الشيخ الصفار يدعو إلى قراءة واعية للتاريخ ويؤكد على إحياء مناسبات العظماء
انتقد الشيخ الصفار في خطبة الجمعة أمس* قراءة البعض للتاريخ الماضي، فبدل أن تكون للعبرة، صارت سبيلاً للفتنة! وقال إن في الاحتفاء بمناسبات عظماء التاريخ سبيلاً لأخذ العبرة، والتقدم.
أشار الشيخ الصفار إلى أن كل أمة لها تاريخ وأمجاد، ولكن تلك الأمم تتفاوت اهتماماتها بذلك التاريخ، وقال: «هناك من يتسلى بالتاريخ، ويتغنى بأمجاد الأسلاف، تستراً على واقعه وحاضره، فإذا ما رأى نفسه في آخر الركب، ولا شيء يقدمه كما يقدم الآخرون، راح يترنم بأمجاد آبائه! ذكر أمجاد الماضي إنما يكون إيجابياً إذا صار ماثلاً في حاضرنا».
وأضاف: « وهناك من يرفض أي نقد لرجالات الماضي، فكل الأسلاف صالحون، والخير كله فيما وقع، لا يقبل نقد سياسة الحكم الأموي، والعباسي، فيما اشتملت عليه من الظلم والاضطهاد!».
مؤكداً سماحته: «هذه طرق خاطئة لدراسة التاريخ، فهي تقديس مطلق، وخلط للأوراق، وحجب الشمس عن عين الحقيقة لاختيار الصواب، ففي الماضي ما كان صائباً، وفيه ما كان خاطئاً، فكيف نختار الصحيح ونستفيد من تجاوز أخطائه ما لم تكن هناك دراسة واعية للتاريخ، تقوم على الموضوعية، والبحث العلمي، لا على العواطف، والاصطفاف المذهبي، والإتباع الأعمى».
وحذّر الصفار من الاستغراق في دراسة الماضي، والانشغال بتفاصيله، من أجل إشعال نار الفتنة، والاحتراب الطائفي، مؤكداً: «دراسة التاريخ التي يدعو لها القرآن للعِبرة، لا للفتنة».
وأشار الشيخ الصفار إلى أن واحدة من طرق دراسة التاريخ تكمن في إحياء مناسبات العظماء، كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وسائر أئمة أهل البيت ، كما مرّ في الأسبوع الماضي ذكرى ميلاد السيدة العظيمة زينب بنت أمير المؤمنين ، وقال: «حينما نحتفي بذكرى هذه السيدة المجاهدة أراني أستحضر نقطتين هامتين في حياتها، وهما: دور المرأة الاجتماعي، والتكوين التربوي للشخصية».
وحول دور المرأة الاجتماعي قال سماحته: «تواجه المرأة في مجتمعاتنا تهميشاً وإقصاء في معظم الأدوار والميادين، لقد رأينا قبل أيام كيف تشكلت الحكومة الفرنسية مناصفة بين الرجال والنساء، فالمرأة في تلك الدول تشارك في القيادة، وصنع القرارات، وتتبوأ مكانة مرموقة في مجتمعاتها، ونحن نشجع خروج المرأة لمثل هذه الأمور، إنما ندين إخراج المرأة من إنسانيتها، وتجريدها من عفتها، وابتذال أنوثتها».
وأضاف: «لم تكن السيدة زنيب ربة بيت جيدة، وحسنة التبعل لزوجها، فحسب، بل كلنا يعلم أن تمجيدنا لزينب إنما كان لمشاركتها في نهضة أخيها الإمام الحسين، وزينب تمثل الوجه الثاني لتلك الثورة، لقد كانت في جنب الحسين بل إذا كان الحسين قد انتهى دوره باستشهاده فزينب استمر دورها لزمن أطول، وعانت من المصائب والمحن أكثر، واجهت قتل أخوتها، وأبنائها، والسلب، والضرب، والسب، والإذلال، ولكنها ظلت صامدة أمام مصيبة تكاد السموات تتفطرن منها، وتنشق لها الأرض، وتخر الجبال هدا، وحين سألها ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ قالت: ما رأيت إلا جميلا.
وهذا موقف يتعلم منه الثوار، ويربي الشجعان كأبطال الجنوب في لبنان، فمع كل القتل، والتدمير الذي لحقهم، إلا أنهم يرون في ذلك عزاً وكرامة من الله، رافضين رغد العيش ما دام في ذل وهوان، وهذا هو منطق الأبطال الذي يرفضه الانهزاميون».
مؤكداً سماحته على أن المرأة ينبغي أن تقتدي بزينب بالتصدي لخدمة المجتمع، والمشاركة في صنعه، كما كانت زينب، وأمها فاطمة، وجدتها خديجة .
وحول التكوين التربوي للشخصية، قال: «من أبرز الأمور التي أسهمت في تكوين شخصية السيدة زينب أنها عاشت في بيت تسوده الألفة والمحبة، عاشت مكرمة معززة، مغمورة بالحب والعطف والحنان، من جدها رسول الله ، وأبيها علي، وأمها فاطمة، وأخويها الحسن والحسين والروايات شاهدة على مكانة هذه السيدة العظيمة».
وأضاف: « لكن أولادنا وبناتنا ما عادوا يمتلئون من العطف، ولا يشبعون محبة وحناناً، وهذا ما يحدوا بهم إلى البحث عنه خارج البيت، فينفلتون من أيدينا، وقد أكدت دراسة سعودية ناتجة عن دار الرعاية الإجتماعية للفتيات، أن 86.6% من الفتيات اللاتي وقعن في الجريمة، كان الدافع وراءهن الحرمان العاطفي، نشرتها جريدة الاقتصادية بتاريخ 8مارس 2007م.
كما أن من يقرأ مساجلات الانترنت يجد كثيراً من الفتيات يشكين الجفاف العاطفي. فلماذا نعامل بناتنا وأخواتنا وأزواجنا هذه المعاملة الجافة؟ لماذا نرضى لنسائنا أن يبحثن عن جو عاطفي خارج البيت؟
إن دراسة حياة السيدة زينب تدعونا إلى ملئ الجو الأسري بالحب والحنان، ونشير هنا إلى صورة جميلة رسمها الشيخ محمد جواد مغنية يقول: وكان النبي لا يصبر عن بيته هذا، ولا يشغله عنه شاغل، خاصة بعد أن نبتت فيه رياحينه، فإذا دخله قبّل هذا، وشمّ ذاك، وابتسم لتلك... ودخله ذات يوم فأخذ الحسن وحمله، فأخذ علي الحسين وحمله، فأخذت فاطمة زينب وحملتها، فاهتزت أركان البيت طرباً لجوّ الصفوة المختارة، وابتهاج الرسول بآله وابتهاجهم به، وتدلنا هذه الظاهرة وكثير غيرها أن محمداً كان أكثر الأنبياء غبطة وسعادة بأهل بيته».
وفي خطبته الثانية تحدث الشيخ الصفار عن أهمية النظافة، وقال بأن الإسلام يدعو للنظافة، ويعتبرها من الإيمان، وحتى يرسخ هذا الأمر عند المسلمين جعلها جزء من العبادة، فغسل الجمعة، والوضوء، واستخدام السواك، وغير ذلك أمور تجدها بين الوجوب والاستحباب حتى ترسخ هذا المفهوم.
وأكد على أن النظافة تعطي صورة مشرقة عن الشخص، وعن المجتمع، فالجمال والنظافة مقياس تقدم المجتمعات وحضارتها.
مشيراً إلى أهمية الحملة التي يرعاها المجلس البلدي تحت عنوان ( القطيف الجميلة) والتي تستمر لمدة شهرين، وأن على الجميع أن يهتم بها، وأنه لا ينبغي إلقاء المسؤولية على أجهزة الدولة فقط، بل على الجميع أن يقوم بدوره ويتابع النقص، ويطالب الأجهزة المعنية بسد النواقص، حتى نعيش في مجتمع متحضر راق.
واستنكر سماحته بعض المظاهر السيئة التي يمارسها بعض المواطنين، كالتي تطال الممتلكات العامة، وما يكون خلاف الذوق والتحضر.