الصفار رجل الدين القدوة

لم أقدر أن أُلملم أفكاري ولم أستطع أن أجمع من أحرفِ كلمات هذا الموضوعِ ما يمكن أن أعطي الشيخ الفاضل الشيخ حسن الصفار ما يستحقُ من الثناءِ والتبجيلِ, فهو أمةٌ في رجلٍ, أسمٌ لامعٌ وشخصيةٌ باررزةٌ, رجلُ دينٍ دوؤبُ الحركِة,لا يمل ولا يكل في عطائِه.

كان يسميه الدكتوُر النجيمي في إستضافة الشيخ لهُ «أحدُ رموزِ هذهِ البلادِ» في فكرهِ وعطائهِ, حكيمٌ في إدارتهِ, وجيهًٌ في قومهِ, عزيزٌ على القريبِ والبعيدِ, رجلٌ عرف قيمة العمامةِ فجسدها, لا يفرقُ في عطائهِ حتى لو تغير لون عمامتهِ, نذر نفسهُ لا لنفسهِ, رجلٌ يلتمس العذر لخصومهِ حتى يلبي آمال بني جلدتهِ, رجلٌ أحتوى الأخرين قبل أن تحتويه, إهتماماتهِ لأهلهِ وطائفتهِ تُشاركُ طموحه لهم, يُخسِر ما لنفسهِ حتى ترجحَ كفة المجتمعِ على حسابهِ, تراهُ صدراً واسعاً يخطو خُطى أهل بيتِ الرحمةِ, حياته هبةُ غيرهِ, مواقفهُ تحكي لك قصة معاناتهِ وجهدهُ, عطائهُ يُترجم لك خدماتهِ, وكُتبه تعكس لك فِكره, يعرف أن وظيفتهُ تتعدى حدودهُ, ترى البشرَ والرحابةَ على وجههِ على ما يحمل قلبَهُ من طموحاتٍ وآمالٍ لهذا المجتمع.

عندما يقع بصُركَ على منزلهِ تراهُ مميزاً لا في شكلهِ ولونهِ وتصميمهِ بل في حركتهِ وكأنك تراهُ خليةَ نحلٍ في نشاطهِ.

إذا سألت الشيخَ أفاض في إجابتهِ, لا يتلكأ في كلامهِ, وإذا أستثرتَهُ أو أستفززتَهُ في سؤالكَ شمِلكَ بطيبِ الكلمِ, يهبُ ما لنفسهِ لغيرهِ, أخلصَ للهِ فزاد حُسادُهُ, يُدركُ أن الحقيقةَ لا يجب أن تكونَ على يديهِ ولكن الوصولَ إليها هي أهم أهدافهِ.

لا ترى نواجِذَهُ عندما تُثني عليهِ قدر ما تَنتقِدَهُ على عكسِ غيرهِ.

مواقِفهُ الخدمية لأبناءِ طائفتهِ في القطيفِ والإحساءِ من أولوياتِ إهتماماتهِ, تراهُ في خطِ الدفاعِ الأولِ لمناصرةِ قضايا مجتمعهِ, لا يفرقُ في جغرافيتها, الكلُ يستحوذُ على إهتماماتهِ.

هذهِ كتبُهُ ومؤلفاتُهُ وأقلامُهُ تُرسل إليك وميضَ فكرهِ وسعةَ أُفقهِ ومدى إدراكهِ لحقيقةِ الأمورِ.

هذهِ مشاركاتُهُ وندواتُهُ المحليةِ ومؤتمراتُهُ الدولية ولقائاتُهُ التلفزيونية تضع لك الصورةَ الحقيقيةِ لجهدهِ وعملهِ المتواصلِ في خدمةِ طائفتهِ.

 قل نظيرُهُ ونَدَرَ مثلُهُ, فقد لبِسَ العمامةَ في صباه قبل بلوغهِ وترجل المنبر صغيراً فلا غرابةَ في ما وصل إليهِ من سموِ قدرهِ ورجاحةِ عقلهِ وصلابةِ إيمانهِ وفنِ خطابتهِ.

فيا ليت ثم يا ليت يتخذ من يريدُ أن ينخرطَ في سلك العلوم الدينيةِ أن يصيغَ شخصيَتهُ عاملاً لمجتمعهِ, يؤثرُ ما لغيرهِ على ما لنفسهِ, يترجمُ روح القيادةِ الدينيةِ والفكريةِ والسياسيةِ والإجتماعيةِ.

لا حدودَ لخدماتهِ, يرى أن وظيفتَهُ لا تتوقف على حملاتِ الحجِ والعمرةِ او كتابةِ عقودِ النكاحِ او إمامة المصلين او أخذ الخيرةِ, بل تصلُ إلى أن نؤمنُ بطروحاتِهِ وآراءهِ, يضعُ المعادلةَ الإجتماعيةِ في إطارها الجديدِ ويضع الفكرَ للجيلِ القادمِ في القالبِ المتغيرِ الذي ينسجمُ مع زمانهِ ومكانهِ.

لا يقود عقولَ الناسِ إلى الموروثاتِ التقليديةِ ولا يُلبسُ الحقيقةَ القابلةِ للنقدِ لباسَ العصمةِ. يُؤمنُ بأنهُ قابلٌ للنقدِ بأريحيةٍ بالغةٍ, لا يرى في ذلك بأساً, عارفٌ أن ذلك جزءاً من منظومةِ شخصيتهِ في تكاملها وسموها, لا يميل إلى التبجيلِ دائماً ولا يُسعدُ بالثناءِ الجميلِ غالباً.

نرى بصماتَهُ في نفوسنا قبل كُتُبِهِ, وآثارَه في سلوكنا قبل أقوالهِ, وفكرَهُ في عقولنا قبل أراءهِ, ينهضُ بنا إلى حيث ترتوي الأُمةُ من يبسِ العطش, ويرفعُ أُسسِ الفكر الصحيح من وعَثَاءِ التقليدِ الأعمى إلى نورِ الإبداعِ, يعيشُ فكرهم ويتألمُ من أجلهم فهو منهم وفيهم يصيبُهُ ما يصيُبهم ويُسعدهُ مايُسعدهُم, إن ألمت بهم ضائقةٌ كان المحامي عنهم والناصرُ لهم, لا يهنأ له عيشٌ ومنهم من لا يجد ما لا ينصرهُ, فهو يمثلُهُم في آلآِمهم قبل موائِدِهم وأحزانِهم قبل أفراحِهم, يَحلُ مشاكلَهم بما أستطاع وما أُوتي من نفوذٍ وجاهٍ ومكانةٍ, يُكرسُ نفسَهُ للمطالبةِ بحقوقِ مجتمعهِ المدنيةِ حسب النظم والقوانين, يعلمُ كلَ العلمِ أن وقتَهُ في خدمةِ مجتمعهِ فكراً وعملاً.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
عماد
[ السعودية - الشرقية ]: 23 / 6 / 2008م - 6:56 ص
احسنت يا سيد علي

لقد كتبت ما يجول في خاطري عن هذا الشيخ فشكرا شكرا لك على هذا المقال الرائع .
2
ن.المرزوق
[ السعودية - القطيف ]: 26 / 6 / 2008م - 12:50 م
بارك الله فيك ولقلمك الرائع الذى احسن التعبير بوصف هذا الشيخ الفاضل الذي قلما نجد امثالة من علماء الدين لما تميز بة بشكل واضح وملموس باسهاماتة بالتغير الايجابي بالمجتمع بشكل عام وعلى جميع الاصعدة..

حفظة الله ورعاة