الشيخ الصفّار: التنمية الإنسانية مقصد للشريعة الإسلامية
استيحاءً من ذكرى ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تحدّث سماحة الشيخ حسن الصفّار ـ حفظه الله ـ في خطبة الجمعة الأولى (13/ 07/ 1428 هـ ـ 27/ 07/ 2007 م) عن أهمية استحضار التجربة العلوية في تطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك انطلاقًا من الدراسة لخطبه وتعاليمه وتوجيهاته في تعامله ورعايته لهموم وآلام الناس.
فأشار إلى أهمية أن يعيش الإنسان المؤمن تلك القيم والمبادئ التي كان الإمام علي يجسّدها وينادي بها، وبخاصّة في مثل هذه المناسبات، وعدم قصرها على الحالة المناسباتية والاحتفالية العاطفية فقط، بل يجب استحضار أنموذج القدوة في أهل البيت .
والأمر الثاني الذي أشار إليه سماحته في هذه الخطبة هو ضرورة تصحيح النظرة التي يحملها المتديّن المسلم للدين، في عدم حصره في قوالبه العقدية والعبادية فقط، وتوسعة مفهوم الإنسان المعاصر لمعاني وتوجيهات الدين، بما يشمل الاهتمام بالجوانب الحياتية المعاصرة، مستشهدًا ـ في هذه النقطة ـ بالتوجيهات التي ركّز عليها الإمام علي في عهده لمالك الأشتر حين ولاّه على مصر، فكانت تلك التوجيهات منصبّة على ما يعرف اليوم بعناصر التنمية الإنسانية، في جانبها الاقتصادي والسياسي والعمراني والعلمي والاجتماعي، وشتّى الجوانب الأخرى.
وفي الخطبة الثانية تحدّث الشيخ الصفّار عمّا يمكن استفادته من الحدث السياسي الأبرز خلال الأسبوع الماضي، وهو نتائج الانتخابات التركية، التي صعدت بشكل أقوى من السابق بحزب العدالة والتنمية، ذي الأصول الإسلامية.
فالعودة إلى الانتماء الديني في المجتمعات الإسلامية في حال تُرِكَت هذه المجتمعات تختار هويتها وتوجهاتها السياسية والثقافية كان من أبرز الرسائل التي وجّهها الشارع التركي في هذه الانتخابات.
هذا بالإضافة إلى الأنموذج الراقي والحضاري في هذه التجربة، التي جاءت على خلفية التنافس والصراع الحادّ على رئاسة الجمهورية التركية بين الأحزاب المنتخبة في البرلمان التركي، حيث اختارت الحكومة والبرلمان التركي الوسيلة الأكثر عقلانية لحل أي صراع حادّ في أي مجتمع من المجتمعات، وهو اللجوء إلى الشعب والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
وربما كانت الرسالة الأكثر أهمية بالنسبة لواقعنا في المجتمعات العربية والإسلامية هو تجربة الأحزاب الإسلامية في تركيا، والأسلوب المعتدل الذي سلكته للوصول إلى السلطة في بلد قائم على مبادئ العلمانية المناهضة لأي توجّه إسلامي وبتحالف مع العسكر.
مشيرًا إلى أن ما يميّز تجربة حزب العدالة والتنمية التركي هو اهتمامه بمسألة التنمية البشرية في بلده، وهذا ما جرّبه الشعب التركي، الذي عاش في ظل حكم هذا الحزب أفضل فترة في مسألة التنمية والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، مما شجّع كثيرًا من التوجهات القومية والعلمانية على اختيار مرشّحي حزب العدالة والتنمية دون بقية الأحزاب الأخرى.