الشيخ الصفار: الغلو والتساهل في الدين خطران يهددان المجتمع الإسلامي
ضمن نشاطات لجنة " المواهب المتعددة " الثقافية النسائية بالخويلدية, استضافت حسينية سيد الشهداء مساء يوم الخميس 5 / 4 / 1429 سماحة الشيخ حسن الصفار, حيث بدأ حديثه منطلقا من قوله تعالى:
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ﴾ (171) سورة النساء.
حيث أعطى سماحته لمحة مختصرة عن الآية, موضحا النهي الشديد الوارد في الآية من قبل الله تعالى لأهل الكتاب, وحين يحذر الله أهل الكتاب فإن التحذير لا يتوجه لتلك الأمم فقط, بل هو موجه كذلك للمسلمين, حتى لا يقعوا في الأخطاء التي وقعت فيها الأقوام السابقة.
ثم بين سماحة الشيخ أن هناك خطرين يتهددان المجتمع الإسلامي هما: خطر الانحراف عن الدين والميوعة والتساهل في الأخذ بإحكامه، وخطر الغلو والتزمت والتشدد الديني.
وأوضح سماحته أن الدين له حدود في مفاهيمه وتشريعاته, فإذا حدث هناك زيادة أو نقص, فإنه مرفوض من الناحية الشرعية, فهو كالدواء يؤخذ بوصفة محددة مقننة, فالضرر في النقص والزيادة.
وهذا ما نراه في القضايا الدينية كالصلاة مثلا فركعاتها ثابتة دون زيادة أو نقصان.
كما دعا سماحة الشيخ الصفار إلى الاعتدال والتوسط في الأمور, مستشهدا بقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾ (143) سورة البقرة.
وكذلك ما ورد عن الإمام علي ـ عليه السلام ـ قوله " اليمين واليسار مضلة, والجادة الوسطى".
بعد ذلك تكلم سماحته عن انتشار ظاهرة الغلو والتزمت الديني في هذا العصر, مرجعا أسبابها إلى عدة أمور منها: الإقبال المتزايد على الدين, فعلى عكس ما كان عليه الحال في العقود الماضية, حيث أن المساجد والحسينيات تكاد تكون فارغة من الشباب والشابات, وكان الالتزام الديني في مجمله ضعيفا، لكنه نما بفعل الصحوة الإسلامية, مما أوجد الحماس, والاندفاع لحالة التدين وهذا انعكس إيجابا بدوره على معنويات المتدينين.
كما أن حالة الركود لدى بعض التيارات الدينية المحافظة, التي لا تملك برنامجا ثقافيا أو اجتماعيا أو سياسيا ورغبتها في الحفاظ على دورها ونفوذها في الساحة, جعلها تثير عواطف الناس ومشاعرهم, بطرحها بعض التوجهات ذات التشدد والغلو في الساحة في مقابل التوجهات الطموحة المتطلعة, التي بدأت تمارس أدوارا مختلفة,على الصعد الاجتماعية والثقافية والسياسية.
وأضاف: لقد استفادت بعض القوى المعادية للإسلام من بعض جهات التشدد والتزمت، سواء كانت داخل الإسلام أو داخل المذهب, وأمامنا أفغانستان والعراق أنموذجان لتشويه صورة الإسلام أو المذهب وهذا ما يدعو إلى ضرورة الوعي بالزمان والمكان في الممارسات الدينية, لكي لا نصل إلى حالة الغل.
وأعاد سماحة الشيخ أسباب وجود الخرافات والأساطير في الوسط النسائي, إلى عدة أسباب ذكر منها : الحالة العاطفية لدى المرأة بطبيعتها، ومحدودية الوعي والاطلاع والثقافة, وخاصة في بعض المجتمعات, وهذا يجعلها عرضة لانتشار الخرافات والسحر والشعوذة.
مستعرضا بعض الشواهد في الممارسات العملية وخاصة في الجانب النسائي منها:
قصة عبد الله الحطاب "حلال المشاكل" التي تحرص بعض النساء على قراءتها، وهذه قصة لم يثبت لها أصل، كما قرر بعض العلماء.
وسفرة أم البنين، خاصة الاعتقاد بتأثيرها على أمور الناس.
وأوضح سماحته أن الجلسة لو كانت لتبيين فضل أم البنين ومنهجها في التعامل مع زوجها، وتضحيتها بأبنائها، وتفانيها في خدمة أهل البيت والتماسا للاقتداء بها لم يكن به أي بأس.
وأشار سماحة الشيخ الصفار إلى ازدياد ظاهرة الهوس والوسواس, مما يجعل المرأة في معرض لتلاعب الشيطان.
واختتم سماحة الشيخ الندوة داعيا إلى تجاوز هذه الحالات من خلال بث الوعي في المجتمع النسائي للاتجاه للقضايا المهمة، واستثمار النشاط عند الأخوات المؤمنات لخدمة مجتمعهن.
هذا وقد تفاعلت الحاضرات مع المحاضرة, التي كان لها مساس كبير بواقع الوسط النسائي, مما نتج عنه الكثير من الأسئلة والمداخلات.