مجلة الكلمة :الإمام شرف الدين وثقافة التسامح
نشرت مجلة الكلمة الصادرة عن منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث في عددها الأخير ( 52) السنة الثالثة عشر صيف م2006/1427هـ ص 5 مقالاً لعضو الهيئة الاستشارية في المجلة سماحة الشيخ حسن الصفار بعنوان: «الإمام شرف الدين وثقافة التسامح».
تطرق سماحة الشيخ في المقال إلى: شخصية السيد التي «لا زالت حاضرة في وعي الأمة ووجدان أبنائها المخلصين، ولا زالت آراؤه ومواقفه مصدر إلهام ودافع انطلاق في ساحة الإصلاح الديني، والتغيير الاجتماعي».
وذلك لأن شخصيته العظيمة «ارتبطت في تاريخ الأمة المعاصر برسالة هامة، وقضية خطيرة، لا زالت تفرض نفسها على الواقع الديني والسياسي للأمة، هي قضية العلاقة بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة، وخاصة بين السنة والشيعة».
ثم تحدث الشيخ عن دور السيد رحمه الله في نزع فتيل الفتنة الطائفية، وما أحوجنا اليوم لاستحضار شخصية السيد شرف الدين رحمه الله، فالأمة تعيش التصعيد الطائفي الخطير «الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، وينذر بتمزيق أوصال الأمة من جديد».
ثم يرصد سماحته من خلال حياة وفكر السيد شرف الدين رحمه الله اتجاهات لمواقف الجهات الدينية من إشكالية العلاقات المذهبية، فيقول:
الاتجاه الأول: يتبنى موقف التشدد والتعبئة ضد الآخر المذهبي، حيث يرى نفسه مالكاً ناصية الحق والحقيقة، وأن الآخر خال منها وبعيد عنها، وأنه مكلف شرعاً بمواجهة الآخرين الحائدين عن الدين، المبتدعين فيه.
مبينا سماحته أن: الإمام شرف الدين تصدى لمواجهة هذا التيار - تيار التشدد والتعصب المذهبي -، فألف كتابه القيم (الفصول المهمة في تأليف الأمة) ورسالته في (أجوبة موسى جار الله).
الاتجاه الثاني: يأخذ موقف الحياد تجاه الصراعات المذهبية ومراقبة ما يجري، إما لعدم امتلاكه رؤية معينة، أو لعدم ارتباطه بجهة معنية، أو لخشيته على نفسه ومصالحة من مضاعفات الاقتراب من هذه القضايا.
الاتجاه الثالث: هو الدعوة إلى الانفتاح والحوار بين المذاهب الإسلامية، والتبشير بقيم الوحدة والتعاون في خدمة الإسلام والأمة، ومواجهة الأخطار المحدقة.
ويحتل الإمام شرف الدين دوراً ريادياً في طليعة هذا الاتجاه، بما أنجز من دراسات وبحوث تأصيلية، تؤكد العمق العلمي الشرعي لهذا المسار، وتتجاوز به إطار الشعار والاستجابة لدواعي الظروف السياسية.
وختم سماحة الشيخ مقاله بالحديث عن آليات الوحدة والتقريب موضحا أنه: لا يوجد أمة تتحدث عن الوحدة في أدبياتها وعلى السنة قادتها الدينيين والسياسيين أكثر من الأمة الإسلامية، في الوقت ذاته ليس هناك أمة تعاني من التمزق والخصام مقدار ما تعانيه الأمة الإسلامية.
موضحا سماحته أن آليات الوحدة هي:
أولاً: تحقيق مفهوم المواطنة: التي تساوي بين الناس الذين يعيشون على أرض واحدة، في ظل نظام سياسي واحد، وإن اختلفت أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم وتوجهاتهم.
ثانياً: تبني قضية حقوق الإنسان، ومناقشة وثيقة حقوق الإنسان المعتمدة دولياً، والاتفاقيات الملحقة بها، وتسليط الأضواء عليها برؤية دينية إسلامية.
ثالثاً: إقرار التعددية الفكرية والسياسية، فمشكلة الأوساط الدينية أنها تخلط بين اعتقادها بأحقية معتقدها، وبين الإقرار بحق الآخرين في تبني معتقداتهم، إن اعتقاد أي جهة بأنها على الحق والصواب أمر طبيعي، لكنها يجب أن تعرف وتعترف بأن الآخرين ينظرون لأنفسهم كذلك، ويرون أنهم على الحق والصواب.
رابعاً: تجريم التحريض على الكراهية والإساءة، بأن يحاسب القانون ويعاقب النظام على ذلك، إن من أهم أسباب الفتن والصراعات الداخلية، وجود دعاة دينيين يصدرون فتاوى وينتجون خطابات تعبوية تتضمن الإساءة لآخرين مخالفين لهم، وتبيح هدر حقوقهم، ويتم التغاضي عن هذه الجهات، بل ويحصل التشجيع لها في بعض الأحيان، بمبرر أنها تعكس رأياً شرعياً، أو كما يقول عنها أصحابها إنها تكليف شرعي.
جدير بالذكر أن مجلة الكلمة سبق أن نشرت لسماحة الشيخ حسن الصفار عدة مقالات منها:
1. علماء الدين والشأن السياسي - العدد (2) - السنة الأولى، شتاء 1994م – 1414هـ.
2. التطلع للوحدة وواقع التجزئة في العالم الإسلامي – العدد 13 – السنة الثالثة، خريف 1996م/ 1417هـ.
3. المشهد الثقافي الراهن في المملكة العربية السعودية (ملف) – العدد 17 - السنة الرابعة، خريف 1997م/ 1418هـ.
4. وحدة الأمة ومسؤولية العلماء - العدد (19) ـ السنة الخامسة، ربيع 1998م ـ 1419هـ .
5. الاجتهاد والجهاد في فكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين - العدد (30) ـ السنة الثامنة، شتاء 2001م ـ 1421هـ .
6. السلم الاجتماعي .. مقوماته وحمايته - العدد (32) ـ السنة الثامنة، صيف 2001م ـ1422هـ .
7. كيف ننظر إلى أنفسنا - العدد (37) السنة التاسعة خريف 2002م 1423هـ .
8. كيف نقرأ الآخر؟ - العدد (40) - السنة العاشرة - صيف 2003م - 1424هـ.
9. الشورى وتقدم المجتمع – العدد (45)- السنة الحادية عشرة خريف 2004م/1425هـ .
10. إدارة الصراع الفكري في الساحة الدينية - العدد ( 49 ) السنة الثانية عشرة خريف 2005م/1426هـ .