الدين من أجل الإنسان

مكتب الشيخ حسن الصفار
ألقى سماحة الشيخ محاضرته الأخيرة في هذا الموسم العظيم، ليلة الأحد الموافق 13 محرم الحرام 1424هـ، بحسينية العوامي بالقطيف، وكان عنوان محاضرته: الدين من أجل الإنسان. وقد تضمنت المحاضرة ثلاثة محاور:

المحور الأول: الدين لمصلحة المخلوق أم لمصلحة الخالق.


أكد سماحة الشيخ في بداية حديثه أنه مع أن الدين الإلهي والشرائع السماوية جاءت لدعوة الناس إلى توحيد الله وعبادته، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الدعوة لمصلحة الناس أم لمصلحة الله تعالى؟ إن آيات القرآن الكريم صريحة وواضحة في هذا الجانب فهي تُقرر أن الدين إنما جاء لمصلحة الإنسان وليس هناك أدنى منفعة تعود على الخالق؛ يقول تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ، وفي الحديث القدسي، يقول تعالى: يا عبادي إن لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. «يا عبادي وعزتي وجلالي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم لما زاد ذلك في ملكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، على أفجر قلب رجل واحد منكم لما نقص ذلك من ملكي شيئاً.» وفي الدعاء: ((سبحان من لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه)).

وأضاف سماحة الشيخ إن مقاصد الشريعة هي أن يعيش الناس بالعدل والقسط، ويعيشوا حياة سعيدة، وآيات القرآن تؤكد هذه الحقيقة، يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وفي آية أخرى: يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ.

واستنكر سماحة الشيخ من الفهم الخطأ للدين والذي ابتليت به بعض الفئات من المجتمع الإسلامي، وأشار سماحته إلى نموذج من القصص التي تبين هذا الفهم الخطأ للدين.

المحور الثاني: مركزية حقوق الإنسان.


أكد سماحة الشيخ أن الفهم المشوه للدين عند بعض المسلمين يجعلهم يعملون أعمالاً بقصد الدفاع عن حقوق الله تعالى ولكنهم يتخذون لذلك أسلوباً يتعدون به على حقوق الناس. يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «إن الله تعالى قد جعل حقوق عباده مقدمةً على حقوقه».

وأشار سماحته إلى أن مبادئ حقوق الإنسان هي من صميم مقاصد الإسلام.

ودعا سماحته المتدينين إلى ممارسة الدين في الدفاع عن حقوق الناس، وقال إن التحول الذي أحدثه الإسلام في الأمة العربية إنما كان بفضل تلك الأخلاق السامية والاحترام الكبير الذي أوجبه الدين للإنسان. وبالروح العطوفة الرحيمة التي بلغت ذروتها عند رسول الله دخل الناس في دين الله أفواجاً.

وأكد سماحته إلى أن الدين ناصعاً في أصله، ولكن بممارسة الذي يحملون صوراً مشوهةً عن الدين جعلوا الآخرين ينظرون له نظرةً قاتمة. ودعا إلى ضرورة أن تأخذ قضية حقوق الإنسان مركزيتها وأهميتها في الخطاب الإسلامي.

المحور الثالث: معاناة الظلم في تاريخ المسلمين.


وفي ختام المحاضرة تأسف سماحة الشيخ على ما قد جرى على هذه الأمة يوم أن دخلت في نفق الظلم في وقتٍ مبكرٍ من تاريخها، وعزى سماحته السبب الرئيس في ذلك إلى تسلّط الحكام الظالمين من الأمويين والعباسيين على الأمة. إذ تفنن هؤلاء الظلام في ممارسة الظلم على الأمة.

وأكد سماحة الشيخ أن هؤلاء الظلمة سيأخذون عقابهم الذي توعّد به تعالى، إذ يقول في كتابه الحكيم: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ، وتقول بعض الروايات إن هذه الآية تعني: أنه في يوم القيامة هناك قنطرة على الصراط لا يجوزها عبدٌ بمظلمة.

وأكد سماحة الشيخ أن أقسى وأشد وأكثر ظلم قد وقع على أهل البيت ذلك لأنهم كانوا يتصدون لهذا للظالمين ويفضحون خططهم إذ أن الظالمين كانوا يتسترون على جرائمهم باسم الدين. وأكد سماحته على أن هذه الظلامات التي تحمّلها أهل البيت لم تؤثر على مكانتهم في الأمة بل على العكس رفعت من شأنهم وأوضحت صورتهم للأمة، بينما الظالمين من بني العباس وبني أمية لا تجد لهم أثراً أو ذكراً إنهم أصبحوا في مزبلة التاريخ.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.