الشيخ الصفّار يدعو إلى الارتقاء بالعمل الجمعي وتطويره
انطلاقًا من الدعوة القرآنية إلى التعاون على البر والتقوى في مقابل التعاون على الإثم والعدوان تحدث سماحة الشيخ حسن الصفّار في خطبة الجمعة الأولى يوم أمس* عن ضرورة التعاون في مجال أعمال البر والخير الذي يعود على المجتمع بالنفع والتقدّم والرقي، ملفتًا إلى أن الآية الكريمة: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[1] لا تتحدث عن طلب عمل البر والتقوى، إنما تتحدث عن إحداث ظاهرة اجتماعية في المجتمع المؤمن حول التعاون في هذين الأمرين.
مؤكّدًا في الوقت نفسه على أهمية نشوء ظاهرة العمل الجمعي والمؤسّساتي داخل المجتمعات الإسلامية، وهي الظاهرة التي أكدت نفسها وحضورها في المجتمعات الغربية، وكانت من أهم أسباب النهوض بتلك المجتمعات.
وأكد الشيخ الصفّار على ضرورة الارتقاء بالعمل الجمعي بالتنسيق بين كافّة أنشطة وفعاليات المجتمع، وإنشاء ما يشبه التكتّلات لهذه الأعمال الخيرية، وصولاً إلى توحيد الجهود والطاقات والاستفادة من الخبرات لدى كل مجموعة تجاه المجموعات الأخرى.
وهي ظاهرة بدأت المجتمعات الغربية بالالتفات إليها، فتكونت ـ من أجل ذلك ـ الأحلاف والاتحادات والتكتلات الاقتصادية واندماج الشركات والمؤسسات.
وأسف سماحته أن تنتشر مثل الظاهرة في مجتمعنا بين بعض المجموعات الطائشة، فتكون هناك عصابات من شتى المناطق والقرى تجتمع على عمل السوء، وكذلك مجموعات أخرى تنشر الفوضى ومظاهر الإزعاج والتخريب في المجتمع، بينما يتفرّق المؤمنون بسبب بعض الخلافات الجزئية، داعيًا إلى تلافي هذه الظاهرة السلبية، وتغليب المصلحة العامّة على الحساسيات الشخصية.
وفي خطبته الثانية أشاد سماحته بالتجربة اللبنانية في مقاومة الاحتلال وصدّها لعدوان تمّوز في العام الماضي، داعيًا العرب والمسلمين إلى الاستفادة من تجربة المقاومة اللبنانية في تعاملها مع العدو، وأخلاقياتها في التعامل في الداخل اللبناني، ففي الوقت الذي حقّقت فيه انتصارًا عظيماً على العدو الصهيوني في حرب استمرّت لثلاثة وثلاثين يومًا، مع جيش يعد من أقوى جيوش منطقة الشرق الأوسط، فإنها حقّقت انتصارًا أهم وأبلغ أثرًا، وكان هذا الانتصار بحاجة إلى قوة إرادة ووعي وحنكة سياسية أكبر، وهو الانتصار في الساحة الداخلية اللبنانية بعدم الانجرار إلى الفتنة والاحتراب.
مرجعًا ذلك إلى وعي تملكه قيادة هذه المقاومة، وإرادة واضحة وقوية في عدم الانجرار إلى أي اقتتال داخلي.
وهو الدرس الذي شدّد الشيخ الصفّار على ضرورة التركيز عليه خلال فترة ما بعد الانتصار، مستنكرًا وقوع أي احتراب وتقاتل بين أبناء المجتمع الواحد، كما يحصل الآن في باكستان والصومال وفلسطين، والمثال الأبرز ما يدور على الساحة العراقية.