الشيخ الصفار في منتدى العوامية: الانفتاح يعني فهم الطرف الآخر و احترامه والتعاون في المصالح المشتركة
سماحة الشيخ الصفار:
- النصوص الشرعية تؤكد أن الانفتاح هو الأصل في العلاقات بين بني الإنسان مهما اختلفت الأديان، فضلاً عن المذاهب والمدارس والآراء.
- الإشكالات والتساؤلات ينبغي أن تُثار حول العلماء والمثقفين الذين يتقاعسون عن الدعوة للوحدة والتقارب، وليس العكس.
- لا فرق بين سلفي سني متشدد يتهم الشيعة بالبدعة والشرك لأنهم يخالفون رأيه، وبين شيعي متشدد يتهم من يخالفه الرأي داخل الدائرة الشيعية بأنه ضال ومبتدع.
- التنازلات تصح في بعض الأحيان في حدود المواقف الخارجية والممارسات وليس في مسألة القناعات والمعتقدات.
«الانفتاح بين التوازن والحفاظ على الثوابت» هو عنوان الندوة التي أقامها منتدى العوامية مساء يوم الخميس 25 ربيع الأول 1429هـ الموافق 3 أبريل 2008م واستضاف فيها سماحة المفكر الشيخ حسن الصفار. بدأت الندوة ـ التي أدارها الأستاذ حسين آل نمر ـ بنبذة جاء فيها:
نَكادُ نَجْزمُ بأن جميع المنتديات والمجالس الثقافية في مجتمعنا، وفي المجتمعات الأخرى أيضًا، تتناول في فعالياتها الثقافية المختلفة، أحاديث تتَّسمُ عناوينها بمفرداتٍ بدأت تطفو بصورة واضحة للعيان في وقتنا الراهن أكثر من أيِّ وقت مضى، بتعريفها وذكر مظاهرها، وسرْد إيجابياتها وسلبياتها، ومدى تقبُّل شرائح المجتمع المختلفة للأخذ بمعطياتها أو نبذها مطلقًا.
وتتنوع تلكم المفردات، على سبيل المثال لا الحصر، بين العولمة والحداثة والانفتاح على الآخر، وفي المفردة الأخيرة جِدال محتدِم، اشتدَّ أواره بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، يتأرجح بين مدٍّ وجزر، فمن قائل بعدم جدوى تبنِّيه، لما قد يورِّثه لنا من تنازل عن مبادئنا وعقائدنا المقدسة، وكذا الانسلاخ من هويتنا الأخلاقية والثقافية، وعلى النقيض من ذلك، نجد السَّواد الأعظم يميل إلى ضرورة الأخذ به، لاسيَّما في وقتنا الراهن، باعتبار أن أحد أساسيات الفكر الإسلامي يقوم على مبدأ التعددية بأنماطها المختلفة، وهو مبدأ سائد في الكون، إضافة إلى أن الانفتاح على الآخر يوفِّر ويسهِّل لنا الاستفادة من تجاربه وخبراته، وهذه الإفادة تمثل الوقود الذي ننطلق به نحو مصافِّ المجتمعات المتحضرة.
ومن أولئكم النَّفر المنادي بتبنِّي وحدة الصَّف واستثمار كل طاقات وجهود أبناء الأمة الواحدة في عملية البناء والرقيّ نحو الحضارة المزدهرة، سماحة العلامة المفكر الشيخ حسن بن موسى الصفار حفظه الله، فقد أضحى هاجسه، ولا يزال، العمل بكل ما منحه الله من همَّة ونشاط لتحقيق هذا المطلب الحضاريِّ في حيِّز الوجود، فلا ينفك في كل مناسبة إلى الإشارة إلى أهمية الانفتاح على الآخر، تلميحًا أو تصريحًا، سواءً في المحافل المحلية أو الدولية، أو في مشاركاته في الصحف والدوريات، أو في كتبه التي منها كتاب (الحوار والانفتاح على الآخر) وفيه يُطالع القارئ، ضمن ما يطالع، سرْدًا لأسباب القطيعة وسلبياتها، داعيًا إلى حوار يهدف إلى مقاصد سامية، بعد أن عدَّد مزاياه التي تسهم في نجاحه، مطعِّمـًا كتابه هذا، برصد نتائج تجربتين خاضهما بنفسه، وهما مؤتمر التقريب بين المذاهب المنعقد في البحرين، ومؤتمر الحوار الوطني في السعودية.
ومن منطلق قناعته الذاتية بجدوى المشروع، نراه يدفع إشكالات أولئك الذين يرون في مشروعه، تنازلاً عن ثوابت المذهب، وانسلاخًا من قيمه ومبادئه التي يدعو إليها، وأنهما (أي الانفتاح على الآخر وثوابت وقيم المذهب) بمثابة النقيضين اللَّذَين يستحيل اجتماعهما، حسب اصطلاح المنَاطِقَة.
ولأننا هنا، في منتدى العوامية، لسنا بصدد ترجيح كفة على أخرى، ولسنا –كذلك- في مقام نحاول فيه إقناع الحضور بأهمية وتبنِّي معطيات الموضوعات المطروحة، كان ضيفنا في هذه الليلة المباركة سماحة الشيخ حسن الصفار، ليتناول حديث الساعة بما استجدَّ لدى سماحته من تجارب ونتائج بعد كل تلك الأحداث والحوارات التي أجراها في هذا المضمار، وللمستمع العزيز أن يخرج بعد ذلك، بقناعته الذاتية التي لا يحاسبه أحدٌ عليها، مع المحافظة على روابط العلاقات الإنسانية بين الأفراد سليمة من كل خلاف أو قطيعة، بسبب رأيٍ في هذا الموضوع أو ذاك.
بعدها استهل سماحة الشيخ حسن الصفار الندوة بالتعبير عن سروره بوجوده في منتدى العوامية، وهو الذي واكب إنشاءه وتابع أخباره السارة، باعتباره منارة من منارات الفكر والمعرفة، ثم بدأ الشيخ محاضرته عن الانفتاح، التي قسمها إلى ثلاثة محاور رئيسة، نلخصها في نقاط ثلاث:
- النقطة الأولى: إن الدعوة إلى الانفتاح والتقارب والوحدة وظيفة إسلامية شرعية، وعلى المجتمع أن يحاسب من يتخلف عن القيام بهذه الوظيفة.
- النقطة الثانية: الاجتهاد وشرعية الاختلاف مبدأ متفق عليه، ولا يحق لأحد أن يتهم الرأي الآخر بالخروج والمروق من الدين بسبب ذلك، فهذا خلاف الأخلاق والدين وخلاف المنهج العلمي، والاختلاف في الرأي قائم منذ بداية تشكل ثقافة مذهب أهل البيت .
- النقطة الثالثة: ينبغي ـ أولاً ـ تحرير مواطن الخلاف، هل هذا من العقيدة والشريعة أم لا؟ ثم بعد ذلك نتحدث حول كونه تنازلاً أم غير تنازل، والجانب الثاني من هذه النقطة: لا مانع أن تكون هناك تنازلات في المظاهر والممارسات عندما تكون هناك مصلحة أعلى، وحينما تكون هناك أولويات.
ويبقى سؤال: مَنِ الذي يحدد ذلك؟، وأجيب عنه بأن الذي يحدد ذلك هم المتصدون لهذه المهام كما في أي مجال من المجالات، فحينما نقول أن الزكاة تعطى للفقراء، من هم الفقراء؟ فلا المرجع يحدد أن فلانًا فقير وأن فلانًا ليس بفقير، بل الجهة المتصدية، من قبيل الجمعية الخيرية التي تعمل دراسة حالة للمدّعي الفقر، وعلى أساسها تشخص فقره أو غناه، كأي موضوع من الموضوعات التي تحددها الجهات المتصدية الكفوئة المؤتمنة.
وبعد نهاية المداخلات والتساؤلات قدمت فقرة عن آخر الإصدارات الأدبية والثقافية في المنطقة من باب التشجيع على القراءة وتنشيط الحراك الثقافي.
تلتها الفقرة التكريمية التي خصصها المنتدى للناشط الاجتماعي، الأستاذ جعفر وهب آل ثويمر، حيث قرأ الأستاذ رشيد آل الشيخ على الحضور ملخصًا لمسيرته في الخدمة الاجتماعية، من خلال الجمعية واللجان الاجتماعية الأخرى، ثم تسلم الأستاذ جعفر وهب آل ثويمر درع التكريم من يد رئيس تحرير مجلة الواحة الأستاذ محمد باقر آل نمر، الذي أشاد باستحقاق الأستاذ جعفر لهذا التكريم، والذي وصفه بأنه يظل متواضعًا أمام خدمة الأستاذ الثويمر الاجتماعية.
كما تسلم أيضًا سماحة الشيخ حسن الصفار درعًا تذكاريًّا لمشاركته في المنتدى، وتم بعدها أخذ صورة تذكارية للحضور مع سماحة الشيخ.