«المنهج النبوي في بناء الوحدة» للشيخ الصفار
ضمن ملفها المعنون بـ (الرسول الأعظم.. أسوة وقدوة ومنهاج حياة) نشرت مجلة رسالة التقريب (عدد 54 ربيع الأول وربيع الثاني 1427هـ ـ 2006م) مقالاً لسماحة الشيخ حسن موسى الصفار ص 131عنوانه: المنهج النبوي في بناء الوحدة ، أجاب فيه سماحته على التساؤلات التالية:
كيف يمكن تحقيق الوحدة السياسية والاجتماعية في مجتمع يعيش انقسامات حادة على أساس قومي أو ديني ـ مذهبي، أو مناطقي أو قبلي؟
هل يكون ذلك بالمراهنة على تذويب الهوّيات وإلغاء مشاعر الانتماء الخاص؟
أو بغلبة طرف وإخضاعه لسائر الأطراف؟
أم أن هناك أساليب وخيارات أصوب؟
كل ذلك من خلال سيرة النبي المصطفى التي:
- راعت الهوية المشتركة للمسلمين: فجعلت هويتهم الإيمان الذي أخذ موقعه في نفوس أبناء القبائل العربية - تلك القبائل المتصارعة - فتمحور حوله ولاؤهم، وتوثق له انتماؤهم، على حساب الولاء القبلي، والانتماء العشائري، فأصبح إطاراً جامعاً وهويّة مشتركة، يفخر به الجميع بدرجة متساوية على اختلاف قبائلهم وتفاوت مكانتها وقوتها.
- ونشرت بينهم ثقافة الوحدة: فقد جاء الإسلام ليوحد الناس، فاهتم بمواجهة تلك الثقافة التمييزية السائدة، باجتثاث جذورها النفسية والفكرية، ومقاومة آثارها السلوكية، حيث أكدت آيات القرآن الكريم، على الأصل الواحد لبني البشر: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾(النساء: 1)، ونسفت كل مبررات التفاضل الزائفة بين الناس، إلا على أساس كسبهم الاختياري للصفات الفاضلة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾(الحجرات: 13).
وشدد رسول الله في خطاباته وأحاديثه على مبادئ الوحدة بين أبناء المجتمع الإسلامي، وشّن حرباَ ضارية على الأفكار والتصورات الجاهلية، بالتفاخر بالأنساب والأحساب، أو التفاضل بالانتماء القبلي أو العرقي.
كقوله : «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية».
- والشراكة الفعلية: فمن مفاخر الإسلام العظيمة سبقه إلى إقرار مبدأ المشاركة الشعبية، والشراكة الاجتماعية، وفي وقت كانت ترزح فيه المجتمعات البشرية في ظل أنظمة الاستبداد والعنصرية والطبقية البغيضة.
كان رسول الله يمارس الشورى على الصعيد الاجتماعي العام، ليدلي كل مسلم برأيه، كبيراً كان أو صغيراً، من الأحرار أو الموالي، من المهاجرين أو الأنصار، ومن أي قبيلة كان، وحتى العناصر غير العربية أخذت موقعها دون أي تفاوت، بل احتل بعضها موقعاً متميزاً بجدارته كصهيب الرومي وسلمان الفارسي.
وفي مجال الوظائف والمهام القيادية، كان رسول الله يسندها إلى الأكفاء المؤهلين من مختلف القبائل.
وختم سماحة الشيخ مقاله بتوجيه الأمة للاستفادة من هذا التراث الضخم من سيرة رسول الله : لو أُعطي هذا الجانب من السيرة النبوية حقه من الدراسة، لتجلت لنا وللبشرية روعة تعاليم الإسلام، وعظمة القيادة النبوية.
هذا وقد نشرت المجلة أيضا مختصراً باللغة الإنجليزية لمقال سماحة الشيخ الصفار جاء بعنوان:
The Prophetic Approaches in Building up the Unity
الجدير بالذكر أن رسالة التقريب مجلة محكّمة تصدر كل شهرين عن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.