الشيخ الصفار يُقارن بين قمة المؤتمر الإسلامي وقمة الاتحاد الأوروبي
قارن سماحة الشيخ الصفّار بين قمة المؤتمر الإسلامي وقمّة الاتحاد الأوروبي في مدى تمثيل كلا القمّتين للإرادة الشعبية العامة، وفي المستوى المؤسساتي الذي تعيشه الدول المشاركة في القمّتين، وأيضاً الخطط وبرامج التنمية والتطوير التي تطرحها القمّتان، إضافةً إلى إرادة التعاون بين المشاركين في كلا القمّتين، منتهياً به الموضوع إلى الفرق الشاسع بين ما يعيشه العالم الإسلامي من وضعٍ مهترٍ وبين الوضع المتقدم الذي تعيشه تلك الدول.
وأشار في حديثه إلى أن قيام منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1969م انما جاء رداً على العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، لكن قضية فلسطين لم تحظ بالاهتمام الجاد، ولم ينته العدوان على المسجد الأقصى.
وفي سياقٍ آخر تحدث عن أسبوع المرور الخليجي24 مؤكداً أهمية الاهتمام بهذه المناسبة على المستوى الاجتماعي العام وليس على المستوى الرسمي فقط، ومركّزاً على ضرورة نشر الوعي بقوانين المرور حتى نقي المجتمع أخطاء الحوادث المتكررة.
أشار الشيخ الصفار في بداية خطبة الجمعة 6 ربيع الأول 1429هـ (14 مارس 2008م) إلى أن القرآن الكريم حينما يتحدث عن أوضاع الأمم السابقة إنما من أجل أخذ الدروس والعبر خصوصاً وأن الأمة الإسلامية كانت في مرحلة النشوء والتكوين فهي بحاجة ماسة للتعرف على تلك التجارب والاستفادة منها.
وبين أن القرآن الكريم ركّز على تاريخ الأقوام التي أظهرت العداوة للأمة الإسلامية حتى تتعرف الأمة على مكنونات هذا العدو وتستطيع مواجهته، وكان من أبرز تلك الأقوام اليهود، ولذا تكرر ذكر صفاتهم وأوضاعهم في القرآن الكريم. وأضاف: وباعتبار أن تاريخ اليهود فيه الكثير من الدروس والعبر التي ينبغي الاستفادة منها كان ذلك عاملاً مهماً في تكرار الحديث عن اليهود في القرآن الكريم.
وأكّد الشيخ الصفار أن أوضاع الأمم ليست ثابتة، وإنما قد تعيش بعض الأمم وضعاً معيناً في فترة زمنية ثم يتغير ذلك الوضع، سواءً من كونه سيء إلى حسن، أو العكس.
وأشار إلى قوله تعالى: ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ مبيناً أن هذه الآية تتحدث عن صفتين رئيسيتين كان المجتمع اليهودي يُعاني منهما، وهما:
- الصراعات الداخلية العنيفة.
- عدم التوافق في المقاصد والتوجهات والنوايا.
مؤكداً أن هاتين الصفتين خطيرتان جداً، وهما مرتبطتان بعضهما، إضافةً إلى أنهما من أعظم ما يُمزّق وحدة الأمة لذا كان من الضروري على الأمة أن تتجنب الوقوع في هذا الفخ الخطير.
وقارن الشيخ الصفار بين الوضع الراهن للأمة الإسلامية وبين اليهود مؤكداً أنهم تجاوزوا حالة الصراعات الداخلية وعدم التوافق فيما بينهم، ولكن المسلمين بعد أن كانوا ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، أصبحت هاتان الصفتان متمركزتين في الوضع الإسلامي بشكل ملحوظ.
وأضاف: لقد استطاع اليهود أن يجعلوا لهم قيمة عليا على مستوى العالم، بحيث أصبح الدم اليهودي غالي الثمن، بل لا يستطيع أحد أن يُشكك فضلاً عن أن يطعن في المحرقة اليهودية (الهولوكوست). بينما تجد أن نبي الإسلام محمد يتعرض بين حين لآخر لرسومات ساخرة، وتؤلف كتب تسخر من القرآن الكريم وهو دستور المسلمين الأعظم، كما تُنتج أفلام للحط من قدر المسلمين، وليس هناك من يعترض أو يُعلن موقفاً شجاعاً تجاه ذلك، ولو قام البعض بمواقف فهل يُحسب لهم حساب.
وأكد أن الآية الكريمة: ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾، توضّح السبب الحقيقي وراء ذلك.
وانتقد الشيخ الصفار الموقف الإسلامي والعربي العام تجاه المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين، مؤكداً أن هذه المقاومة هي التي ستُعيد للأمة مجدها، ولا يُمكن أن يكون هناك سلام عادل بين اليهود والمسلمين طالما أن المسلمين يعيشون حالة الضعف، مبيناً أن القوة التي تحتاجها الأمة لا تتمثل في قوة السلاح وحسب، بل تتعداه إلى قوة الاقتصاد والعلم والتنمية.
وأشار إلى أن المسلمين من أجل أن يواجهوا هذا العدوان الصهيوني قاموا بإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1969م، ومن ذلك الحين لم يتغير وضع المسلمين بل ازداد سوءً، وأعظم من ذلك هناك الكثير من الدول العربية والإسلامية ترى بأن لا مجال إلا الاعتراف بإسرائيل وضمن شروط إسرائيل نفسها.
وأضاف: في الوقت الذي ستنعقد فيه قمة المؤتمر الإسلامي تنعقد أيضاً قمة للاتحاد الأوروبي، وشتّان بين القمّتين، مسلّطاً الضوء على بعض الفروقات الجوهرية بين القمتين:
أولاً- مدى تمثيل الإرادة الشعبية، ففي القمة الأوروبية كل زعيم يُمثل إرادة شعبه، بينما الأمة الإسلامية لا تعيش هذه الحالة المتقدمة في نظام الحكم في الكثير من بلدانها.
ثانياً- المستوى المؤسساتي، فالمجتمع الأوروبي تحكمه مؤسسات، بينما العالم الإسلامي في غالبه تحكمه القرارات الفردية أو الحزبية.
ثالثاً: خطط التنمية والتطوير، ففي القمة الأوروبية تناقش خطط للتنمية والتطوير، إذ من المقرر مناقشة: مشروعاً لمعالجة تلوث البحر المتوسط، وتحسين وصول مياه الشرب، وخطط لاستخدام الطاقة الشمسية، وإنشاء طرق بحرية سريعة. أما القمة الإسلامية فكيف لها أن تُناقش مثل هذه المشاريع وهي تقبع تحت وطأة الصراعات الداخلية والخارجية، إذ أن الكثير من الدول الإسلامية المشاركة تعيش وضعاً مأساوياً العراق والصومال وأفغانستان والسودان ولبنان، وغيرها.
رابعاً: إرادة التعاون، إذ أن القمة الأوروبية تنعقد من أجل بلورة التعاون فيما بينهم، بينما نجد ان إرادة التعاون في العالم الإسلامي تعاني من هزال وضعف شديد..
وعلّق الشيخ الصفّار على هذه النقطة بأن الزعماء العرب والإسلاميين لا يُلامون كثيراً على هذه الحالة، إذ أنها أقرب إلى أن تكون حالة عامة في المجتمعات الإسلامية، ففي مجتمعاتنا الصغيرة وبين فئات المجتمع المحدودة قلّ أن تجد هناك تعاوناً مشتركاً يخدم المصالح العليا، فبين العلماء ليس هناك تعاون، وبين الوجهاء كذلك، وأيضاً بين رجال الأعمال، وكذلك بين الناشطين في المجال الثقافي والديني، فعندما نجد هذه الحالة متكررة بين الزعماء إنما هي تكشف عن واقع عام يعيشه المسلمون فيما بينهم.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن تجاوز هذه الحالة يكمن في تغيير العقلية والنفسية التي يعيش بها إنسان المجتمع الإسلامي.
بمناسبة أسبوع المروري الخليجي24 تحدث الشيخ الصفار عن أهمية هذه المناسبات وضرورة توسيع دائرة الاهتمام بها من الإطار الرسمي إلى الإطار الشعبي والاجتماعي العام، حتى يشعر كل واحد بأنه معني بالأمر. مؤكداً أن مسؤولية هذا الأمر تتحملها الجهات الرسمية بالدرجة الأولى، والناس أنفسهم يتحملون جانباً من المسؤولية أيضاً، فكما يهتم المجتمع بالمناسبات الدينية ويُقدّسها ينبغي كذلك الاهتمام بهذه المناسبات وإشاعة ثقافة عامة في المجتمع لتأكيد أهمية هذا الأمر.
وأضاف: إن الشارع المقدّس يأمرنا بالمحافظة على أنفسنا والتزام قوانين المرور من أبرز مصاديق ذلك، إذ أن أغلب الحوادث المرورية سببها الأخطاء التي تُرتكب أثناء قيادة السيارة. والقرآن الكريم ينهانا عن أن نؤذي أنفسنا أو نؤذي الآخرين، يقول تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.
ومن ناحية عقلية فإن علينا أن نكون واعين بمصالحنا، فليس من الضروري أن يكون هناك قانون فرض عقوبة حتى يلتزم الإنسان بما فيه مصلحة له، فقطع إشارات المرور، وعدم ربط حزام الأمان، واستخدام الجوال أثناء القيادة، كلها تُسبب ضرراً كبيراً للإنسان والتزامها من مصلحة الإنسان نفسه، فلماذا يكون هناك تهاونٌ في تطبيق هذه القوانين.
وأشار الشيخ الصفار في حديثه عن أسبوع المرور الخليجي24 إلى الإحصائيات الرسمية حول الحوادث المرورية ففي العام المنصرم 1428هـ حصل في المنطقة الشرقية وحدها (62) ألف حادث مروري، راح ضحيتها (900) شخص، إضافةً إلى آلاف الإصابات والإعاقات.
وفي محافظة القطيف وحدها: (13258) حادث، راح ضحيتها (72) شخص توفوا.
ومن داخل مدينة القطيف نفسها توفي بسبب الحوادث: (33) شخص.
وتُشير الإحصائيات إلى أن الفئة العمرية في أغلب المتوفين تتراوح بين 18 – 29 سنة. أي أن الضحية الكبرى من فئة الشباب، وفي ذلك خسارة كبيرة للمجتمع، مما يستدعي أن ندق ناقوس الخطر، وأن يتوجه الجميع لهذا الجانب المهم.
وأكد في ختام الخطبة على أن الوعي بقوانين المرور هو الحصانة الأساسية لتجاوز هذه الحوادث، إضافةً إلى الوعي العام الذي يجعل الإنسان يتجه إلى ما يخدم مصالحه وأهدافه ومصالح مجتمعه بشكل عام.
والحمد لله رب العالمين