدت الأمور حيث أن موارد الانحراف غزت الإنسان في عقر داره من خلال الفضائيات والإنترنت، فأصبحت التربية بحاجة إلى جهدٍ جهيد، ولا يمكن إعطاؤها حقها إلا بوجود انسجام وتوافق بين الزوجين.

ومن ناحية أخرى قال سماحة الشيخ: إن الاستقرار أو الاضطراب له تأثيرٌ على الأمن الاجتماعي العام، إذ أثبتت الإحصائيات أن أكثر من (70)% من أسباب انحراف الأحداث هو من حالة عدم الاستقرار العائلي. ثم إن الزوج الذي لا يجد راحته واطمئنانه في الإطار العائلي المشروع فإنه قد يبحث عنه خارج الإطار العائلي، ولا فرق هنا بالنسبة للرجل أو المرأة.

المحور الثاني: العوامل والأسباب.


أكد سماحة الشيخ أن في هذا العصر ومع تعلّم الشباب ووفرة المعلومات عبر شبكة المعلومات العالمية فإن العلاقة الأسرية تشكو من ضعف، أكثر مما كانت عليه في الماضي.

وأشار سماحته إلى جملةٍ من الأسباب التي قد تكون وراء عدم الاستقرار العائلي:

أولاً- سوء اختيار الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها.

إذ أصبح اهتمام الشباب عند اختيار زوجاتهم بأمورٍ ليست بأهم من غيرها كالجمال مثلاً دون أن ينظر إلى وعي وتدين المرأة التي يختارها، والإسلام يؤكد على صلاح المرأة أكثر من جمالها، إذ «يقول الرسول ألأكرم : ((إياكم وخضراء الدمن))، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال : ((المرأة الحسناء في منبت السوء)). » وأيضاً بالنسبة للنساء أصبح الشاغل الأساسي هو راتب الرجل دون النظر إلى خلقه ودينه كما يؤكد الرسول الأعظم عليهما في قوله: «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه».

ثانياً- التأهيل والوعي للحياة الزوجية.

بعض الشباب أو الشابات يُقدمون على الزواج دون أن يكون لديهم أي رصيد من المعرفة والثقافة بما ينبغي أن يكونا عليه في حياتهما الزوجية، وهذا له أثرٌ كبيرٌ في عدم قدرة الزوجين على التفاهم أو الانسجام فيما بينهما.

المحور الثالث: من سبل العلاج.


استعرض سماحة الشيخ مجموعة من الأمور التي قد تكون سبيلاً لإشاعة روح الاستقرار بين الزوجين، وعدم الوقوع في فخ الاضطراب العائلي:

أولاً- وجود دورات تؤهل الزوجين لدخول الحصن العائلي.

دعا سماحة الشيخ إلى ضرورة المبادرة إلى تكوين لجان تعني بهذا الجانب لما له من الأهمية البالغة في توعية الشباب والشابات المقبلين على الزواج، وأشاد بالمبادرة الوحيدة في المنطقة وهي تتمثل في مركز البيت السعيد بصفوى إذ يعني هذا المركز بتقديم الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج من الرجال والنساء، وله أنشطة أخرى تهدف بمجملها إلى بناء أسرة سعيدة. وأكد سماحة الشيخ على ضرورة وجود أكثر من مركز مشابه لهذا المركز حتى يُغطي المنطقة بمجملها.

ثانياً- توفر لجان إصلاح ذات البين.

أكد سماحة الشيخ على الأهمية البالغة لوجود لجان إصلاح ذات البين وذلك لكثرة حالات الطلاق، إذ تُشير الإحصائيات أن نسبة الطلاق في المنطقة (30)% من حالات الزواج. وقد تكون بعض هذه الحالات لأسباب واهية يُمكن تجاوزها من خلال تقريب وجهات النظر بين الزوجين وهذا الأمر لا يتحقق إلا بوجود لجان متخصصة في هذا الجانب المهم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.