القديح: الشيخ حسن الصفّار يشيد بأنشطة جماعة الهدى ويكرّم متفوقيها
أقامت جماعة الهدى للتعليم حفلها الختامي لأنشطتها التعليمية والترفيهية لصيف هذا العام، وذلك مساء يوم الجمعة 17/ 07/ 1427 هـ، حيث تضمّن الحفل العديد من الفقرات، كان بدايتها تلاوة القرآن الكريم، تلا ذلك كلمة الطلاب ألقاها بالنيابة عنهم أحد خريجي الجماعة لهذا العام، وأعقبها كلمة الجماعة احتوت على تلخيص لأهم أنشطة الجماعة لهذا الصيف التعليمية منها والترفيهية والثقافية، وبعد الانتهاء من الكلمة كرّمت الجماعة الداعمين لها خلال هذا العام من مؤسسات وأفراد.
وبعد هذه الفقرات توقف الحفل مع مشهد تمثيلي من أداء فرقة المسرح بالجماعة، وذلك تحت عنوان: "دقيقة تحوّل".
بعد ذلك ألقى سماحة الشيخ حسن الصفّار كلمة حث فيها الطلبة على مسألة الالتفات إلى النعم التي يحظون بها، والتي قد يحرم منها آخرون، ومحاولة نيل ما لم يستطيعوا نيله للآن. كما حثّ فيها أبناء المجتمع على دعم الأنشطة الخيرية، ومنها نشاط الجماعة الذي يدخل ضمن عنوان التعاون على البر والتقوى.
وهذا هو نص الكلمة:
يسعدني أيها الإخوة الكرام وأبنائي الأعزاء أن أكون معكم في هذا اللقاء الطيب المبارك، خصوصًا وأنا أجد أمامي هذه الزهرات المتفتّحة من أبنائنا وناشئتنا الذين ننتظر لهم مستقبلاً مشرقًا وواعيًا إن شاء الله، كما يسعدني أيضًا أن ألقي بين مسامعكم كلمتين مختصرتين أوجه أولاهما إلى أبنائي الطلاب الأعزاء، والثانية إليكم أبناء مجتمعي وإخواني.
فأما ما يخص أعزائي الطلاب أتمنى عليهم أن يلتفتوا إلى ما حولهم جيدًا ويحاولوا أن يتتبعوا نعم الله عليهم، حيث أنهم سيجدون أنها كثيرة، وأنهم يحظون بنعم لا تتوفر لغيرهم ممن هم في مثل سنهم.
إن الإنسان ـ أي إنسان ـ لا يحصل على جميع رغباته وأمانيه، ففي كل مكان يحصل الإنسان على أشياء ويحرم من أخرى.
والعاقل هو من يحاول أن يتمسّك بما وهبه الله من النعم، ويحاول الاستفادة منها ولا يفرّط فيها، بل يستغلّها للحصول على ما لم ينله في تلك اللحظة من حياته، وعلى العكس من ذلك الأحمق والجاهل، الذي يهبه الله بعض النعم، فلا يقبل برزقه، فيرفضه بحجّة أن ما ناله غير كافٍ ولا يلبّي طموحه ومستواه، أو أن يقنع نفسه بأن هذا ما قسمه الله له دون أن يحاول السعي للحصول على الأفضل.
لذلك علينا أن نحافظ على المكتسبات التي تتوفر لنا، ونحاول أن نستثمرها للحصول على ما هو أفضل، وأن يكون حصولنا على هذه المكتسبات وسيلة ودافعًا لنا للاستمرار في الحصول على المزيد من النجاح والفرص والمكاسب.
ولنتذكّر في ذلك إخوة لنا في العراق وفلسطين ولبنان غيرها من المناطق التي تمرّ بأزمات وفقر وحاجة، لا يحصلون بسببها على شيء بسيط مما نحصل عليه ويتوفّر لنا.
كما أننا اليوم نعيش وضعًا أفضل مما كان يعيشه آباؤنا أو إخواننا الأكبر منّا، حيث توفرت لنا من الأساليب والفرص ما لم تتوفر لهم.
وفي المقابل نحن نعيش اليوم صعوبات ونواقص لم يكونوا يعيشونها في السابق، والعاقل منّا من لا يجعل هذه الصعوبات تقف عائقًا أمام تقدّمه أو أن تُشْعِرَه بالعجز واليأس وفقدان الأمل، فهناك صعوبات في التعليم وعوائق أمام الحصول على مقعد في إحدى الجامعات، وبعد ذلك في فرص العمل والتوظيف، ولكن يجب على الإنسان أن يستثمر ما هو متاح لنيل ما هو غير متاح، دون أن تثبّط من عزيمته هذه المشكلات والعوائق.
ويجب أن لا تكون هذه العوائق سببًا للتقاعس، لأن الرضوخ لها يكون في كثير من الحالات مدخلاً وسببًا للوقوع في الانحرافات السلوكية والمخاطر الاجتماعية.
لذلك أحب أوجّه نداءً لأعزّائي الطلبة بأن يغتنموا الفرص ويستفيدوا من الإمكانيات المتوفرة لديهم، والتي منها وجود هذه الجماعة الخيّرة والطيبة والمؤمنة "جماعة الهدى"، التي حملت على عاتقها مهمّة نشر الوعي والثقافة واحتضان الشباب والناشئة، فهذه من النعم التي يجب على الإنسان أن يستغلها ويستثمرها في حياته العملية.
يقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
إن التعاون أمر فطري في نفس كل إنسان، يميل وينجذب إليه.
والآية توجهنا ـ هنا ـ إلى التعاون الاجتماعي الإيجابي في وجه التعاون السلبي الذي يقوم على الاثم والاعتداء على الآخرين وعلى ممتلكاتهم وأعراضهم والانخراط في أعمال الشر عمومًا.
وهذه الآية كأنما تحث الناس على أن يغيروا من واقع المجتمعات البشرية، حيث أننا نرى أن التجمّعات الشريرة في أي مجتمع تكون أقرب إلى حالة التعاون فيما بينها في وجوه الشرّ والتخريب والاعتداء، فنرى تجمّعات التفحيط والسرقات والمخدّرات والإجرام ما أسرع أن تتجمّع وتلتئم فيما تقوم به من أعمال، وفي المقابل نرى تقاعسًا وتباطؤًا في التعاون في مجال الخير وخدمة المجتمع.
فنرى أن التعاون فيما بين الطيبين والخيرين يمر بمراحل صعبة وشائكة ومعقّدة، وفي هذا يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «فَيَا عَجَباً عَجَباً واللهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ ويَجْلِبُ الْهَمَّ مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ» نهج البلاغة.
لماذا يصعب في مجتمعنا وجود جماعات متعاونة فيما بينها؟!
وإذا وجدت جماعة تثار حولها الإشكالات والشبهات والتساؤلات والاعتراضات؟!
هذا خلل في الوسط الديني والاجتماعي في منطقتنا، في الوقت الذي من المفترض أن لا يبقى أي فرد من أفراد المجتمع لا يعمل ضمن أي جماعة دينية أو اجتماعية خيرية أو ثقافية، إننا بحاجة إلى أكثر من جماعة مثل جماعة الهدى في كل مدينة وقرية ومنطقة، لأن وجود هذه الجماعة وحدها لا يكفي، فنحن نحتاج إلى مجموعات ومؤسسات تتعاون فيما بينها للنهوض بهذا المجتمع والمنطقة ككل.
إننا في هذا الحفل البهيج نُكبر ما يقوم به الإخوة في هذه الجماعة من نشاط طيب ومفيد، ولو أنهم وجدوا الدعم الأكبر والتجاوب الأوسع من هذا المجتمع لحققوا نتاجات أفضل وأوسع، لذا آمل أن يكون مثل هذا اللقاء دافعًا لرجال الأعمال والخير ولعلماء الدين أن يدعموا مثل هذه الأنشطة، وذلك لكي نحتوي أبناءنا وناشئتنا في هذه التجمّعات الإيمانية الخيّرة، ونبعدهم قدر الإمكان عن أماكن وتجمّعات السوء، ولتكون هذه التجمّعات لبنة صالحة في بناء مجتمع صالح متماسك مبني على الأسس الدينية الصحيحة.
إن دعم هذه الأنشطة لهو أفضل مصرف من مصارف الحقوق الشرعية، وهو من أبرز مواقع الإنفاق في سبيل الله.
وأتمنى أن لا يكون الاختلاف في الرأي والتوجّه عائقًا أو مؤثرًا في سير هذه المؤسسات الخيرة والهادفة.
وفي الختام أحب أن أجدد شكري للإخوة الأعزّاء في جماعة الهدى وأرجو لهم نشاطًا أوسع وأكبر إن شاء الله، وأجدد ـ كذلك ـ مطالبتي للجان العاملة في المجتمع من الوجهاء والعلماء ورجال الأعمال أن يقدّموا دعمهم السخيّ لهذه الجماعة وأمثالها وأن يرفدوها بالدعم المادّي والتشجيع المعنوي حتّى تستطيع أن تؤدي دورها على أكمل وجه.
والحمد لله رب العالمين.
وبعد الكلمة قام سماحة الشيخ حسن الصفّار بتوزيع الجوائز على الطلبة المتفوقين في فرق الجماعة التي وصلت هذا العام 36 فرقة تعليمية.