الشيخ الصفّار متحدثًا عن الإصلاح في سياسة الإمام علي (ع): القيادات مسؤولة عن المبادرات الإصلاحية
تحدث سماحة الشيخ حسن الصفّار ـ حفظه الله ـ في خطبة الجمعة الأولى[1] عن الدور الإصلاحي الذي قام به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ممهّدًا لذلك بالحديث عن ضرورة استمرار عملية الإصلاح والمراجعة في أي مجتمع وأي أمة من الأمم، وبخاصة تلك الدول المتأخرة في المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية.
معتبرًا القيادات السياسية والدينية الفاعل والمؤثّر الأول في اتخاذ نهج الإصلاح والتغيير في أي مجتمع من المجتمعات، وفي هذه النقطة صنف هذه القيادات إلى أربعة أقسام: قيادات فاسدة متخلفة، لا يرجى منها أي خطوة في اتجاه التقدّم وإصلاح الوضع الفاسد في مجتمعاتها. وقيادات لا تملك الرؤية المستقبلية والواعية التي تمكّنها من اتخاذ خطوات صحيحة في سبيل الإصلاح والنهوض بواقع هذه المجتمعات. وقيادات تملك الوعي والمعرفة، ويمكنها اتخاذ خطوات إيجابية في عملية الإصلاح الاجتماعي والثقافي والسياسي، ولكنّها لا تقدم على هذه الخطوات بفعل الضغوط والاعتبارات الاجتماعية والسياسية الممانعة.
وبقي من هذه القيادات الفاعلة في المجتمع تلك القيادات الواعية والجريئة في مبادراتها الإصلاحية، وهذه القيادات في مجتمعاتنا تعدّ نادرة، ومحاصرة في طروحاتها والمبادئ التي تدعو إليها.
وفي هذه النقطة دعا سماحة الشيخ الصفّار إلى ضرورة الالتفاف حول هذه القيادات وتشجيعها، وتقديم الدعم لها، وذلك في سبيل النهوض بواقعنا الاجتماعي والديني والثقافي والسياسي إلى أفضل مما هو عليه.
منتقدًا في الوقت نفسه بعض مظاهر الممانعة في اتجاه الإصلاح، فدعا إلى عدم تقديس وترسيخ الحالة السائدة في أي مجتمع، وإلى ضرورة التفكير الجدّي في كل جديد يطرح على الساحة، لعلّ فيه الخير والنفع والحق، وربما كان في رفضه وقبول السائد مضرّة لمجتمعنا وواقعنا.
وكذلك دعا القيادات إلى عدم الرضوخ لقوى الضغط والممانعة، والإصرار على ما تعتقد بصحّته، لأن خدمة المبدأ والدين أولى من الرضوخ لهذه القوى والأطراف.
مشيدًا بالتجربة العلوية لأمير المؤمنين في الإصلاح والتغيير الذي مارسه في فترة حكمه، حيث قام الإمام بنشر ثقافة جديدة قائمة على احترام القيم والمبادئ والعودة إلى المنابع الأصيلة للدين، وإقامة العدل في المجتمع، وذلك عبر العديد من الخطب والرسائل والكتب والتوجيهات والنصائح، التي يمثّل كتاب نهج البلاغة جزءًا قليلاً منها.
كما أن الإمام مارس دورًا مهمًا في عزل الولاة الفاسدين والطبقة المستغِلَّة أثناء فترة حكمه، رغم ما عاناه وما تحمله من ضغوط في سبيل ذلك.
والنقطة الثالثة التي أصر عليها الإمام علي أن يطبق جميع تعاليم الدين وأحكامه في المساواة بين الناس، والعدل في العطاء، وتقديم الكفاءة، ورفض المحسوبيات، وهذا ما ألّب عليه كثيرًا من الزعامات والقيادات النافذة.
داعيًا في نهاية الخطبة إلى ضرورة دراسة التجربة العلوية في مسألة الإصلاح، لتكون هذه التجربة الأنموذج للقيادات الدينية والسياسية في ما تطمح إليه من إصلاح أوضاع مجتمعاتها.
وفي الخطبة الثانية تحدّث سماحته عمّا يمثّله الوجود الصهيوني من خطر على أمن ووضع المنطقة، وعن خطورة الاعتماد على ما يشاع من دعم تقدّمه الولايات المتحدة الأمريكية لبعض دول المنطقة، ذلك لأن أمريكا لا تقدّم هذا الدعم إلا لأجل حماية مصالحها ومصالح العدو الصهيوني ولإيجاد حالة انقسام في الصف العربي والإسلامي، ومنتقدًا الممارسات والتصريحات العلنية التي تطلقها الإدارة الأمريكية في دعمها لطرف عربي على حساب طرف آخر، كما هو الحال في الدعم الأمريكي للرئيس الفلسطيني في مقابل حكومة حماس، والدعم المقدّم للحكومة اللبنانية في مقابل المعارضة، معتبرًا هذه المساعدات والدعم ما هو إلا لأجل زرع الفتنة والشقاق في صفوف هذه الأمة.
وهو وضع يتطلّب من جميع القيادات في عالمنا العربي والإسلامي الجهر بمواقفها تجاه ما يحاك ويدبّر لشعوب هذه المنطقة، ونشر ثقافة الممانعة للتدخلات الأجنبية فيما من شأنه زرع الفتنة والاحتراب فيما بين أبناء هذه الأمة.