المنصورة: الشيخ الصفار في حديث عن «إمامة علي ووحدة الأمة»
استقبل أهالي بلدة المنصورة بالأحساء سماحة الشيخ حسن الصفار ضمن احتفالاتهم بعيد الغدير المبارك، والتي خصص في برنامج الاحتفالات ليلة لكلمة سماحته والتي كانت مساء الخميس الماضي ليلة الجمعة 21/12/1427هـ الموافق 12/1/2007م، وقد بدء الحفل الكريم بتلاوة عطرة لكتاب الله الكريم، بعدها قدم مدير الحفل الأستاذ حسين علي الوباري نبذة عن سيرة الشيخ الصفار، ومؤلفاته، وموضوع كلمته والتي كانت بعنوان «إمامة علي ووحدة الأمة» قائلاً أنها تجمع بين أصالة المعتقد ومصلحة الأمة.
بعدها تقدم سماحة الشيخ حسن الصفار وبدء كلمته بحمد الله والثناء عليه، وذكر النبي والصلاة عليه وعلى آله، ثم حيّا أهالي البلدة أجمل تحية، وهنأهم بعيد الغدير الأغر الذي كان محطة مهمة في تاريخ الأمة حيث، أوقف الرسول تلك الجماهير من المسلمين منادياً: «ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه»، ثم قسم سماحة الشيخ مهام الإمامة إلى قسمين هما: إمامة الدين، وإمامة السياسة والحكم، وأنها بقسميها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب قائلاً: «إن تصدي الآخرين للإمامة السياسية لا يعني أن الإمامة ارتفعت عن علي بن أبي طالب وقد كان جميع الصحابة يرجعون إليه في أمور الدين، فهو إمام الدين والمؤتمن على حفظه وتبيينه بعد رسول الله حتى وإن لم يأخذ إمامة السياسة والحكم».
مستشهداً بحديث رسول الله : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» قائلاً: «إن الحسنين إمامان بنص رسول الله سواء كانت لهم إمامة السياسة والحكم، أم لم يتمكنا منها».
ثم انطلق سماحة الشيخ الصفار في كلمته قائلاً: «إنه لا يجوز لأي فرقة من فرق المسلمين أن تسقط الفرق الأخرى أو تكفرها فالجميع يرجع إلى مصادر تشريعية واحدة وأن الاختلاف هو في فهم النصوص، فبدلاً عن لغة التكفير لابد أن تسود لغة الحوار، لأننا مأمورون أن نحاور أهل الكتاب بالتي هي أحسن فكيف بنا نحن المسلمون ونحن إخوة من دين واحد تجمعنا كثير من المشتركات! فبدلاً من نظرة الفرق لما يفرقها لابد أن تنظر للمشتركات التي تجمعها فمصلحة الأمة وما يحيط بها من كوارث تستدعي أن يكون المسلمين يداً واحدة إذ العدو عدو الأمة بسنتها وشيعتها لا يفرق بين أحدٍ منهم فلماذا نفرق نحن ؟!».
ثم نبّه سماحة الشيخ على نقطة حساسة في أيامنا هذهن وهي أن التعبئة والتشويش الإعلامي الذي زرعه أعداء الأمة جعل الناس تظن أن الاقتتال في العراق مثلاً يدور بين سنة وشيعة، وأن ما يجري في لبنان خلاف بين شيعة وسنة، قائلاً: «ليس صحيحاً ما يروجه الإعلام أن السنة يقتلون الشيعة أو العكس، كما يجري في العراق، وإنما هي اقتتال مصالح كالاقتتال الذي يجري في الصومال وكالاقتتال الذي يجري في فلسطين بين فتح وحماس إذ ليس هناك من يدعي أنه اقتتال بين شيعة وسنة وإنما هي مصالح سياسية بحتة لا علاقة للطائفية فيها وقد استغل الأعداء هذه الخلافات ليطرحها في الإعلام كخلافات طائفية ليؤججوا نيران الفتنة».
وقد لاحظ سماحة الشيخ أن لغة التعبئة كانت قد تراجعت، ولغة الحوار والمحبة والتقارب كانت قد تقدمت وخطت خطوات كبيرة تجاه الأمام إلا أن أحداثاً كأحداث العراق وما يجري فيه من سفك للدماء جعل لغة التعبئة الطائفية تعود إلى السيادة، وأخذنا نرجع إلى الوراء مرة أخرى»، منبهاً أن على المسلمين أن يتنبهوا لهذه اللغة وأن لا ينخدعوا خلف دعاة الفرقة بين الأمة.
كما نوّه سماحته خلال كلمته أن لغة الشتم واللعن ليست هي اللغة التي ينادي بها الإسلام، بل الإسلام يمقتها ويرفضها ويوجهنا إلى لغة الحوار الواعي، ودعا جميع المسلمين أن لا يكونون أسراء للكتابات القديمة التي دعت للعنف والسب والتكفير، وأن نتجاوز ذلك إلى لغة الحوار والإخوة واحترام معتقدات الآخرين واحترام مقدساتهم.
ثم أثنى سماحة الشيخ حسن الصفار على الجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله لتبنيه مشروع الحوار الوطني والذي خلق نواة تواصل بين أبناء المذاهب الإسلامية وخلق جواً من التقارب بين أبناء الوطن الواحد، كما أثنى على مؤتمر مكة والذي تم فيه الاعتراف بالمذاهب الإسلامية.
ثم استقبل سماحة الشيخ ولمدة عشرون دقيقة أسئلة وجهت له من قبل الجمهور كان من أبرزها سؤال حول قراءته لمسقبل الأمة، وكانت إجابته «أنه متفائل إن شاء الله بمسقبل هذه الأمة وتقاربها».
كما سُأل سماحته عن وجود مستند شرعي يوجهنا تجاه الوحدة، وقد استدل ببعض الأدلة النقلية مشيراً إلى أن العقل يحكم بصحة هذه الدعوة لما فيه من مصلحة وخير للمسلمين.
وأخيراً طُلب من سماحته تقديم توجيه للطلاب وأوليائهم حيث أننا على مقربة من الاختبارات الدراسية والتي تصادف موعدها مع عشرة محرم الحرام، فقال موجهاً: «على الطلاب أن لا يهملوا مستقبلهم وأن يجمع الطلاب بين الاستذكار وإحياء المناسبة».
بعد ذلك قام سماحة الشيخ حبيب الهديبي حفظه الله بتقديم درع شكر مقدّم من منظمي الأمسية لسماحة الشيخ حسن الصفار، بعدها تمت ضيافة سماحة الشيخ الصفار بمعية مشايخ ووجهاء المنصورة وكذلك بعض وجهاء الأحساء وكان من أبرز الشخصيات الحاضرة: قاضي محكمة الأوقاف والمواريث الشيخ حسن الشيخ باقر أبو خمسين، وسماحة الشيخ حبيب الهديبي، وسماحة العلامة الشيخ حسين الراضي، وسماحة الشيخ حسن الراضي، والدكتور صادق الجبران، والحاج عبدالله حسن الوباري، والحاج عبدالمحسن السلطان، ورئيس اللجنة المنظمة أحمد طاهر الهديبي. ثم غادر سماحة الشيخ بلدة المنصورة متوجهاً للقطيف محفوفاً بحفظ الله ورعايته.