القديح: الشيخ الصفّار يحاضر عن الدور المتبادل بين عالم الدين والمجتمع
استضافت ديوانية الحاج عبد الوهاب العكراوي بالقديح مساء يوم الأربعاء ليلة الخميس الرابع من شهر رمضان المبارك سماحة الشيخ حسن الصفّار ـ حفظه الله ـ في محاضرة بعنوان: «عالم الدين والمجتمع .. التأثير والتأثّر».
وقد استهلّ سماحة الشيخ الصفّار محاضرته بالإشارة إلى أهمية وجود عالم الدين في أي بلدة وحي ومنطقة، وذكّر أهالي القديح بحادثة وفاة ورحيل العلاّمة الشيخ حسين القديحي (ره)، حيث عاش أهالي البلدة بعده فترة من نقص عالم الدين بينهم.
كما أشار بأن عالم الدين يحتاج إلى وجود جمهور يسمعون له يوجههم ويرشدهم.
فالحاجة متبادلة بين العالم والجمهور.
ولكن سماحة الشيخ نبّه إلى نقطة مهمّة، وهي أن كلاًّ من عالم الدين وأفراد المجتمع ينبغي أن لا يمارس كل منهما علاقته بالآخر وفق النمط التقليدي، فينحصر دور العالم في إمامة الجماعة وطرح الفتاوى ومسائل الزواج والطلاق ونحوها، ودور الفرد في المجتمع في الإصغاء إلى عالم الدين وانتظار دوره الاجتماعي.
بل على الطرفين أن يكونا إيجابيين في تفاعلهما مع الآخر، وعلى كل منهما أن لا يحجّم ويقلّل من الدور الذي من الممكن أن يقوم به، فعالم الدين لا يحتاج ـ ليقوم بدوره الاجتماعي ـ إلى أن يكون مرجعًا في الفتوى، وضرب مثالاً لذلك بالسيد موسى الصدر وحركته في لبنان، حيث أن السيد الصدر لم يكن مرجعًا دينيًا في لبنان، ولم يكن صاحب مكانة كبيرة في الوقت الذي بدأ فيه التحرّك، ومع ذلك أسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وأنشأ حركة أمل، وكان له التحرّك الاجتماعي والسياسي البارزين.
وفي هذا المجال قدّم الشيخ المحاضر بعض المقترحات التي من الممكن أن يقوم بها علماء الدين، منها:
1.تأسيس مجلس علمائي في المنطقة ، يضم علماء المنطقة يعقدون فيه جلسة في كل شهر يناقشون فيها بعض المشاكل الاجتماعية والسبل الكفيلة لحلها. أو على الأقل أن تشكّل في كل بلدة مجالس علمائية يقوم فيها علماء كل بلدة بالاجتماع مرة كل شهر يعالجون في هذه الاجتماعات مشاكل بلدتهم ومناقشة سبل الوصول لحلول كفيلة بحلها أو الحدّ منها. أو لا أقل الاجتماع لمناقشة بعض القضايا العلمية، حيث يشكّل وجود هذه المجالس مظهرًا من مظاهر الوحدة والتماسك الاجتماعيين اللذين نحن بأمسّ الحاجة إليهما في هذا الوقت.
2.السعي لتطوير آلية تحرّك العلماء في خصوص صناديق الحقوق الشرعية ، حيث يبادر وكلاء الحقوق الشرعية بالاستفادة من الخبرات الإدارية والاقتصادية في المنطقة، وذلك بهدف تطوير هذه الصناديق، وعدم الاقتصار فيها على قبض الحقوق وتوزيعها على مصارفها التقليدية، سعيًا من العلماء لحل بعض المشاكل والصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها شباب المنطقة.
وكذلك على الفرد في المجتمع أن لا يحجّم من الدور الذي من الممكن أن يلعبه على هذا الصعيد. حيث بيّن سماحة الشيخ أن المجتمع عليه أن يبدي احترامه لعلماء الدين على أن لا يتجاوز ذلك إلى تقديس كل ما يصدر عن طالب العلم. كما بيّن أن المجتمع من الممكن أن يقوم بدوره الإيجابي في هذه النقطة، وذلك عن طريق:
1.تقييم علماء الدين ودعم العامل منهم: فيفرّق أبناء المجتمع بين العالم العامل والنشط منهم وبين الذي ينحصر دوره في الإطار التقليدي. ويقومون بتقديم الدعم الكافي لمن يبادر منهم في الأعمال الاجتماعية ومن له نشاطات اجتماعية وثقافية ملحوظة، وذلك من باب تشجيع العامل على عمله وتقديره على مبادرته. فهذا يدفع بعملية الإنتاج والعمل الاجتماعي للأمام.
2.عدم الاكتفاء بالتذمّر: فالمجتمع عندما يلاحظ على بعض طلبة العلوم الدينية الاقتصار في دوره على إمامة الجماعة ولا يبادر بأي دور آخر، من المفترض به أن لا يكتفي بذمّ هذا السلوك والتذمّر أمام الآخرين من هذه الظاهرة، بل عليه أن يواجه هذه الشريحة من الطلبة بمطالبه منهم ويعطيهم الفرصة للاستجابة. فطالب العلم الذي يبدي له أفراد مجتمعه حاجتهم له ويطلبون منه القيام ببعض الأدوار قد يجد نفسه ملزمًا بتلبية هذه المطالب، ويحاول إرضاء هذا الجمهور. وهذا في النهاية يصبّ في خدمة الجميع، ويجعل هذه المجتمعات نشطة وتعمّ فيها الحركة والنشاط.