التماهي اللطيف... «ينطلق» من عنيزة والقطيف
العنوان أعلاه هو امتداد لما كتبه الزميل القدير الأستاذ عبد الله الكعيد بالزميلة «الرياض» تحت عنوان «التماهي اللطيف... بين عنيزة والقطيف» وحول ما كتبه الأستاذ الكعيد... جاءت كتابة الشيخ محمد موسى الصفار...
وما بين تلكم الكتابتين من مساحات التقاء وإشارات احتواء.. مثل ما بين تلكم البلدتين «عنيزة والقطيف» من أميال وآمال.. والحلم الذي من الطبيعي «حد التقائية» أن نراه حقيقة.. هو ما جاء عنواناً لهذه القراءة «التماهي اللطيف...«ينطلق» من عنيزة والقطيف» فـ«الريادة» شرف المبادرين السباقين.
فاجأتنا فتاة القصيم الباريسية «عنيزة» بمهرجانها الثقافي هذا العام.. لم تكن المفاجأة في المهرجان ذاته أو توقيته او شكله أو شي من هذا فحسب.. بل كانت الدهشة في أسمائه وضيوفه والمشاركين فيه.. فالذاكرة لا تحتاج إلى مزيد عناء لاستذكار الأحداث التي لا تزال الأحاديث رطبة في ذكرها «اليمامة والمعرض»..؟!
كنا قد تجاوزنا كل شيء أيا كان ذلك الشـيء.. إلا أن «تفعلها» «عنيزة» ومن «عنيزة»؟ سوى «القصيم»!.. وما أدراك ما القصيم.. فتستضيف و«وتحسن الضيافة» رمزاً شاءت ثقافة «الإلغاء» «المتبادلة» أن نعمم المبدأ الصفيق «إن لم تكن معي فأنت ضدي».
فعلتها «عنيزة» واستضافت محمد موسى الصفار.. في محاولة لتأصيل الاحتواء والانتشار.. وتبديد الإلغاء والانحسار.. فعلتها واستضافت الشيخ الصفار.. في مبادرة لتكريس الوعي الخلاق.. نحو التصالح والتسامح والقبول.. نحو التعدد والتمازج والانسجام.
اليوم و«عنيزة» تطالعنا بالثراء الثقافي المتجذر حد الامتزاج.. بمهرجانها الثقافي مستضيفة الأقطاب والاختلاف والائتلاف.. لتقدم الصورة بأبعادها البؤرية مجتمعة دون أن يكسر المنشور«المؤدلج» الضوء الساطع من هناك.
لقد كتب الشيخ الصفار عن «عنيزة» من «الداخل» المكان والإنسان.. بعد أن زارها ضيفاً مستضافاً فكان قطباً مهماً في معادلة لطالما حلمنا بالتقاء أطرافها التي لم تنفصل إلا في حقبة كان لعوامل الإزاحة والإحلال الدور الأهم فيها.. ها هي «عنيزة» تؤسس.. وها هو التسامح يتنفس..
هذا الحدث النبيل يأخذنا لنفكر في بقية أطراف الجسد على امتداد خارطة الإقصاء.. لنتساءل بالفرضية والنظرية.. إن كانت «عنيزة القصيمية» المصدر الأهم للأحادية أعلنت ميلاد عهد جديد من التقبل والتصالح والتسامح.. أفليس من المنطقي أن تستورد الأطراف الأخرى هذا العهد.. بل وترحب به وتجسده فعلاً حقيقياً تعم ثماره وتعذب أنهاره..؟
لم يكن التنوع يوماً ما في مكان ما «خللاً».. انه ثراء.. انه تطور وتنام وتمكين وتمكن.. ووطننا«الأثمن» يحوى العديد من الأطياف والرؤى والانتماءات.. والتي لا يليق بطيف منها أن يحجب الآخر.. فقط علينا أن يتقبل بعضنا الآخر ويتصالح معه وقبل هذا « التصالح مع الذات» فمن أزال العوائق التي تفصله عن ذاته فسيصل إلى الآخر ويتقبله ويتعايش وإياه.. وفق مبادئ وقيم إنسانية وقيمية رفيعة لا تتعارض وتعاليم ديننا الإسلامي السمحة.
ما ننتظره بصدق هو ان نرى مثل هذا المهرجان «البناء» في مختلف مناطق المملكة «كم سأكون «سعيداً» عندما أراه في «الباحة»مشتملاً على كافة الأصوات والتوجهات.
أعود لـ «عنيزة» لقد ضربت بالفعل أروع صور التصالح والتسامح والقبول.. عندما أقامت هذا المهرجان «العلامة» وعندما استضافت الشيخ الصفار.. لقد أكدت على وعي عميق يسكن القلوب والعقول والبيوت.....
لكم كان الشيخ الصفار سخياً في الحديث عن «عنيزة» لقد سطرها بأصدق الكلمات وعاطر العبارات في لغة لا يخالج قارئها أدنى شك في صدقيتها ونزاهتها..
ولكم كانت «عنيزة» محلاً وأهلاً لثناء والإطراء.. تلك البلدة التي جاءت من رحم المفاجأة لتعلن السلام والتعايش وفق مبادئ الإنسانية والوعي اللذين لا يتقاطعان وقيم الدين الحنيف.
طابت عنيزة...
وطاب العنزيون..
وكل مهرجان ثقافي و«التصالح»..سمة..!!