الشيخ الصفّار: الجمعة يوم حركة وعمل لا خمول وكسل
فضل الله بعض الأيام على بعض، كما فضل بعض الأوقات والشهور على بعض، ولعل يوم الجمعة من أكثر الأزمنة التي لاقت ـ في النصوص الإسلامية ـ حظًّا وافرًا من حيث ذكر فضله ومكانته بين بقية الأيام.
من هذا المنطلق أكد سماحة الشيخ حسن الصفّار في خطبته الأولى لصلاة الجمعة(*) اليوم على أهمية هذا اليوم وفضله، وكذلك على ضرورة استثماره الاستثمار الأمثل، كما تحثّنا على ذلك الروايات الواردة فيه وحوله.
فوجّه المصلين إلى ضرورة إشغال هذا اليوم بالعبادة والطاعة والبرامج المفيدة للإنسان ولعائلته، بدلاً من قضاء معظم اليوم في النوم أو الراحة، حيث لم يرد عندنا في نصوصنا الدينية ما يؤيّد التعطيل وعدم العمل كما الحال مع اليهود الذين يمتنعون عن أي عمل يوم السبت منطلقين في ذلك من بعض نصوصهم الدينية.
وفي هذه النقطة دعا إلى إحياء البرامج الدينية والثقافية والروحية أيام الجُمَع، منبّهًا إلى أن أهم برنامج في هذا اليوم هو إقامة صلاة الجمعة.
وذلك من خلال الروايات الكثيرة الواردة في فضلها وحرمة التشاغل عنها بالبيع أثناء إقامتها ـ مثلاً ـ.
وأورد بعض الروايات الحاثّة على التبكير في حضور الجمعة، وما في بعضها من دلالة على كراهة السفر قبل ظهر الجمعة، وحرمة السفر بعد الزوال مباشرة قبل حضور الجمعة كما حرّمت الآية القرآنية البيع أثناء الصلاة، وهما أنموذجان لما يمكن أن يمنع المسلم من حضور وشهود الجمعة مع بقية المسلمين.
ليؤكّد في ختام حديثه على ضرورة إشاعة ظاهرة إقامة الجمعة في مجتمعاتنا، لكونها لا تزال ظاهرة جديدة لم تكن معهودة سابقًا، مرجعًا سماحته ذلك إلى ثلاثة عوامل:
العامل الفقهي، حيث كان يذهب بعض علمائنا السابقين إلى حرمة إقامتها في ظل غياب الإمام المعصوم، ويشترط البعض الآخر منهم ـ لإقامتها ـ أن يكون إمام الجمعة فقيهًا أو مبسوط اليد، ولكن فقهاءنا اليوم لا يشترط معظمهم هذه الشروط، ولذلك فلا يوجد ما يمنع فقهيًّا اليوم من إقامتها.
العامل السياسي، وذلك بفعل حالة الاضطهاد والضغط الذي كان يمارس على المجتمعات الشيعية بحيث يمنعون من إقامة صلاة الجمعة، وهو الأمر الذي بدأ يخف ويزول مؤخّرًا.
العامل الاجتماعي، حيث لا تقام إلا جمعة واحدة في كل منطقة، ولذلك قد يكون اختيار إمام الجمعة من بين أئمة الجماعة في كل منطقة أمر تتخلله بعض الصعوبات الاجتماعية التي بدأت تزول في بعض مناطق الشيعة، في إيران والعراق ولبنان وغيرها.
وفي الخطبة الثانية تحدّث سماحته عن فضيلة العلم والعلماء، وذلك بمناسبة رحيل آية الله العظمى الشيخ محمد فاضل اللنكراني ـ رحمه الله ـ يوم السبت الماضي بعد عناء طويل مع المرض.
فأشاد سماحته بشخصيته العملية والأخلاقية وعطائه العلمي وآثاره التي تربو على الأربعين مؤلّفًا، وبالمؤسسات العلمية التي أقامها في إيران ومناطق إسلامية عدّة، كان آخرها إقامته للحوزة العلمية في سورية في منطقة السيدة زينب .
داعيًا في الوقت نفسه الأمة الإسلامية إلى تكريم كفاءاتها وعلمائها في حياتهم قبل رحيلهم، وذلك تقديرًا لجهودهم وعطاءاتهم.