بيان الشيخ الصفار حول أوضاع العراق: إلى أين يسير العراق؟

﴿بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أين يسير العراق؟

لا نكاد نصدق حدوث ما تعرضه الشاشات وتنقله الأخبار عما يجري في العراق، فمشاهد المجازر والتدمير أصبحت يومية، وجثث القتلى عادت منظراً مألوفاً في كل أنحاء العراق، وعمليات التهجير والفرز الطائفي صارت حقيقة واقعة، ولم تبق حرمة لمسجد أو مقام مقدس، لقد أصبح الدم العراقي رخيصاً مستباحاً، وانتهكت الحرمات الإنسانية والدينية، وأصبحت وحدة العراق في خطر حقيقي.

إلى أين تسيرون أيها العراقيون سنة وشيعة عرباً وأكراداً؟

أين أصالتكم الدينية؟ وأين نخوتكم الوطنية؟ كيف تسمحون لقوة الاحتلال الأجنبي أن تستمر في الهيمنة على بلادكم وتنهب ثرواتكم، وتغري بعضكم ضد بعض؟ وكيف تتيحون الفرصة للاتجاهات التكفيرية وميليشيات فرق الموت أن تخطف أرواح أبنائكم وأن تسلب أمنكم وتمزق وحدتكم وتنشر العنف والإرهاب في ربوع وطنكم؟

لقد حرمت المراجع الدينية التي تحظى بثقتكم أي لون من ألوان الاحتراب والاقتتال الطائفي، وشددت على رعاية حرمة المساجد والمقدسات الدينية لأي فئة من الفئات،وجاءت وثيقة مكة التي وقع عليها علماؤكم من السنة والشيعة في شهر رمضان المبارك لتضع حداً لهذا الاستهتار والإجرام، فالتزموا أمر المرجعية الدينية وبنود وثيقة مكة ولا تسمحوا للإرهابيين والمجرمين أن يعيثوا في أوساطكم فساداً.

وعلى حكومات المنطقة والشعوب المجاورة للعراق أن تمد يد العون والمساعدة للعراقيين لانتشالهم من محنتهم، بالتأكيد على وحدة العراق والاهتمام بمصالح جميع العراقيين دون انحياز لطرف ضد آخر.

علينا أن نساعدهم لتجاوز البلاء الذي أصابهم، لا أن تتعاطف كل فئة منا مع فئة منهم، فذلك يصب الزيت على نار الفتنة، ويزيد اشتعالها، ولن يربح من هذا الاقتتال إلا أعداء العراق والأمة.

إن على الواعين من أبناء الأمة أن يعملوا لمحاصرة الفتنة في العراق وإخمادها، وعدم إتاحة الفرصة لانتشار لهيبها وانعكاس آثارها -لا سمح الله- على سائر المناطق والمجتمعات، وهنا تأتي خطورة الدور الذي تقوم به بعض وسائل الإعلام وبعض الخطابات الدينية التي تعزف على الوتر الطائفي.

فالمطلوب إدانة الإرهاب والإجرام من أي جهة صدر على حدٍ سواء، ودفع العراقيين للاقتراب من بعضهم وللتمسك بوحدتهم ووحدة وطنهم، لا تأليبهم على بعضهم بعضاً، وإذكاء حالة الصراع فيما بينهم.

أنقذ الله العراق من براثن الاحتلال والإرهاب وأعان الله شعب العراق على مواجهة هذه المحنة القاسية.

حسن موسى الصفار

4 ذو القعدة 1427هـ