سماحة الشيخ الصفار يؤكد أن عاشوراء من أيام الله
أكد سماحة الشيخ حسن الصفار أن عاشوراء من أيام الله، وإحياؤها استجابة لأوامر الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ﴾. واستنكر حالة التعبئة والتهييج التي يُمارسها البعض ضد إحياء عاشوراء نتيجة رأيهم المخالف لإحياء هذه الشعائر، مؤكداً أن ذلك منافٍ لحرية الرأي، وحق الاجتهاد. مضيفاً: إن أتباع مدرسة أهل البيت يُحيون ذكرى عاشوراء تأسياً بأئمتهم فالأمر ليس طارئاً، إنما هو سنةً حسنةً سنّها أهل البيت وسار عليها أتباعهم، وكان للزمن دورٌ في تطوير أساليب الإحياء.ودعا الشيخ الصفار جمهور المصلين للاستفادة القصوى من هذه المناسبة العظيمة، وأن لا تمر عليهم مرور الكرام، مقدّماً مجموعة من التوصيات.
وأشار سماحة الشيخ في بداية خطبة الجمعة 2 محرم الحرام 1429هـ (11 يناير 2008م) أن الإنسان تمر عليه منعطفات هامة في حياته إما لمواجهةٍ تحدٍ أو لاستقبال نعمة من نعم الله تعالى، وفي كل الأحوال ينبغي للإنسان أن يستثمر هذه المنعطفات ويستفيد منها الدروس والعبر، بالصبر تارة، وبالشكر تارةً أخرى.
وأضاف: القرآن الكريم يتحدث عن مصطلح (أيام الله) وهي تعبيرٌ عن الأيام التي حصل فيها حدثٌ مصيري في تاريخ البشرية، أو مجتمع من المجتمعات. وقد أمر الله تعالى نبيه موسى بأن يُذكّر قومه بأيام الله، يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ (سورة إبراهيم، 5).
وأكد الشيخ الصفار أن الاحتفاء بالذكريات التاريخية لا يعني الانشغال بها وبتفاصيلها دون الوقوف عند الدروس والعبر المستوحاة منها.
وأشار إلى أن المسلمين بمختلف مذاهبهم يحتفون بأحداث تاريخية متعددة كالمولد النبوي، ويوم الهجرة النبوية، وواقعة بدر، وغيرها من الأحداث. مضيفاً: إن الاحتفاء بالمناسبات الدينية أو الاجتماعية بهذه الطريقة قد تحفّظت عليها إحدى المدارس الإسلامية، وهي المدرسة السلفية، فهم يرون أن الاحتفال بشكلٍ منتظم مبرمج بأي مناسبة –تاريخية أو دينية- غير مشروع وبدعة في الدين.
وأكد الشيخ الصفار أن عاشوراء تعتبر، وبلا شك، يومٌ من أيام الله، وأتباع أهل البيت يُخلّدون هذه الذكرى العظيمة لتأكيد القيم والمبادئ التي من أجلها ثار سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين . مضيفاً: إن السلطات الأموية سعت من أجل التعتيم على هذه الحادثة المفجعة، فاختلقت الأحاديث من أجل تحويل عاشوراء إلى يوم عيد.
وأشار سماحة الشيخ الصفار في الخطبة الثانية إلى أن أتباع أهل البيت يُحيون ذكرى عاشوراء تأسياً بأئمتهم فالأمر ليس طارئاً، إنما هو سنةً حسنةً سنّها أهل البيت وسار عليها أتباعهم، وكان للزمن دورٌ في تطوير أساليب الإحياء.
واستنكر الشيخ الصفار حالة التعبئة التي يُمارسها البعض نتيجة رأيهم المخالف لإحياء هذه الشعائر، مؤكداً أن ذلك منافٍ لحرية الرأي، وحق الاجتهاد. ويُضيف: إذا كان من يُمارس هذا الدور يبتغي بذلك إثناء الشيعة عن شعائرهم فهو واهم، وذلك لتأصيل هذه الشعائر عند أتباع أهل البيت ، إضافةً إلى أن التحدي يزيد الأمر رسوخاً.
وأعرب عن أمله بأن تتوقف مثل هذه الأمور، ليُترك الناس على حريّتهم في ممارسة شعائرهم المذهبية، مضيفاً: وإذا كان الاعتراض على الإحياء بسبب حصول بعض الممارسات الخاطئة من وجهة نظرهم، فهذا ليس مبرراً للتحريم، ثم إن إصلاح الأخطاء التي تحصل في الإحياء أمر داخلي ينبغي إصلاحه من داخل المجتمع الشيعي دون أي تدخلٍ خارجي.
ودعا الشيخ الصفار جمهور المصلين للاستفادة القصوى من هذه المناسبة العظيمة، وأن لا تمر عليهم مرور الكرام، وقدّم مجموعة من التوصيات:
أولاً- تكثيف الحضور في المجالس، فهي تُشكّل مدارس توعوية تثقيفية وتوجيهية، إضافةً إلى أنها تذكيرٌ بالقيم والمبادئ التي جسّدها أهل البيت في حياتهم وسيرتهم المباركة. مؤكداً أنه لا ينبغي الاستعاضة عن الحضور ببرامج القنوات الفضائية والإنترنت، رغم الفائدة الكبيرة التي تُقدّمها هذه الوسائل، إلا أنها لا يصح أن تكون بديلاً عن الحضور والمشاركة المباشرة والفاعلة.
ثانياً- التأكيد على الانتماء والارتباط بأهل البيت في نفوس الناشئة والأطفال. وانتقد الشيخ الصفار الحالة العامة في أماكننا الدينية التي لا تستوعب وجود الأطفال، معرباً عن قلقه الشديد تجاه الناشئة لعدم توفير المناخ المناسب لهم للاستفادة من هذه المناسبة بما يتناسب وأعمارهم، مشيداً بالمبادرات الشبابية على هذا الصعيد حيث إقامة بعض المراسيم الخاصة بالناشئة، ودعا إلى ضرورة التجاوب مع هذه المبادرات وتشجيعها ودعمها.
ثالثاً- الاستفادة من المحاضرات المكثّفة التي تحتضنها هذه المناسبة، ففي منطقة القطيف ما يزيد على (300) محاضرة يومياً. ويتحقق ذلك بتسجيل النقاط المهمة والهادفة من المحاضرات التي نستمع إليها، وأيضاً من خلال التفاعل مع ما نسمع بتعديل سلوكنا وإصلاح أمورنا الشخصية والاجتماعية.
رابعاً- الانفتاح على بقية المواطنين والمسلمين، بتشجيعهم على الحضور إلى هذه المجالس، والتعرف عن قرب على أسلوب إحيائها، فبذلك تتضح الصورة، وتنتفي الشبهات التي تُختلق بين حينٍ وآخر. إضافةً إلى أن ذلك يُساعد على التآلف ويخدم وحدة الأمة.
والحمد لله رب العالمين