الشيخ الصفار: بديل الوحدة والتقارب كارثة ودمار، والإرهاب لا مذهب له
أكد الشيخ حسن الصفار في خطبة الجمعة اليوم على اجتماع كلمة دعاة التقريب الذين اجتمعوا في المؤتمر العشرين للتقريب بين المذاهب، وذلك في طهران الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأسبوع المنصرم، على الاستمرار في مسيرتهم للدعوة إلى وحدة الأمة والتقارب بين أبنائها على اختلاف مذاهبهم، وأن هذا ما يبعث روح الأمل والتفاؤل، حيث كان هناك في اللقاء أكثر من مائتين شخصية من العلماء والمفكرين، ومن مختلف الطوائف والشرائح والبلدان.
مؤكداً: «إن هذا المؤتمر الذي يعقد سنوياً في إيران، وفي ذكرى مولد النبي الأعظم محمد سُنةٌ حسنة، وهو خير موعد لتذكير الأمة بأهمية هذا الأمر، والذي كان هدفاً سامياً في رسالة المصطفى كما يؤكد القرآن الكريم على ذلك: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾».
مشيراً إلى أن عقد هذا المؤتمر في هذه السنة كان في غاية الأهمية، لما مرّ في الأيام الماضية من عاصفة هوجاء محملة بغبار ورمال الفتنة الطائفية، والتي أثارها العملاء والجهال والحمقى، وكان مما يؤسف ما شاهدته أنظارنا من تساقط أناس أمام هذه العاصفة، وهم من كانت الأمة تأمل فيهم خيراً لتحمل دور التقريب والوحدة بين أبنائها. حتى انتعشت التيارات المتشددة عند السنة والشيعة ليؤكدوا أن لا سبيل للتقارب.
ثم قال سماحته لجموع المصلين: «ولكني أبشّركم من خلال من رأيت وما رأيت في المؤتمر أن هناك عزماً وإصراراً من قبل المجتمعين على تأكيد الوحدة والتقارب، لأن البديل كارثة وتدمير لكيان الأمة». وأضاف «كانت هناك وقفات للمراجعة والنقد الذاتي، فكل طرف بدأ ينتقد ما جرى وما يجري من أناس محسوبين ضمن توجهه وانتمائه، وذلك في جلسات المؤتمر واللقاءات الثنائية، وهذا ما يغمرني بالتفاؤل والأمل».
وأشار الشيخ الصفار إلى أن موضوع النقد الذاتي كان من ضمن المداخلة التي قدمها في المؤتمر عند طرحه لورقته التي وزعت على المشاركين تحت عنوان (رؤية حول التعايش المذهبي)، مؤكداً: «إن نقد الآخرين ليس فيه شجاعة وبطولة، وإنما يتجلى ذلك في نقد الذات، والجهر بالقناعات التي تكون في صالح الدين والأمة».
وقد ضرب مثلاً بعالمين لا يشك أحد من أتباع مذهبيهما في اجتهادهما وعلو قدرهما، الأول الشيخ أبو الأعلى المودودي، حين نشر كتابه (الخلافة والملك) كيف ثارت عليه بعض أوساط من أهل السنة، واتهموه بالنيل من الصحابة، وأثر ذلك في وقته على شخصيته ومكانته نوعاً ما، وهو الذي كانوا يعدونه من كبار وأجلاء العلماء والمفكرين حيث نال جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، وكتبه وأفكاره تعتبر من مصادر الفكر الحركي الإسلامي المعاصر.
والثاني الإمام السيد محسن الأمين، حين أصدر كتابه (التنزيه في أعمال الشبيه) وهو عالم عامل مجتهد، ولكن كيف عامله بعض الشيعة؟ وكم كانت الاتهامات التي وجهت له قاسية، حتى خيف عليه من الذهاب لزيارة النجف موطن العلم الشيعي!!
ثم أشار الشيخ الصفار إلى أن الأصوات العاقلة بدأت تكثر، إلا أن الأصوات النشاز الشاذة عادة ما تكون أرفع، وهذا ما يوحي للبعض أنها الأكثر، وهذا غير صحيح.
فالواقع يشير إلى أن أبناء الأمة فطرتهم مجبولة على الوحدة والتآخي، وأكد قائلا: «أدرك الجميع بأن الإرهاب لا مذهب له، وإذا كان البعض يعتقد بأن ما يحصل لشيعة العراق هدفه النيل منهم، وتحجيم دورهم وإقصائهم، وكذلك إذا اعتقد البعض من أن الإرهاب هدفه النيل من السنة، حتى تم عقد مؤتمرات باسم ( نصرة أهل السنة في العراق)! فهذا غير صحيح، وما يجري في السودان والصومال والمغرب من أحداث أخيرة، دليل على أن الأمر ليس مذهبياً، وإنما هي حرب سياسية مصلحية، تدعمها توجهات فاسدة، وإرادة أجنبية».
مؤكداً في الختام على أن الأمل ما زال يغمر النفوس بوجود الواعين والمخلصين من أبناء هذه الأمة، مشيراً إلى الحفاوة والتقدير الذي لاقاه الشيخ محمد الصفار من قبل شخصيات وأهالي مدينة عنيزة بالقصيم، عند مشاركته الأسبوع الماضي في مهرجان الثقافة والفنون. وهذا ما يؤكد طبيعة الناس الطيبة، وتآخيهم الإسلامي والوطني.
جدير بالذكر أن سماحته أشار في الخطبة الثانية إلى ظاهرة اجتماعية ترتبط بحفلات الأعراس، والتي تكثر في هذا الموسم، وقال: «إن الإسلام يدعو إلى إشهار الزواج وما في ذلك من مستحبات كالوليمة، ولكن ليس بالشكل المبالغ فيه».
وأضاف: «إن هذه الأعراس والتي يصاحبها البهجة والسرور، أصبحت بمراسيم دخيلة على منطقتنا، تتحول إلى أحزان ومآتم في بعض الأحيان، وذلك بإطلاق النار».
مؤكداً: «علينا أن نجرّم ونحرّم هذه الممارسات لما فيها من إيذاء للناس، وأن على الأجهزة الأمنية، أن تشدد ردعها لمن يقوم بهذه الأمور، وعلينا أن نتحدث كخطباء، ومثقفين عن هذا الأمر».
محدداً سماحته أبرز السلبيات لعادة إطلاق النار في حفلات الزواج وهي:
ـ إدخال الرعب والفزع على النفوس، وخاصة حينما تتم في الأحياء السكنية.
ـ وقوع الإصابات بسبب الأخطاء أو ارتداد الطلقات كما حصل أكثر من مرة.
ـ الإسراف حيث تكلف هذه الممارسة مبالغ طائلة.
ـ تطبيع استخدام السلاح وممارسة العنف، وهذا هو الأخطر، حيث يعاني مجتمعنا من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، بحصول اعتداءات وممارسات إجرامية عنيفة.
ودعا سماحته إلى تجاوز حالة الصمت والسكوت واظهار حالة الرفض والمعارضة لهذه العادة السيئة، بمطالبة قوى الأمن بالردع والتعاون مع الأجهزة الحكومية لمواجهة هذه الممارسة السيئة، وأن تتحمل العوائل مسؤليتها بحماية حفلات زواج أبنائها من ذلك، كما أن على الناس أن ينسحبوا من أي حفل زواج تحصل فيه هذه الممارسة فالحضور والسكوت هو نوع من المشاركة والإسهام في تكريس هذه العادة السئية.