الشيخ الصفار: مواكب العزاء ضمان لاستقامة الشباب
شارك سماحة الشيخ حسن الصفار يوم الجمعة (28/2/1429هـ) في موكب الإمام الحسن بالشويكة لإحياء مناسبة وفاة الرسول الأعظم ، بكلمة جاء فيها، بعد أن شكر القائمين على الموكب وعزّاهم بمصاب فقد رسول الله :
أيها الشباب، أيها الأحبة الذين اجتمعتم هذا اليوم لتواسوا آل رسول الله بمصابهم الأليم، إنكم تجتمعون اليوم لتواسوا الحسن والحسين.
أيها الأحبة: أنتم تجتمعون اليوم في موكب العزاء في وقتٍ يعيش فيه الحسنان أشد الآلام والحسرات وهما يودعان جدهما رسول الله.
أيها الشباب الأعزة: الذين هفت قلوبكم لرسول الله، وانشدت مشاعركم وعواطفكم ولم تمنعكم القرون المتراكمة من أن تفيض قلوبكم وجوانحكم بالحب والولاء لرسول الله، أنتم تتألمون لوفاة رسول الله بعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة، لكن ما حال الحسنين وهما يعيشان اليوم الألم في أشده وأبلغه وقد كان أمير المؤمنين يحاول تنحيتهما عن جدهما رسول الله وهما يصران على احتضانه ودموعهما تسيل، وبكائهما شديد، وخلفهما أمهما الزهراء التي تعيش اليوم الألم والحسرة وهي ترى رسول الله ترى هذا القلب العطوف والحبيب، تراه مسجى على فراش الموت أو على المغتسل، وترى المسلمين يشيعونه، لقد اشتد بكائها سلام الله عليها عندما عاد المسلمون من تشييع رسول الله فسألتهم بكل حسرة: كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب على رسول الله؟
إنها ساعة الألم الشديد، وأنتم الآن، أيها الشباب الغيارى المؤمنون إذ تجتمعون لتنقلوا للحسنين ولفاطمة الزهراء ولعلي أمير المؤمنين ولأهل البيت العزاء وتعظمون لهم الأجر، فلا شك أن هذه المواكب، وهذا الزحف منكم من أجل إعلان العزاء لرسول الله لا شك أنه دلالة على طيب أصلكم، وحسن تربيتكم، حيث تربيتم في أحضان الولاء والإيمان، لذلك دفعتكم نفوسكم بأن تجتمعوا في هذه المواكب لكي تؤكدوا حبكم لرسول الله، وعزائكم لأهل بيت رسول الله، فهنيئا لكم هذه المشاعر الولائية وهذا الجهد الذي تبدلونه لكي تؤكدوا ولائكم وإيمانكم.
أيها الأحبة: منذ بداية عاشوراء وأنتم هنا في هذا الموكب كما أمثالكم في مواكب أخرى تحيون ذكرى وأمر أهل البيت ، فأنتم مشمولون بدعاء الإمام الرضا حينما قال: رحم الله من أحيا أمرنا.
أيها الشباب الذين حملتم لواء حب أهل البيت والولاء لهم وعزمتم على إحياء أمرهم وذكرهم، هنيئا لكم هذه الأجواء الولائية الإيمانية التي تعيشونها.
ثم تحدث سماحة الشيخ عن الإساءات الموجهة في الغرب إلى شخص رسول الله ، حيث قال سماحته: إن الغرب اليوم يقود حملة سخرية على رسول الله ، هؤلاء الحاقدون المناوئون للإسلام يسخرون من رسول الله، ويرسمون الكاريكاتيرات التي يستهزئون بها على أهم شخصية عرفها التاريخ البشري، ويكتبون الكتب، ويصنعون الأفلام، ليوجهوا فيها الإهانات لرسول الله ، لكنكم اليوم في موكبكم وفي اجتماعكم تقولون للعالم أجمع لن تستطيعوا فصلنا عن رسول الله، ولن تستطيعوا الإقلال من شأن رسول الله، هؤلاء أبناء رسول الله وأحبته والمؤمنون به رغم كل المحاولات يتمسكون بنهجه.
هنيئا لكم أيها الأحبة هذا الجهد الكبير الذي تبدلونه إنكم الطليعة التي نعول عليها، ونأمل منها كل خير، رسول الله إنما انتصر وتقدم برسالته ودعوته بشباب أمثالكم، مثل علي ، وعمار بن ياسر، ومصعب بن عمير، وأمثالهم من الذين كانوا في مثل عمركم الآن، وكما ورد عنه أنه قال: «عليكم بالشباب فإنهم أرق أفئدة وأسرع إلى كل خير. إن الله بعثني بالحق نبيا فحالفني الشباب وخذلني الشيوخ» أنتم حلفاء رسول الله، أنتم الذين اعتمدت عليكم الرسالة.
حينما بعث رسول الله مصعب بن عمير إلى المدينة كان في مثل أعماركم، كان عمره ثمانية عشر سنة، وهو الذي مهد لدولة الإسلام في المدينة المنورة، وهو الذي هيأ الأجواء لهجرة رسول الله ، كان شابا في مثل أعماركم لكنّ نفسه كانت مليئة بالإيمان، إرادته كانت صلبة، لم تنجح معه الإغراءات ولا الضغوط المختلفة، وأصر على التمسك بنهج رسول الله ، أنتم كل واحد منكم اليوم يمثل دور مصعب بن عمير، إننا نريد من كل واحد منكم أن يحمل مشعل الإيمان في مجتمعه، في هذا الوطن الذي تكالبت عليه الأعداء والتحديات الداخلية والخارجية، لتصرف أبناءه وشبابه عن نهج الإيمان والتمسك، لكي يقعوا منزلقين في مهاوي الفساد والانحراف، ولكنكم أنتم أيها الشباب الأعزاء أيها المحتشدون في هذا الموكب وأمثاله من المواكب.. أنتم الضمانة لاستقامة هذا الجيل، وعليكم المعول في محاربة دعوات الفساد، وتيارات الانحلال والانحراف، اجتماعكم في هذا الموكب يوفر لكم أهم ميزة تحتاجونها وهي الأجواء الطيبة، والأقران الصلحاء، إن الخطر الشديد على أي شاب في هذا العصر هو أن يسقط في مهاوي الأقران والشلل الفاسدة المنحرفة التي تقوده إلى الانحراف والفساد، ولكن هذه المواكب هي التي تحفظ أبناءنا وشبابنا، إذ توفر لهم أجواء الخير والفضيلة والصلاح، وتجمعهم مع قرنائهم الصلحاء الذين يدفعونهم إلى خط الهدى والاستقامة وتحمل مسئولية الرسالة، إننا نأمل من هذا الموكب وأمثاله من المواكب الخير الكثير، ولكن هذا لا يتحقق إلا بتعاون المجتمع معها، وتفاعل الشباب داخل المواكب.
ثم توجه سماحته للشباب ليحثهم على النجاح و العمل:
أيها الشباب: عليكم أن تتفاعلوا مع برامجكم، وأن تكونوا ناجحين في حياتكم، نريد منكم أن تكونوا نماذج صالحة، جادين في دراستكم، ملتزمين بالمواظبة على الصلاة، وحضور المساجد، عاملين من أجل محاربة المنكر، ونشر المعروف، هذه المواكب هي مدارس نستلهم منها القيم الفاضلة.
وختم سماحة الشيخ كلمته بالدعاء لهم: جزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لإنجاز تطلعاتكم، وكأني بهذا المشهد العظيم المبارك وهو يتكرر في يوم القيامة حول رسول الله إن شاء الله سنكون في المحشر كما نحن مجتمعون اليوم في هذا الموكب سنجتمع في ظل رسول الله ، وستكونون من المحظوظين بشفاعته وشفاعة أهل بيته ما دمنا سائرين على خطه ونهجه، أسأل الله لكم دوام التوفيق، وأسأله لكم عظيم الثواب وأرجوا أن تعرفوا موقعيتكم عندنا وفي مجتمعكم، أنتم الطليعة التي نفتخر بها، أنتم الجبهة التي نعتز بصمودها في وجه الانحراف والفساد، أنتم الأمل الذي نتوخى منه نشر أجواء الوعي والفضيلة، زادكم الله توفيقا وزادكم اجتماعا وزادكم الله تمسكا بنهج أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، وأسأل الله لكم ولكل المواكب كل الخير والثواب، ووفقنا الله وإياكم على الالتزام بنهجه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.